أكد عبد الله بن سوقات المدير التنفيذي لجائزة حمدان بن راشد للعلوم الطبية أن الجائزة دعمت أكثر من 85 بحثاً علمياً بأكثر من 10 ملايين درهم، لافتاً إلى أن النتائج ليست على مستوى الطموح، ووجوب أهمية إعادة صياغة البحوث لتطبق على أرض الواقع. وأكد في حواره مع الخليج أن المجال العملي في الإمارات لا يشجع على البحث العلمي وأشار إلى أهمية أن تبنى الخطط والاستراتيجيات على دراسات قائمة في الواقع للارتقاء بمستوى الرعاية الصحية في الدولة ولفت إلى أن المركز العربي للدراسات الجينية حقق العديد من الإنجازات حيث حققت قاعدة البيانات CTGAالمركز الأول كأكبر قاعدة بيانات مرتكزة على الإثنية في العالم. * ما خطط الجائزة في دورتها الجديدة؟ تتنوع الأنشطة التي تقوم بها الجائزة من خلال مركز الجوائز والمركز العربي للدراسات الجينية ومركز التعليم الطبي المستمر ومركز دعم البحوث إلى جانب مركز المطبوعات والنشر الذي يتولى إصدار مجلة حمدان الطبية. وبالنسبة لمركز الجوائز، فكل سنتين تختار اللجنة العلمية القائمة على الجائزة موضوعاً جديداً علمياً طبياً، ويراعى في الاختيار الوضع الحيوي لهذا المرض على مستوى العالم، فبدأت منذ نشأة الجائزة في عام 1999 وحتى الآن، وتنوعت التخصصات الطبية التي كانت موضوعات لها منها على سبيل المثال أمراض القلب والعقم والسكري وأمراض الكلى وبحوث الخلايا الجذعية وغيرها وصولاً إلى أمراض الجهاز الهضمي التي تعد الموضوع الرئيسي لدورتنا الحالية 2015-2016، وعلى مدار أكثر من 16 عاماً استطاعت الجائزة أن تثبت أنها تمثل قيمة مضافة للمؤسسات العاملة في الحقل الطبي وللباحثين والدارسين في مجال العلوم الطبية لما تراكم لديها من خبرة في مناقشة الأبحاث المقدمة والسير الذاتية للعلماء والباحثين لتختار في كل دورة أبرز النشطاء في مجال الطب والبحوث المتعلقة به لتتوجهم بهذه الجائزة التي اتخذت مكانتها إقليمياً وعالمياً لمصداقيتها وشفافيتها وموضوعيتها وهي السمات التي يحرص راعيها سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية على تحقيقها واعتمادها كمعايير أولية لدراسة الأبحاث المقدمة واختيار الأشخاص الفائزين في كل دورة من دورات الجائزة. * ما المرتكزات التي تقوم عليها الجائزة لدعم البحوث؟ تعد الجائزة أول مؤسسة دعمت البحث العلمي مادياً ومعنوياً على مستوى دولة الإمارات، ونشجع مبدأ البحث الطبي عند طلبة الطب والعاملين في المجال الصحي، لأننا نؤمن أن البحث العلمي هو السبيل الوحيد للنهوض بالأمم على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويدرس القائمون على الجائزة كل بحث على حدة، وتقوم لجنة من المحكمين الدوليين باختيار الأبحاث التي سوف يتم تمويلها لضمان الحيادية الكاملة في الاختيار وللتحقق من مدى أهميتها لخدمة المجتمع الإماراتي وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع، فلا نريد أن يتحول البحث بعد إنفاق الكثير من المال والجهد والوقت عليه إلى مجرد أوراق ملقاة في الأدراج بلا فائدة تعود منه على المجتمع، فما يهمنا بالدرجة الأولى خدمة المجتمع الطبي في الإمارات من خلال نتائج الأبحاث، وتتكفل الجائزة بتمويل كافة النفقات التي يطلبها الباحث بداية من رواتب المساعدين، والمواد الكيميائية، والأدوية، والمعدات، وصولاً إلى الأجهزة اللازمة لإجراء البحث. تكريم العلماء والباحثين * تكرمون العلماء في مختلف أنحاء العالم، وتهتمون بالبحوث العلمية، هل نفذت تلك البحوث عملياً؟ كثير من نتائج البحوث التي دعمتها الجائزة منذ نشأتها وحتى اليوم نجدها مرضية، لقد قمنا بدعم 85 بحثاً علمياً بأكثر من 10 ملايين درهم إماراتي، ونضف إلى ذلك مليوني درهم تم اعتمادها مؤخراً لتمويل 14 بحثاً علمياً داخل الدولة. وهناك الكثير من نتائج البحوث التي تم الانتهاء منها ونشرها في المجلة الطبية، وأخذ بنتائجها على مستوى مؤسساتنا الصحية، ولكن هل هو عند الطموح؟ ليس على مستوى الطموح، ولابد أن نبذل جهوداً إضافية لتؤخذ النتائج وتعاد صياغتها ودراستها بحيث تطبق على أرض الواقع، ودراسة التكلفة ومكان التطبيق وفترة التطبيق، وصياغتها في إجراء تطبيقي وهذا ما نفتقده في مؤسساتنا الصحية، ولابد من تشكيل كادر يعيد صياغة البحوث وتطبيقها على أرض الواقع، لأن نتائج تلك الأبحاث بمثابة البنية التحتية التي ستبنى عليها العديد من الأبحاث الطبية في المستقبل القريب والبعيد في الدولة، خاصة أن جميع الأبحاث المختارة تتناول العديد من الأمراض المنتشرة في الإمارات، فلا نريد أن نكتفي بما قدمه لنا الغرب من أبحاث في علاج الأمراض، بل نسعى إلى أن تكون لدينا قاعدة بحثية قوية نستند إليها، إضافة إلى ذلك فإن فريق الطلبة والممرضات والأطباء الذين يعملون مع الباحث يحصلون من خلال عملهم في تلك الأبحاث على التدريب والخبرة. بحوث علمية منشورة * ما أبرز البحوث العلمية التي نشرت في المجلة الطبية الخاصة بالجائزة؟ قضية النشر أمر مهم جداً للبحوث العلمية الطبية، فأي بحث يقام في أي مجال يكون له مخرجات، ونتائجه لابد أن تنشر، والمجلات العلمية التي تنشر البحث العلمي الوصول لها صعب نوعاً ما، وبدأنا في إطلاق مجلة حمدان الطبية ونسعى حالياً لفهرستها عالمياً، فبمجرد أن ينتهي الباحث من بحثه ينشر إذا تم قبوله من الهيئة التحريرية، حتى يتسنى للمجتمع الطبي وللجهات التنفيذية التعرف الى هذه البحوث والاستفادة منها في النهوض بالخدمات الصحية في الإمارات وغيرها من الدول التي تطمح إلى التقدم والنهوض بالقطاع الطبي فيها، وحرصت المجلة على استحداث باب ثابت يستعرض المسيرة البحثية للعلماء الراحلين الذين كرمتهم الجائزة خلال دوراتها السابقة بهدف توثيق إنجازات العلماء والباحثين الراحلين ممن أثروا الساحة الطبية وساهموا في الارتقاء بجودة حياة البشر وبمستوى الرعاية الصحية على مستوى العالم. نظام التعليم الطبي المستمر * منظومة الجائزة تقوم على نظام التعليم الطبي المستمر وتم إنشاء مركز خاص للمؤتمرات والتدريب، ما نتائج التدريب؟ نتبنى برامج تدريبية، ونشجع على أن تقوم مؤسساتنا الصحية على بث روح التدريب ونحاول أن نتواصل مع جهات عالمية تقيم برامجها التدريبية في الإمارات، وطرحنا عددا من البرامج ونفذت على أرض الواقع، وعملنا برنامجاً لتخطيط وإدارة الخدمات الصحية، وأرسلنا أطباء إماراتيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية ضمن فعاليات البرنامج التدريبي بالمشاهدة الطبية الذي عقد في مستشفى كليفلاند كلينيك وسلط البرنامج الضوء على مستوى الخدمات الصحية في الخارج وكيفية تقديمها، ليعود الأطباء بفكر مختلف ولديهم الإلمام بالعديد من الجوانب الطبية والإدارية المتبعة في إحدى كبرى المؤسسات الطبية العالمية. لكن العائد من التدريب ليس على مستوى الطموح ونأمل المزيد. حرص إماراتي * هل نستطيع القول إن الأطباء الإماراتيين حريصون على البحث العلمي؟ على الرغم من الاهتمام الكبير بالبحث العلمي في مؤسساتنا الأكاديمية، والتي تعد أحد شروط تخرج الطالب من الجامعة، فإنه لا يعد شرطاً لحصول الأطباء والمتخصصين العاملين في القطاع الصحي على الترقيات اللازمة لتدرجهم الوظيفي. إن المتخصصين في القطاع الطبي يولون اهتماماً أكبر بالحصول على عدد ساعات تعليم طبي مستمر معتمدة بحضور المؤتمرات وورش العمل لأنها أحد شروط حصولهم على الترقية أكثر من حرصهم على البحث عن حل لمشكلة تؤرق المرضى أو فكرة تسهم في الارتقاء بالقطاع الصحي. يجب أن نعزز ثقافة الاهتمام بالبحث العلمي لدى القائمين على المؤسسات الطبية ولدى كافة العاملين بها كي يكون جزءاً لا يتجزأ من حياتهم العملية وممارساتهم للمهنة. العلاج في الخارج * تصرف الدولة مليارات الدراهم على الصحة، وتملك مستشفيات الدولة أحدث الأجهزة، لكن رغم ذلك ما زالت فاتورة العلاج في الخارج باهظة سواء كانت على نفقة الدولة أم على نفقة الأفراد، ما دور الجائزة في تدريب كوادر طبية ذات كفاءة عالية؟ الجائزة ليست بسلطة تنفيذية ولسنا بسلطة أكاديمية، نستطيع أن ندخل البرامج التي تثري المشهد الصحي في الإمارات، والتركيز بصورة مباشرة على تلمس القصور في عملية التكامل العام، ونتبنى برامج تدريبية لمعالجة هذا القصور، ونتبنى نتائج البحوث ونصيغها بطريقة تطبيقية لنحصل على مشهد أفضل. مستوى الرعاية الصحية * ما الطريقة المثلى من وجهة نظرك للارتقاء بمستوى الرعاية الصحية في الإمارات؟ يجب أن تبنى الخطط والاستراتيجيات على دراسات قائمة في الواقع حتى نتمكن من الارتقاء بمستوى خدمات الرعاية الصحية، قد نتطور إن اعتمدنا على الخطط غير مبنية على الدراسات ولكن لن نرتقي إلى أفضل المستويات، حاجتنا الفعلية التركيز على وضع الدراسات المبنية على الواقع في كافة جوانبنا الصحية وتقام المشاريع بناء على هذه الدراسات، وبناء على ما نحتاج وليس على ما نريد، وهذا على مستوى المنطقة وليس على المستوى الإماراتي، فعادة نجد الأنشطة تكون بناء على ماذا نريد وليس ماذا نحتاج. التكامل في خدماتنا الصحية * هل تنقصنا هذه الدراسات في الإمارات؟ الدراسات موجودة ولكن لابد أن توجه، وهناك دراسات نفذت لمجرد الدراسات فهي كم مكدس، نحن نبحث عن التكامل في خدماتنا الصحية، يفترض من القطاعين العام والخاص والقطاع الأكاديمي أن يكون بينهم تكامل وتعاون وليس تنافساً لتقديم وتجويد الخدمات، وهذا ما نسعى اليه في الجائزة، السعي لبناء هذا التكامل ومحاولات دائمة إلى التطوير في هذا الجانب لتحقيق الاستراتيجية العامة للجائزة وللدولة، وتشجيع العاملين في القطاع الطبي لدخول عالم البحث العلمي، وهذه مسؤولية جميع الجهات، ولابد أن تتبناه المؤسسات والوزارات والجامعات والمستشفيات، إذ أصبحنا نفتقر البحوث من القطاع الصحي، ونجد معظم البحوث من المؤسسات الأكاديمية، ونسعى إلى بث روح البحث العلمي في مؤسساتنا الطبية العامة. العلماء العرب والإماراتيون * ما مكانة العلماء العرب والإماراتيين في جائزة حمدان الطبية، وهل تنافس أبحاثهم العلماء الغربيين؟ الجائزة تشجع وتدعو كل الجنسيات حول العالم لتعزيز خطط البحوث والدراسات العلمية الساعية لإيجاد صيغة عالمية مشتركة للتصدي السريع للأمراض الخطيرة والأوبئة الجديدة التي سرعان ما تجتاح دولا عديدة حول العالم وتهدد استقرار البلاد وتروع المواطنين. وهكذا فإن كافة العلماء والباحثين من العرب وغير العرب متساوون أمام الجائزة لا يفضل بعضهم عن بعض سوى بإنجازاتهم ومساهماتهم العلمية في خدمة البشرية في المجال الطبي. وهنا أود أن أؤكد أنه يتحتم علينا نحن العرب أن نفتخر بالكثير من علمائنا وباحثينا العظام الذين ينافسون العلماء الأجانب في تفوقهم العلمي وإسهاماتهم في النهوض بالقطاع الطبي العالمي. والأدلة على ذلك كثيرة أذكر منها على سبيل المثال، وليس الحصر، أن الفائز بجائزة حمدان العالمية الكبرى في الدورة الأخيرة للجائزة والتي كان موضوعها الاكتشافات الدوائية هو العالم البروفيسور ماجد أبو غربية وهو أمريكي من أصل عربي. المركز العربي للدراسات الجينية مرجع رئيسي للمعلومات الوراثية قال بن سوقات: يشكل المركز بصمة مهمة لجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبي، حتى أصبح مرجعاً رئيسياً للمعلومات الوراثية لدى العرب على مستوى العالم، ومكاناً تتوحد فيه تطلعات علماء الوراثة العرب، وتمكن المركز من رسم الملامح العامة لعلوم الوراثة البشرية بالمنطقة العربية من خلال قاعدة بيانات CTGA التي توثق المعلومات الخاصة بالأمراض الوراثية في العالم العربي ومتاحة مجانا عبر الموقع، ومن خلال توسيع نطاق البحث باستخدام استراتيجية بحث شاملة في الدوريات العلمية المحكمة الوطنية والمحلية زاد عدد مدخلات قاعدة البيانات من الأمراض الوراثية إلى حوالي 1950 مدخلا من أمراض وراثية وجيناتها، وفيما يخص بيانات دول البحرين وعمان وقطر والكويت ودولة الإمارات، نجد أن الأبحاث الخاصة بتلك الدول محدثة تماما في قاعدة البيانات، إذ يصل عدد المدخلات البحثية من دولة الإمارات فقط إلى 456 مدخلاً وهذه المدخلات تنضوي تحت كل من تصنيفي الموقع المورثي والمرض، وعدد الأمراض المشتركة بين تلك الدول يعكس الدرجة العالية من التمايز المورثي بين السكان المحليين. وأضاف: حققت قاعدة البيانات المركز الأول كأكبر قاعدة بيانات مرتكزة على الإثنية في العالم وهي بالطبع تتفرد بنشر وتحليل بيانات الشعوب العربية، وتشكل مرجعاً قوياً لكافة العاملين في القطاع الطبي بأن يرجعوا لها بصورة مجانية. وعن سبب انتشار الأمراض الوراثية والجينية في الدول العربية، قال: يعاني العالم العربي ارتفاعاً نسبياً في تلك الأمراض، ويعود ذلك إلى الانتشار الواسع لزواج الأقارب في هذه المنطقة والتأثيرات البيئية والانتقائية التي تساعد على استمرار صفات وراثية معينة بالإضافة إلى غياب الوعي الشعبي للوقاية والكشف المبكر عن الأمراض الوراثية. وبالنتيجة فقد وصلت معدلات الإصابة بالعديد من هذه الأمراض إلى مستويات عالية جداً في المنطقة و الإنفاق العام لدول العالم العربي في مجال تدبير عدد من الأمراض الوراثية الشائعة يصل إلى عدة مليارات من الدولارات.
مشاركة :