الاختلاط ليس جريمة يعاقب عليها القانون | أميرة كشغري

  • 10/18/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كغيري ممن دهشوا أو استنكروا توعد اللجنة العليا للانتخابات البلدية بتغريم المرشحين من الجنسين 10 آلاف ريال حال الاختلاط داخل المراكز الانتخابية، أفترض بأن خلف هذا التوعد سببين: الأول هو الحملات التحريضية المستمرة من قبل البعض الذين لم ترق لهم فكرة مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية وساءهم أن تتحقق هذه المشاركة للمرة الأولى هذه الدورة ،فظلوا يسعون بكل طريقة لإفشال هذه المشاركة التي جاءت عكس أهوائهم. أما السبب الثاني وهو الأكثر أهمية فهو رضوخ اللجنة العليا للانتخابات لمثل هذه التحريضات ومن ثم إصدار لوائح لا تمتُّ للواقع أو للنظام بصلة. لا شك أن الخطاب السائد حول المرأة في مجتمعنا هو خطاب محافظ يميل للتشدد بشكل عام لكنه لم يصل إلى الحد الذي يقنن في هيئة فرض غرامة على الاختلاط أياً كان. فها هي المرأة ممثلة بكيانها وحضورها الشخصي في مجلس الشورى الموقر، وهو الأكثر أهمية ورمزية ودلالة. وها هي المرأة حاضرة بقوة في سوق العمل من أعلى قمته إلى أخمص قدميه. وقبل ذلك كله فالمرأة حاضرة في الحياة العامة بائعة ومشترية، مديرة ومنسّقة، طبيبة ومحللة، متحدثة ومذيعة. وفوق هذا وذاك هي حاضرة مع الرجال في الحرم المكي والحرم النبوي. إن مشاركة المرأة في الحياة العامة فرضت مشاركتها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية لتتوج هذه المسيرة ببدايات المشاركة السياسية التي جاءت باعتبارها استحقاقاً لما حققته من علم ومعرفة وكفاءة وقدرة على تحمّل المسؤولية. المرشحات في المجالس البلدية هن نساء بالغات عاقلات لهن من الخبرات والتجارب والتوازن السلوكي ما يجعلهن أكثر حرصاً من المزايدين على إنجاح هذه التجربة وتعزيز صورة المرأة الواعية التي لن يزيدها الاختلاط إلا وعياً ونضجاً، بل وسيكون لهذا الحضور أثر كبير في توعية الرجال أنفسهم بقدر المرأة وتغيير تلك الصورة النمطية الدونية للمرأة والتي رسخت في الأذهان. لذلك فالأمر لا يتطلب ذاك العناء المتزمت في «إلزام المرشحات اللاتي يرغبن في طرح برامجهن الانتخابية على الناخبين الرجال، بتعيين وكلاء ينوبون عنهن في إلقاء برامجهن، أو التعاقد مع شركات متخصصة لتولي إدارة حملاتهن الدعائية»، أو «تجنب الاختلاط وعزل مقرات النساء الانتخابية عن مقرات الرجال»، كما ورد في تصريح اللجنة العليا للانتخابات، والتي قرنت أيضاً بتحديد «عقوبة اختلاط» المرشحات بالرجال. يظل السؤال الذي طرحه رئيس اللجنة الانتخابية مثيراً للاهتمام والبحث والتحليل: «ما الفائدة المرجوة من مخاطبة المرشحة للناخبين الرجال بشكل مباشر؟» ترى هل كان يقصد أن لا فائدة - في اعتقاده الحقيقي - من مشاركة المرأة أصلاً في تلك الانتخابات، مرشحة أو ناخبة، دون أن يجرؤ على البوح بذلك المكنون؟ هو مجرد سؤال. ولكن بالمثل يمكن أن نسأل: ما الفائدة المرجوة من مخاطبة المرشح (الذكر) للناخبين (الذكور) بشكل مباشر ؟.

مشاركة :