بينما ندد رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة، بـ«المؤامرات والدسائس والمكائد» التي تحاك، ضد بلاده وشعبها، أعلن أمس عن إقالة قائد سلاح الدرك واستبداله بآخر من الجهاز نفسه الذي لاحق القضاء العسكري كبار مسؤوليه بتهم الفساد و«الخيانة»، فوضع بعضهم في السجن ولاحق آخرين بمذكرات اعتقال دولية. ونقل بيان لوزارة الدفاع، أمس، عن شنقريحة أنه «طالما حذَر من المؤامرات والدسائس، وهي ليست من نسج الخيال، كما يدعي بعض المشككين، بل حقيقة واقعة أصبحت ظاهرة للعيان، ويدرك خلفياتها العام والخاص، وما الحملة المسعورة المركزة الموجهة ضد بلادنا وجيشها، على منابر بعض وسائل الإعلام الأجنبية، وفي شبكات التواصل الاجتماعي، إلا الجزء القليل البارز من هذه الحرب القذرة المعلنة ضد الجزائر، انتقاماً منها على مواقفها المبدئية تجاه القضايا العادلة، وغيرتها على سيادتها الوطنية، وقرارها الحر الذي يأبى الخضوع والخنوع». وأكد الفريق شنقريحة، أن الجيش الوطني «سيعرف كيف يتصدى لكل الذين يكيدون للوطن، ويتربصون به السوء، مسنوداً في هذه المهمة السامية بالشعب الجزائري الأبي». ولم يوضح قائد الجيش من يقف وراء «الحملة» و«الحرب». كما لم يذكر من الذي أو الذين، «يكيدون للوطن» ويريدون «الانتقام من الجزائر بسبب مواقفها من القضايا العدالة». ويقصد بـ«القضايا» على الأرجح، القضية الفلسطينية ونزاع الصحراء اللذين تعتبرهما الجزائر أحد أهم ثوابت سياستها الخارجية. وكان شنقريحة يتحدث بمناسبة تنصيب قائد جديد لسلاح الدرك، بالعاصمة، هو العميد يحيى علي ولحاج خلفاً للواء نور الدين قواسمية الذي جاء إلى هذا المنصب في 03 أغسطس (آب) 2020. وعين ولحاج في اليوم نفسه قائداً لأركان قيادة الدرك. والتعيين والإقالة في المسؤوليات العسكرية الكبيرة من مهام رئيس الجمهورية بصفته وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وخاطب شنقريحة أفراد الدرك، الذين يفوق عددهم 130 ألفاً: «آمركم بالعمل تحت سلطته وطاعة أوامره، وتنفيذ تعليماته بما يمليه صالح الخدمة، تجسيداً للقواعد والنظم العسكرية السارية، وقوانين الجمهورية، ووفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار، وتخليداً لقيم ثورتنا المجيدة». وهزت فضائح فساد خطيرة جهاز الدرك في السنوات الأخيرة. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، دان القضاء العسكري قائد الدرك اللواء مناد نوبة، بالسجن 15 سنة، بعد اتهامه بـ«الثراء غير المشروع والحصول على امتيازات غير مستحقة، وسوء استغلال الوظيفة». وفي أغسطس 2020، أصدرت محكمة عسكرية مذكرة اعتقال دولية ضد خليفة مناد، العميد غالي بلقصير الذي كان قد هرب إلى إسبانيا بعد فترة قصيرة من عزله، وأخذ معه زوجته وهي رئيسة محكمة وأبناءه. وقد اتهم بـ«الخيانة العظمى» و«الاستحواذ على معلومات ووثائق سرية، لغرض تسليمها لأحد عملاء دولة أجنبية». ويعيش بلقصير حالياً، بدولة فواناتو، وهي جزيرة صغيرة بالمحيط الهادي، اشترى جنسيتها بـ130 ألف دولار، حسب ما كشفته صحيفة «الغارديان» البريطانية. من جهة أخرى، أكد شنقريحة في خطابه أنه «متفائل بالمستقبل الواعد» للبلاد، مبرزاً «فخره واعتزازه بأن الجزائر الجديدة تشق طريقها، تحت قيادة السيد رئيس الجمهورية، بخطى ثابتة نحو وجهتها الصحيحة والسليمة، وذلك بفضل وعــي الشعب الجزائري وتكاتفه مع مؤسسات دولته وجيشه، الذي يعرف دوماً في الأوقات الحاسمة كيف يحافظ على أمن واستقرار الوطن، ويَصُون وحدته الترابية والشعبية، وهو واجب مقدس وأمانة غالية في أعناقنا جميعاً، وفاءً منا للتضحيات الجسام التي قدمها شهداؤنا الأبرار». و«الجزائر الجديدة»، شعار رفعه تبون بعد وصوله إلى الحكم نهاية 2019، وردده في أغلب خطبه للدلالة على إحداث نهاية مع عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. غير أن قطاعاً من المجتمع، خصوصاً نشطاء الحراك والحقوقيين، يشيرون إلى «زيف» الشعار، بحجة أن الوضع الحالي من جانب الحريات والديمقراطية والظروف الاقتصادية، أسوأ، حسبهم، من الفترة السابقة.
مشاركة :