مجلس التعليم العالي وتطوير مخرجات التعليم

  • 8/4/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

برئاسة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬عُقد‭ ‬اجتماع‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ (‬27‭ ‬يوليو‭ ‬2021‭) ‬واستعرضت‭ ‬فيه‭ ‬قضية‭ ‬‮«‬تطوير‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬إن‭ ‬‮«‬البحرين‭ ‬ستحافظ‭ ‬على‭ ‬ريادتها‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬نسق‭ ‬التحسن‭ ‬على‭ ‬الوتيرة‭ ‬نفسها‮»‬‭ (‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬30‭-‬7‭-‬2021‭) ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الوتيرة‭ ‬نفسها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تفي‭ ‬بمتطلبات‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬البحرين‭ ‬والمنطقة‭ ‬والعالم‭. ‬الأرجح‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬حجم‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬لمواكبتها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نادى‭ ‬به‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭.‬ ما‭ ‬يؤكد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لمجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالخبرات‭ ‬الدولية،‭ ‬وأعربت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬لقائها‭ ‬سفير‭ ‬اليابان‭ ‬وتطلعها‭ ‬إلى‭ ‬تعاون‭ ‬يرفع‭ ‬مستوى‭ ‬التعليم‭ (‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬21‭-‬6‭-‬2021‭) ‬أي‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬وإن‭ ‬الحاجة‭ ‬ملحة‭ ‬لدعم‭ ‬المسار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والفكري‭ ‬لتنمية‭ ‬مجتمع‭ ‬يتأهب‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الحداثة‭. ‬ السؤال‭ ‬الآن‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬تطوير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وماذا‭ ‬نقصد‭ ‬بالجودة‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الجهات‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬مشترك؟‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬تخريج‭ ‬كوادر‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬بمختلف‭ ‬تخصصاته؟‭ ‬أم‭ ‬تخريج‭ ‬مواطنين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الإضافة‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالمجتمع‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العلمية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬والفكرية؟‭ ‬أم‭ ‬تخريج‭ ‬مواطنين‭ ‬يتحلون‭ ‬بقيم‭ ‬إنسانية‭ ‬تحترم‭ ‬الإنسان‭ ‬والعدالة‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬واحترام‭ ‬الاختلاف‭ ‬ونبذ‭ ‬التعصب،‭ ‬أم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المتطلبات‭ ‬مجتمعة؟‭ ‬ من‭ ‬قانون‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬رقم‭ ‬3‭ ‬لسنة‭ ‬2005‭ ‬نستخلص‭ ‬أن‭ ‬مهام‭ ‬المجلس‭ ‬تنمية‭ ‬وتطوير‭ ‬المهارات‭ ‬والقدرات‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي،‭ ‬وتهيئة‭ ‬الخريجين‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والمرونة‭ ‬في‭ ‬مواكبة‭ ‬تحولات‭ ‬المعرفة،‭ ‬وتنمية‭ ‬قدرات‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬العلمي‭ ‬التحليلي‭ ‬الشمولي‭ ‬الناقد‭ ‬وحل‭ ‬المشكلات‭ ‬ابتكاريا،‭ ‬وتكوين‭ ‬قيادات‭ ‬مجتمعية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأنشطة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬بالمجتمع‭. ‬ومن‭ ‬كلمة‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ (‬موقع‭ ‬الإنترنت‭ ‬للمجلس‭) ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬مهامه‭ ‬أيضا‭ ‬‮«‬تولي‭ ‬مسؤولية‭ ‬وضع‭ ‬وإدارة‭ ‬خطة‭ ‬تنفيذ‭ ‬استراتيجية‭ ‬تطوير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‮»‬‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ضمنيا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬استراتيجية‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي‭ ‬وأن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمناء‭ ‬مكلف‭ ‬بتنفيذها‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجامعات‭. ‬فمن‭ ‬يضع‭ ‬الخطة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وما‭ ‬الآلية‭ ‬لتفعيلها‭ ‬وترجمتها‭ ‬إلى‭ ‬نتائج؟‭ ‬وما‭ ‬المعايير‭ ‬لمتابعة‭ ‬التنفيذ‭ ‬وتحقيق‭ ‬النتائج؟‭ ‬الإحصائيات‭ ‬المتوافرة‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ (‬آخر‭ ‬تحديث‭ ‬2014‭) ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬أعداد‭ ‬الخريجين‭ ‬وجنسهم‭ ‬وأعمارهم‭ ‬وتخصصاتهم‭ ‬وبلدهم‭ ‬الأصلي،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬إجابات‭ ‬على‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بجودة‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬وخدمة‭ ‬المجتمع‭. ‬ من‭ ‬هذا‭ ‬السرد‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬ليس‭ ‬امتدادا‭ ‬للتعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬تعليم‭ ‬يؤهل‭ ‬لإنتاج‭ ‬معرفة‭ ‬وخلق‭ ‬مجتمع‭ ‬المعرفة؛‭ ‬ويهتم‭ ‬بدور‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬وتلبيته‭ ‬لمتطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬ودعم‭ ‬الابتكار‭ ‬وتطور‭ ‬المجتمع‭ ‬وإسهامه‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬قضاياه‭ ‬ومناقشتها‭ ‬ودراستها‭ ‬وتقديم‭ ‬حلول‭ ‬لها؛‭ ‬ويهيئ‭ ‬خريجين‭ ‬يسهمون‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد،‭ ‬ومجتمع‭ ‬الأعمال‭ ‬وسوق‭ ‬العمل،‭ ‬ويقومون‭ ‬بخدمة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التنشيط‭ ‬التنظيمي‭ ‬والثقافي‭ ‬والفكري،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬أمام‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬مهمة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬ووضع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التعريفات‭ ‬الضرورية‭ ‬للاتفاق‭ ‬على‭ ‬متطلبات‭ ‬التطوير‭ ‬وإحداث‭ ‬التقدم‭ ‬ووضع‭ ‬رؤية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬متغيرات‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬والمجتمع‭.‬ النجاح‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬الرؤى‭ ‬والخطط‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬سوف‭ ‬يعتمد‭ ‬أولا‭: ‬على‭ ‬منهجية‭ ‬إدارة‭ ‬الأداء‭ ‬وتقييمه‭ ‬والمؤشرات‭ ‬التي‭ ‬تضعها‭ ‬الإدارة‭ ‬لمتابعة‭ ‬أدائها‭. ‬ثانيا‭: ‬توافر‭ ‬تمويل‭ ‬كاف‭ ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬الدور‭. ‬ثالثا‭: ‬وجود‭ ‬التشريعات‭ ‬المناسبة‭ ‬لدعم‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬وتمكين‭ ‬الجامعات‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬والنشر‭. ‬رابعا‭: ‬وضع‭ ‬الحوافز‭ ‬للإنتاج‭ ‬العلمي‭ ‬وتطبيقاته‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭ ‬وكيف‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الحوافز؟‭ ‬خامسا‭: ‬والأهم‭ ‬سيعتمد‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬المساءلة‭ ‬وتحديد‭ ‬المسؤولية‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬النتائج؟‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الأداء‭ ‬لتحقيق‭ ‬النتائج‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬لتقييمه‭ ‬ومتابعته‭ ‬ليس‭ ‬لمعاقبة‭ ‬المقصر‭ ‬بل‭ ‬لتمكين‭ ‬المسؤولين‭ ‬وتحفيزهم‭ ‬والتوفيق‭ ‬بين‭ ‬نظرتهم‭ ‬إلى‭ ‬جودة‭ ‬المخرجات‭ ‬ومتطلبات‭ ‬النجاح‭. ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬تكريس‭ ‬بيئة‭ ‬مناسبة‭ ‬تقبل‭ ‬استخدام‭ ‬قياس‭ ‬وتقييم‭ ‬الأداء،‭ ‬كما‭ ‬تعني‭ ‬سياقا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬وتنظيميا‭ ‬مواتيا‭ ‬تستخدمه‭ ‬لإدارة‭ ‬عملية‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬وخدمة‭ ‬المجتمع‭. ‬ هذا‭ ‬يضع‭ ‬مسؤولية‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬لقيادة‭ ‬العملية‭ ‬واتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬الجودة‭ ‬وكيف‭ ‬سيقيمها،‭ ‬وكيف‭ ‬سيفسر‭ ‬النتائج‭ ‬ونشرها‭ ‬وتعميمها‭. ‬كما‭ ‬يتطلب‭ ‬منهجية‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬مشاركة‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬وتطوير‭ ‬جودة‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬مشاركة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والمسؤولين‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وسوق‭ ‬العمل‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والهيئات‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬فإن‭ ‬الاهتمام‭ ‬سوف‭ ‬يتركز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مهم‭ ‬ويعبر‭ ‬عن‭ ‬تطلعات‭ ‬المجتمع‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التنمية‭. ‬ هذه‭ ‬التطلعات‭ ‬والمتطلبات‭ ‬بجوانبها‭ ‬المختلفة‭ (‬الجانب‭ ‬المالي،‭ ‬والتعليمي،‭ ‬والبحثي،‭ ‬والتدريبي،‭ ‬والقيمي‭ ‬والأخلاقي‭) ‬يتم‭ ‬ترجمتها‭ ‬إلى‭ ‬خريطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬بمؤشرات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للتعليم‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬الدليل‭ ‬للجامعات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬لوضع‭ ‬خططها‭ ‬وبرامجها‭ ‬وسبل‭ ‬تقييمها‭. ‬السؤال‭ ‬هنا،‭ ‬ما‭ ‬موقف‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬من‭ ‬إشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬بفعالياته‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تصوراتهم‭ ‬عن‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والمتطلبات،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للبحرين‭ ‬ولكن‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الرؤية‭ ‬تشمل‭ ‬استقطاب‭ ‬طلبة‭ ‬من‭ ‬المنطقة؟‭ ‬لذلك‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الجهد‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬لتطوير‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬سيكون‭ ‬كبيرا‭ ‬ونتمنى‭ ‬لها‭ ‬التوفيق‭.‬ drmekuwaiti@gmail‭.‬com‭ ‬

مشاركة :