صدمة بين محدودي الدخل في مصر بعد قرار رفع سعر رغيف العيش

  • 8/5/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - أثار حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن رفع سعر رغيف الخبز المدعم للمرة الأولى في عقود صدمة بين محدودي الدخل في أكثر الدول العربية سكانا، في حين يترقب خبراء اقتصاد تحديد قيمة الزيادة لمعرفة مدى تأثيرها المتوقع على معدل التضخم. ويوم الثلاثاء، فاجأ السيسي نحو 71 مليون مستفيد من منظومة دعم الخبز، سواء بشكل مباشر من خلال شراء الرغيف بخمسة قروش أو من يحصلون على عشرة كيلوغرامات من الدقيق شهريا من المستودعات، بقوله "حان الوقت رغيف العيش أبو خمسة صاغ (قروش) يزيد ثمنه... غير معقول 20 رغيف بثمن سيجارة". وأبقت مصر منذ الستينات على برنامج دعم ضخم ومكلف في كثير من الأحيان يوفر الخبز الرخيص لما يقرب من 71 مليونا من سكانها البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة. وقال اقتصاديون منذ سنوات إن على مصر كبح برنامج الدعم الموسع للحد من الإنفاق الحكومي، في حين ارتفعت أسعار القمح بشكل كبير بسبب مخاوف الإمدادات في ظل جائحة كورونا. وتقول وفاء بكر من منطقة شبرا الخيمة وأغلب سكانها من الطبقة العاملة وتقع على مشارف القاهرة "لم نصدق في الأول لما عندما الجيران يتحدثون عن زيادة سعر العيش.. لقد صدمنا، كيف سنعيش والأموال كيف ستكفينا". وتضيف "العيش أهم حاجة في حياتنا". ولم يحدد السيسي في حديثه يوم الثلاثاء لدى افتتاح منشأة لإنتاج المواد الغذائية مقدار الزيادة المحتملة، لكن أي تغيير في منظومة دعم الغذاء مسألة شديدة الحساسية في أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم. وقال حسن محمدي رئيس شعبة المخابز بغرفة الحبوب في اتحاد الصناعات المصرية "قرار تحريك سعر الخبز المدعم تأخر سنوات طويلة... قرار صائب حفاظا على المواطن وعلى رغيف الخبز... ". وأضاف "لابد أن يصاحب زيادة السعر تحسين جودة الرغيف من خلال استبدال دقيق 82 بالمئة الذي ترتفع به الرطوبة إلى نوعية أفضل ولتكن دقيق 76-80 بالمئة". وتبلغ قيمة فاتورة دعم الخبز المتوقعة في السنة المالية الحالية 2021-2022 نحو 44.884 مليار جنيه بينما تحتاج الحكومة لتوفير ثمانية مليارات لتوفير الوجبات المدرسية التي تعتزم تقديمها للتلاميذ في العام الدراسي المقبل. وفي المنيا جنوب مصر تساءل أبو محمود (53 عاما) الذي يعمل عملا حرا هل يناسب استقطاع أموال من دعم الخبز لإنجاح مشروع التغذية المدرسية، وهل تغذية تلميذ واحد من أسرة واحدة أهم من إطعام أسرة بأكملها. ولم تهدأ منصات التواصل الاجتماعي منذ حديث السيسي وحتى الآن عن رغيف الخبز وسيطر عليها وسم (هاشتاج) #إلا رغيف الخبز. وقال ديفيد باتر المحلل السياسي والاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى تشاتام هاوس إن الحكومة طبقت تدابير موجهة بشكل أفضل مثل برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية. وأضاف "كانت هناك عملية تمهيد طويلة لهذه الخطوة، بما في ذلك خفض وزن الرغيف من 130 جراما إلى 110 جرامات ثم إلى 90 جراما في أغسطس الماضي". وقال "لذلك فالحديث عن أن خمسة قروش للرغيف ليست أمرا مقدسا كان موجودا منذ بعض الوقت"، مضيفا أن بعض الحسابات تشير إلى أن زيادة سعر الرغيف إلى مثليه ليصل إلى عشرة قروش بالإضافة إلى زيادة حجمه قد توفر أربعة مليارات جنيه سنويا. وأشعلت آخر محاولة لزيادة أسعار الخبز، في عام 1977 خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، أعمال شغب دامية لم تتوقف إلا بعد إلغاء القرار. يقول أحمد سعيد من محافظة الشرقية شمال شرقي القاهرة "كنا نقبل بالجودة المتدنية لرغيف الخبز، لا نستطيع الاعتماد على الخبز الحر لارتفاع أسعاره... سعر رغيف الخبز المدعم خط أحمر هناك أرامل وأيتام ليس لهم دخل ثابت". وكان هناك اختلاف واضح بين محدودي الدخل في البلاد وبين أصحاب المستويات الأعلى فبينما يرى الفريق الأول أن أي زيادة في السعر تزيد فقرهم ومعاناتهم اليومية، يرى الفريق الثاني أن الخطوة مهمة ولا بديل عنها لإصلاح خلل عبء الدين في الموازنة. وانخفض معدل الفقر في مصر إلى 29.7 بالمئة في السنة المالية 2019-2020 من 32.5 بالمئة في 2017-2018 وفقا لأرقام وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية. وعادة ما يصاحب رفع الدعم عن أي سلعة في مصر ولو بشكل جزئي ارتفاع أسعار أكثر من منتج آخر لضعف الرقابة والسيطرة على الأسواق مما يسبب زيادة مؤشرات التضخم بالبلاد. وتقول رضوى السويفي من فاروس القابضة للاستثمارات المالية "طبعا أي زيادة في سعر الخبز المدعم ستؤثر على أرقام التضخم لكن لا نستطيع تحديد النسبة لعدم الإعلان عن وزن الخبز المدعم من معادلة قياس التضخم بمصر". وأضافت "المصانع هي الأخرى قد تستغل زيادة الخبز المدعم لتمرير بعض الزيادات للمستهلك نتيجة ارتفاع التكلفة التي يعانون منها من فترة بسبب ارتفاع أسعار الخامات العالمية... لكن لا يمكننا إغفال الجزء الإيجابي من القرار في خفض بنود الدعم بالموازنة وتراجع الاحتياج للاقتراض من الخارج لسد الفجوة التمويلية". وزاد تضخم أسعار المستهلكين بالمدن المصرية إلى 4.9 بالمئة على أساس سنوي في يونيو من 4.8 بالمئة في مايو أيار لكنه يظل أقل من المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي المصري حتى نهاية 2022 عند سبعة بالمئة، مع نقطتين مئويتين بالزيادة أو النقصان. وتقول عبير السيد من محافظة الشرقية "قد نستغني عن وجبة يومية لنستطيع مواصلة العيش... هناك زيادات في أسعار الكهرباء وكل الخدمات والسلع وكل ذلك فوق طاقة أي أسرة".

مشاركة :