هي تلك الأرض التي يحلّقون عبر سمائها بأجنحتهم التي تحمل أفكاراً بلا حدود، هي الحرية في الإبداع، والاستقلال بالرغبات، والانطلاق بالوعي. هنا تطل علينا براءتهم وبكارة أفكارهم بعيون متطلعة بشغف ونهم إلى عالم آخر لا يكتشفون أنفسهم من خلاله فحسب، بل ربما نجد نحن أنفسنا ضالتنا المنشودة عبر زواياه. تجدها متربعة على عرش شارع الشيخ زايد، فاتحةً أبوابها للكبار قبل الصغار ليعيشوا معها تجربة سينمائية جديدة وفريدة من نوعها. إنها دوم بوكس أرض البراءة الحالمة التي تصحبك عبر أجوائها في رحلة عبر الزمن، وتعيش معها حلماً ربما تتمنى ألا تفيق منه.. حلم أنقل تفاصيله عبر سطور مقبلة.. نجحت بجدارة أن تكون هي سبباً رئيسياً لدهشتي بعد أن أصبحت على يقين بأننا أصبحنا نعيش في زمن نجح باقتدار أن يسلبنا دهشتنا. أراها في كل زيارة تتجلى أمامي بمعمارها وناطحات سحابها ومراكزها التجارية وأسواقها وجُزرها وأسطوريتها، وعبقريتها، أتأملها وكأن عينيّ تقع عليها للمرة الأولى، وفي كل جولة تفاجئك بأنها تخفي الأسرار، وعليك أن تبذل مجهوداً حتى تكتشفها، وقتها فقط تستمتع معها بمتعة المعرفة وقيمة الجمال. دبي مدينة الأحلام والفرص، هنا فقط لن يضيع هدفك وحتماً لن تجد سقفاً لطموحك، هنا في مدينة دبي لن تجد سوى نسمات الراحة والإبهار والشجن التي تدخل صدرك من دون أي استئذان، فتجد نفسك مشدوهاً مجذوباً مسيراً لا مخيراً، مندفعاً متأملاً شوارعها وميادينها مستمتعاً بكل ما يدور حولك، حريصاً على ألا ترمش بعينيك كي لا يفوتك مشهداً من مشاهدها. تلك كانت حالتي وذاك ما كان يدور في ذهني طوال الطريق عبر سيارتنا التي كانت تشق أجواء المدينة العالمية إلى أن وصلنا إلى البوابة الرئيسية لمدينة دوم بوكس. ما إن تحط قدماك في قلب المدينة الترفيهية، إلا وتشعر بأنك عدت إلى الوراء ربما قرون من الزمان، بدءاً بديكورات المطاعم الكثيرة المنتشرة فيها مروراً بالطراز الذي بنيت عليه دوم بوكس وحتى زي العاملين في تلك المطاعم والمقاهي. استسلمت لحالة التأمل التي حاصرتني، ودفعتني دفعاً إلى أن أقتحم ذاك الباب المغلق لولا صوت سامنتانا سعد، مرافقتي في جولتي التي استوقفتني، قائلة إنه علينا أن ننتظر انتهاء العرض السينمائي وخروج الزوار حتى نستطيع اللحاق بالعرض المقبل. انتبهت لما كنت سأفعله وامتطيت مقعداً في أحد المقاهي لاحتساء بعضاً من القهوة مع سعد التي بدأت تحدثني تفصيلاً عن دوم بوكس، قائلة: هو عبارة عن مسرح مقبب يعرض أفلاماً سينمائية تعليمية وترفيهية عبر شاشة عملاقة تغطي 360 درجة، والحقيقة أنها تجربة سمعية وبصرية فريدة من نوعها تعتمد في المقام الأول على استخدام تكنولوجيا متطورة، تضع الزوار في قلب الأحداث التي تتكشف من حولهم بشكل إبداعي. يستوعب مسرح دوم بوكس نحو 80 زائراً، ويوفر مكاناً مثالياً للاستكشاف والتعلم في أجواء ترفيهية ممتعة، بحسب ما تقوله سعد. فمن خلال موقعه المميز في بوكس بارك في دبي، نجده يضيف إلى المنطقة لتصبح وجهة مثالية جديدة للعائلات التي تبحث عن مكان مناسب لقضاء أوقات ممتعة ومفيدة. قبل أن ننهي حديثنا وننطلق إلى داخل الغرفة المغلقة التي شعرت من بابها، الذي راح يتحدث عن التاريخ من خلال التصميمات والرسوم التي زينته، سألت مرافقتنا قبل أن أدخل وأرى بنفسي: هل هي مثلاً شاشة عرض ثلاثية الأبعاد؟ أجابتني على الفور: سوف أعطيك بعضاً من المعلومات عن تلك التجربة قبل أن تقع عيناكِ عليها. فالشاشة التي تتوسط (ذا دوم بوكس) قطرها 15 متراً ومثبتة على جدار 2.95 م ومحاطة بصف من مصابيح وتسهم 6 أجهزة إسقاط يتم التحكم بها عبر خوادم متخصصة في تكوين صورة فائقة الجودة نابضة بالحياة وتتميز بدقة متناهية، وتكمل 8 من مكبرات الصوت التجربة البصرية من خلال توفير صوت ضخم ومدوٍ، وأيضاً يقدم (ذا دوم بوكس) عرضاً مجهزاً بمؤثرات الضباب والرياح والروائح لإنتاج تجربة حسية مميزة. ها هو العرض السينمائي ينتهي، وها هي الأطفال بصحبة ذويهم ينطلقون إلى المقاهي ومحال البوب كورن والمثلجات. ضجة لا مثيل لها وضحكات تملأ الأجواء، وحالة من حالات التنظيم الشديد للإعداد للعرض المقبل. اعترف بأنني شدني الفضول ولم أستطع أن أنتظر حضور العرض السينمائي على بُعد دقائق صغيرة مني، فلقد كانت فرحتها ولهفتها وإصرارها على حضور العرض المقبل كفيلة أن تجعلني أقترب منها وهي ممسكة بكوب من الفوشار لأتعرف الى تلك التجربة بعيون الصغيرة صاحبة العشر سنوات، التي تدعى إيفا لونغستون. تبدأ لونغستون، حديثها قائلة: أحب عالم السينما ومشاهدة الأفلام هوايتي المفضلة. ولأنني مقيمة في دبي فأنا حريصة على أن أستمتع بوقتي خصوصاً أيام العطلات الأسبوعية، وسمعت عن (دوم بوكس) كثيراً وحضرت مع أصدقائي إليه في رحلة مدرسية ولأنني أعجبت به، فقررت أن أصحب والدتي لأنها تحب عالم السينما، ثم أنها تجربة جميلة وجديدة، نحن لا نجلس على مقاعد بل أرائك على الأرض، وشاشة السينما فوقنا، أي أننا لا ننظر أمامنا بل إلى السماء، وهنا التجديد والمتعة الحقيقيان. ثم أن الأفلام التي تعرض في هذا المكان لا تعرض في أي دور سينما أخرى، فأنا دخلت فيلم إفريقيا، وأنوي حضوره مرة ثانية، وأقنعت والدي بحضوره، لأنه يجول في أعالي الجبال وأقاصي الوديان والسهول الإفريقية، ومن خلاله رأيت جميع أنواع الحيوانات من الأفيال والزرافات ووحيد القرن والتماسيح في إحدى أروع المناطق الطبيعية في العالم. يتدخل أليكس لونغستون، والد إيفا، ليقاطع حديث طفلته قائلاً: مكان أسطوري يجمع بين عدة رسائل يقدمها لزائريه خصوصاً الذين يصطحبون معهم أطفالهم، فنحن نستفيد تثقيفياً وتعليمياً ونحقق الهدف الترفيهي من خلال (دوم بوكس)، لأن الأفلام التي نشاهدها هنا تدخل بنا إلى عوالم مختلفة مثل الفضاء والغابات وللحق تجربة تستحق التكرار ومفيدة للكبار أيضاً قبل الصغار. ما إن أنهى لونغستون حديثه إلا ووجدت مرافقتي سامنتانا تصحبني في عجلة للحاق بالعرض السينمائي الذي سيبدأ بعد دقائق معدودة، والحق أن القلم يعجز عن وصف ما رأته العين، وما شعرت به الروح من سكينة وهدوء. لم أشعر بنفسي إلا وأنا ممددة على تلك الأرائك التي تفترش أرض دور السينما ورحت في حالة من حالات الهدوء والتأمل، إذ لم أتخيل بعد كيف لي أن أظل مبحلقة في السماء لأتابع عرضاً سينمائياً، لم تدم حيرتي طويلاً، إذ بدأت المؤثرات الصوتية مع اللحظة التي يظلم فيها المكان، لحظات معدودة ووجدتني انتقل إلى عالم الفضاء، ها أنا أمتطي السفينة وانطلق لتعدو بي عبر السحاب مخترقة السماء، وها أنا أرتدي بدلة الفضاء وأغوص في أعماق الكون. 30 دقيقة بالتمام والكمال، هي مدة العرض، حين انتهى كنت نسيت مهمتي، وقررت أن أتابع الفيلم الذي يليه ومدته 20 دقيقة لأشهد موجات تسونامي ماذا فعلت بنا.. تجربة أسطورية ترى من خلالها كيف يمكن لغضب الطبيعة أن يكون قاسياً على البشر. صوفيا رزينام، الطفلة التي لم تتعد من العمر 5 سنوات، وقفت صامتة بعد انتهاء عرض تسونامي، بل ورفضت أن تلتهم المثلجات المفضلة لديها. اقتربت منها لأسألها عن إحساسها بالفيلم، فقالت ببراءة: أحب البحر وأجيد السباحة، لكنني لا أعرف لماذا تغضب أمواجه بهذا الشكل، ولكنني لن أكرهه. فقط علينا ألا نغضبه، وتضيف: أما العرض فأنا سعيدة به جداً، وسأطالب والدتي بالذهاب إلى السينما كل يوم. براندن بروك، كان سعيداً للغاية حين قرر والده أن يجعله يدخل للمرة الثانية فيلم الفضاء. يقول: أحلم أن أكون رجل فضاء، ألمس النجوم وأحط بقدمي على سطح القمر. وبالفعل شعرت بأحلامي تتحقق من خلال الفيلم وطريقة عرضه المميزة، فأنا أشعر بأنني قمت بالفعل برحلة في أعماق الفضاء، وزاد إصراري على مواصلة الدراسة بتفوق من أجل أن ألتحق بهذا المجال. ألونا مورانتا، تقول: جئت لأستمتع بتلك التجربة السينمائية التي حدثني عنها أحد أصدقائي في عملي في مدينة دبي، والحقيقة أنني استمتعت بها وأفادتني، خصوصاً فيلم الفضاء، كان مثيراً وشيقاً ومملوءاً بالمعلومات المفيدة، لذا فإن (دوم بوكس) نجح في أن ينقلني إلى عالم مختلف، ويعد تجربة سينمائية جديدة وفريدة من نوعها. مزيد من الأفلام الهادفة جان مارك بليد، المدير العام لدوم بوكس يتحدث عن تلك التجربة، قائلاً: لدينا باقة من الأفلام السينمائية تقدم تجارب سمعية وبصرية مذهلة داخل الأشجار أو في أنحاء إفريقيا والفضاء الخارجي، وهي ملائمة للعائلات التي تتطلع إلى تجربة فريدة يتحدون فيها خيالاتهم ويقضون أوقاتاً ممتعة معاً. وتكمن مهمتنا في توفير قصص ورحلات فريدة للصغار والكبار على حد سواء، ونتطلع إلى إضافة المزيد من القصص العلمية والتعليمية المفيدة في المستقبل. وتتوفر تذاكر ذا دوم بوكس على شكل باقات خاصة بالأفلام. ويمكن للزوار الاختيار بين باقة بفيلمين مقابل 45 درهماً، أو باقة بأربعة أفلام مقابل 75 درهماً. وسيكون المسرح مفتوحاً من 12:00 ظهراً حتى 10:00 ليلاً من الأحد إلى الخميس، ومن 12:00 ظهراً حتى منتصف الليل أيام الجمعة والسبت والإجازات العامة. كما تقدم باقات مجموعات المدارس أوقاتاً خاصة لعرض الأفلام أيام الأسبوع بين 9:00 صباحاً إلى 12:00 ظهراً، كما توفر حجوزات الشركات والمجموعات، إضافة إلى إمكانية الحجز لمناسبات أعياد الميلاد مع الاستخدام الحصري لغرفة الحفلات ومشاهدة فيلمين وتحضير الديكورات وتوفير الأطعمة والمشروبات.
مشاركة :