مشاهدات عبدالله بشارة!

  • 8/4/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تلقيت بيد من الشكر والتقدير، نسخة مهداة من أستاذنا في العمل والدبلوماسية السفير عبدالله يعقوب بشارة، والكتاب حمل عنوان "مشاهدات عبدالله بشارة... بين الخارجية والأمم المتحدة 1964- 1981". والحقيقة أنني بعدما أتممت قراءة هذا الكتاب القيّم بضخامة حجمه والمُثقل بالأحداث، حيث يربو الكتاب على أربعمائة صفحة! أستطيع القول... يا أبا معتز، إن تواضعك وعلاقاتك الأخوية مع الجميع جعلاك تضع له عنوان مشاهدات!! بينما الأحداث والمعارك الدبلوماسية الضخمة، التي خضتها في أروقة الأمم المتحدة، وخصوصاً عند ترؤسك مجلس الأمن عام 1979، جعلت منك متحدثاً ومناوراً ومفاوضاً ومتخذ قرار، وذلك مما يرفعك شرفاً ليفتخر بك وطننا العزيز الكويت. إن رئاسة عبدالله بشارة لمجلس الأمن، معناها أن الكويت تقود العالم أجمع، وما كان يُصدره مجلس الأمن من قرارت يعتبر من أخطر وأقوى القرارات المصيرية! شهادتي في أبو معتز الحقيقة مجروحة؛ لكوني عملت معه فترة من الزمن، قبل أربعين عاماً، حين أرسلتني وزارة الخارجية مع مجموعة من الشباب الدبلوماسيين إلى الأمم المتحدة، للتدريب والعمل، وكان عمري ذلك الوقت لم يتجاوز الخامسة والعشرين، وبقدر انبهاري من أجواء نيويورك الصاخبة، إلا أن انبهاري الأكبر هو بطريقة إدارة هذا "النوخذة" الجادة والمخلصة للعمل! ولا يخفى على من يقرأ هذه السطور، فكان اجتماع يُعقد كل صباح برئاسته وليس بمكتبه كما يفعل بعض المسؤولين الآخرين، بل في غرفة الاجتماعات ليأخذ الطابع الرسمي الجاد! ويتجسد الآن المشهد أمامي بوضوح كأنه فلم سينمائي، وأرى الجالسين على الطاولة... أعضاء وفد الكويت الدائم في نيويورك، وأستطيع تذكر الإخوه جميعاً: عبدالمحسن الجيعان، وعلي الزيد، ونبيلة الملا، وضرار الرزوقي، وعلي السماك، وصلاح العثمان، وجاسم المباركي، وجميعهم أصبحوا سفراء للكويت فيما بعد! يفتتح السفير عبدالله بشارة الجلسة، بتقديم تقرير لأهم القضايا والأحداث الدائرة في العالم، وخصوصاً التي على بساط البحث في الأمم المتحدة، وكذلك عن اجتماعاته مع رؤساء وفود الدول المختلفة، ثم يتحدث كل أعضاء وفد الكويت الدائم بالأمم المتحدة عما قاموا به في اليوم السابق من نشاطات، وتدور خلال الاجتماع مناقشة وتبادل للآراء، ويستمع الجميع للإرشادات والتوجيهات... وبعد ذلك ينفض الاجتماع الصباحي، ويذهب الجميع إلى مطبخ الأمم المتحدة لإعداد الوجبات الساخنة، وأما الـ "menu" فهي ممتلئة بالوثائق والدراسات والقضايا والمشاكل التي تحتاج إلى دراسة ومناقشة وحلول وتصويت دقيق يحقق المصير والعدالة لشعوب العالم! أرجو من قارئ هذه السطور تخيُّل أن هذا البرنامج يتكرر كل يوم من الصباح حتى المساء، بقيادة السفير عبدالله بشارة! وليدرك بعض الموظفين الجالسين وراء المكاتب الفارهة، والذين يحتسون المشروبات الساخنة والباردة، ويلعبون ساعات طويلة في جهاز الهاتف، أن العمل الدبلوماسي مسؤولية شاقة ومتعبة، ولا يدركها إلا من كابدها وخاض غمارها! ما تحدثت عنه لمحات موجزة، ولم أُوفِّ صاحبها حقه، ولو عرفنا وتتبعنا مسيرة حياة السفير عبدالله بشارة في الخارجية والأمم المتحدة ومجلس التعاون لأدركنا أنه رجل أدى مهام بطولية ويستحق كل ثناء وتقدير وأرقى أنواع الأوسمة والنياشين عن جدارة.

مشاركة :