اعتاد كثير من المدرسين اتباع الأسلوب التقليدي في التدريس الذي يعتمد على التلقين والإلقاء من قبل المعلم والاستماع من قبل المتعلمين، لكن مع تقدم الزمان وتنوع الأدوات والأجهزة الإلكترونية ودخول التكنولوجيا في حلقات التدريس صار لزاما على المعلم استخدام طرق مغايرة لجذب المتعلم وجعله محبا للتعليم. من هنا جاءت فكرة التعليم المعكوس التي تعمل على تحريك المتعلم من المنزل وقبل بث الدروس من حيث البحث والإجابة وغيرها. الصف المعكوس أو المقلوب Flipped classroom هو الإطار الذي يستطيع المعلم من خلاله إشراك كل المتعلمين في العملية التعليمية. ويقوم أسلوب الصف المعكوس على قلب مراحل التعلم في الأسلوب التقليدي، حيث يتم في التعلم التقليدي تقديم المادة العلمية في الصف، ثم إعطاء المتعلم أنشطة في هذه المادة لأدائها في المنزل، ليعود بعد ذلك في اليوم التالي إلى المعلم ليحصل على تغذية راجعة لما تم أداؤه في المنزل، بينما الصف المعكوس يعمل على قلب مراحل التعلم حيث يبدأ من المنزل من خلال مادة علمية معدة أو مختارة مسبقا من قبل المعلم (فيديو تعليمي، صور، شروحات تعليمية) تعرض للمتعلم، ويأتي المتعلم في وقت لاحق إلى المعلم ليقدم المعلم التغذية الراجعة له، ويعمل على ردم الفجوات والثغرات المعرفية التي قد تحصل، ثم يقوم بالنشاط التفاعلي وهو المحور الأساسي للصف المقلوب، وهذا ما يسمح بمجال لاستثمار وقت الحصة لإرشاد كل متعلم عن طريق أنشطة تفاعلية وعملية إبداعية. ويعد التعلم المعكوس شكلاً من أشكال التعلم المدمج الذي يقوم على الاستفادة من التكنولوجيا وتوظيفها في الفصول الدراسية، بحيث تمكن المعلم من التفاعل مع المتعلمين بدلا من إلقاء المادة العلمية بالطريقة التقليدية، ويتم هذا بشكل أكثر شيوعا باستخدام الفيديوهات التعليمية أو المواقع التعليمية التي يقوم المعلم بإعدادها ويشاهدها المتعلمون خارج أوقات الفصل الدراسي. فيكون واجب المعلم قبل الحصة هو إعداد الفيديوهات أو المواقع التعليمية التي يحتاج إليها المتعلم في دراسته، وعلى المتعلم مشاهدة ما تم إعداده، وأثناء الحصة يقدم المعلم مجموعة من الأنشطة سواء فردية أو جماعية تقوم على أساس مشاهدتهم للفيديو التعليمي فتصبح الحصة الدراسية أكثر فعالية ونشاطا من قبل المتعلمين، ويكون دور المعلم مرشدا وموجها لهذه العملية التعليمية. ويعتمد هذا الأسلوب على إطار نظري أساسه أن تكنولوجيا التعليم والتعلم النشط مفتاحان للتعلم المعكوس، وكلاهما يؤثر في البيئة التعليمية للمتعلم بشكل أساسي. ويحقق التعلم المعكوس فوائد عدة منها: التعامل مع الفروق الفردية بغض النظر عن عدد المتعلمين، وتوفير تغذية راجعة أكثر دقة للمتعلمين في الوقت المناسب، ورفع القدرات التعليمية للمتعلمين، وخلق بيئة صفية ممتعة ومتفاعلة بين المتعلمين، ومواكبة آخر التطورات في تكنولوجيا التعليم. ويسهم الصف المعكوس في تكوين علاقة وثيقة بين المتعلمين أنفسهم وبين المعلم والمتعلمين أيضا، ويسهل من عملية التعامل مع الفروق الفردية بين المتعلمين، واستثمار وقت الصف بما يلائم احتياجات المتعلمين، ويخلق المجال للتفاعل بين المعلم والمتعلمين، وبين المتعلمين أنفسهم. ويمكن استخدام هذا النوع من الصفوف المعكوسة بالدروس التي يجدها المتعلمون صعبة، أو التي تقدم مفاهيم مجردة، أو عمليات معقدة متعددة الخطوات، أو دروسا تتطلب الكثير من الممارسة. ولتقديم المادة العلمية يمكن عرض المحتوى التعليمي في الصف المعكوس من خلال أدوات رقمية سواء (مقاطع فيديو أو شروحات لدرس أو نصوص ثابتة، أو صور ثابتة) ويمكن للمعلم زيادة التفاعل والدافعية لدى المتعلمين من خلال عرض المحتوى العلمي بصورة تفاعلية لتضم مقاطع فيديو تفاعلية معكوسة أو نصوصا وصورا تفاعلية معكوسة تقدم للمتعلم التغذية الراجعة والتعلم قبل حصول اللقاء بالمعلم. من كل ما تقدّم طرحه نجد أنه يتعين على المعلم في هذه الفترة والظرف الاستثنائي استخدام هذا النوع من التعلم حتى يخرج بمستوى عال من التعليم، ويصل مع الطلبة إلى الهدف المرجو من استخدام التعلم المعكوس. { أستاذ مساعد بكلية البحرين للمعلمين
مشاركة :