حسم الشعب التونسي موقفه ومارس حقه المشروع في الضغط لإغلاق الطريق على المتاجرين بقميص «الربيع العربي» الذي ابتلينا به فابتزنا البعض ونبهنا آخرون ودمرنا الطامعون إلى السلطة والحكم والهيمنة حتى خرجوا ببلدان وأشاعوا فيها الفوضى وأشعلوا الحروب الأهلية بين مكوناتها وأطيافها من بعد استقرار وأمن فقدوه حتى باتوا يتجرعون العذاب كل يوم وقميص ذلك الربيع المشؤوم مرفوع على الرايات المهترئة. استثمروا واستنزفوا وجع ذلك التونسي الذي خرج غداة وصول ربيعهم يصرخ «هرمنا» لكنهم لم يستمعوا له بعد عشر عجاف من الألم المحض وهو يقول «ندمنا». شاهدنا نفس ذلك التونسي البسيط قبل أيام فقط يستذكر صرخته بالصوت والصورة ليختتم المشهد بكلمة «ندمنا». اختصر التونسي في كلمتين حكاية الحلم والوهم وقصة الواقع والخيال من خلال سيناريو الاستغلال من جميع المتاجرين بصرخته «هرمنا» حتى أرغموه بملاقاة من صدمة على كل صعيد معيشي وحياتي لأن يقول «ندمنا»، قالها بحسرة على وطنه وهو يتمزق وتستنزف خيراته ويستشري الفساد بشكل غير مسبوق، وعلى عينك يا تاجر كانت السرقات وكان النهب يجري فيما الشعب لا يجد قوت يومه ولا يأمن على نفسه من اعتقال أو اختطاف. والآن لا نريد من البعض أن يرهقنا ويدوشنا بالتنظير والتحليل وهو البعيد كل البعد بآلاف الأميال والكيلومترات عن تونس، فمن يده في النار غير الذي يده في الماء، وتحليلات الغرف المكيفة وتنظيرات المسترخين المطمئنين بعد أن تلقوا جرعات اللقاح المضادة لكورونا مجانًا وبسيرٍ لا يمكن مقارنتها بما كان يعانيه ويقاسيه الشعب التونسي الذي أوشك نظامه الصحي على الانهيار بسبب الفساد والسرقات والنهب هناك. باختصار، نقول لهم اتركوا الشعب التونسي يختار مصيره ويحدد قراره وخياره ويصحح أوضاعه ويستعيد أنفاسه وأمنه واستقراره بنفسه، فهو شعب بلغ سن الرشد منذ عقود وعقود ولا يحتاج إلى وصايات المنظرين ولا إلى فلسفة السفسطائيين الجدد، وأغلبهم قلبه ليس على شعب تونس ولكن قلبه على أشياء أخرى راحت وانتهت وأسدل الستار عليها. شعب تونس يقول لكم «لا بيعونا الحكمة» التي لا نحتاجها منكم، فنحن أحق بحكمة شعبنا ولا نحتاج لمن يدس أنفه في شؤوننا على طريقة إثارة الفتنة والتحريض والتعبئة، فلسنا على استعداد لحرب أهلية ولا تمزق يعيد فينا لإنتاج سيرة «ربيعكم» سيئ الذكر والأثر والآثار. بعضهم ممن تعرفون ونعرف أصدر أحكامه الجاهزة حتى قبل أن يقول الشعب التونسي كلمته، وسارع هذا البعض والأمور لم تتضح بعد إلى الشجب والتنديد والهجوم بما يفضح الانحياز المسبق وليس القلق على تونس وشعبها التي يهننا استقرارها وأمن مواطنها وكرامة ناسها وطمأنينة عيشها. شعب تونس لم يطرق أبوابكم ولم يقف على أعتاب منظريكم وفلاسفتكم ولا حتى خرج على فضائياتكم التي كانت بعيدة عن أحلامه وغارقة ومستغرقة في استضافة سراقه ومن نهبوا خيراته، فاتركوه الآن يرسم خريطة طريقه بعيدًا عن وصاياكم فلستم أوصياء عليه. وأخيرًا نقول لكم، تونس ليست بحاجة إلى بوعزيزي آخر تتاجرون بموته احتراقًا، فقد سقط القناع عن ربيعكم المزعوم وأسدلت تونس الستار الأخير عليه واستعادت ياسمينها الحقيقي.
مشاركة :