لامست الليرة التركية الخميس أدنى مستوياتها مقابل الدولار الأميركي في أسبوع بفعل مخاوف حيال السياسة النقدية، بعد أن قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن أسعار الفائدة ستنخفض. وبلغت الليرة 8.558 مقابل الدولار بحلول الساعة 06:32 بتوقيت غرينيتش، لتهبط من إغلاق عند 8.48 الأربعاء، وهو أدنى مستوياتها في أسبوع. وخسرت العملة قرابة 12 في المائة منذ بداية العام الجاري. وفي مقابلة جرى بثها، قال إردوغان إن التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى في عامين في يوليو (تموز) الماضي سيتباطأ بعد أغسطس (آب)، وإن أسعار الفائدة ستهبط، مكررا معارضته المستمرة منذ أمد بعيد لأسعار الفائدة المرتفعة. وقال إردوغان إنه يأمل في أن ينمو الاقتصاد التركي بأكثر من سبعة في المائة هذا العام. وأظهرت بيانات رسمية أن التضخم قفز إلى 18.95 في المائة الشهر الماضي، مقارنة بنسبة 17.53 في المائة في يونيو (حزيران)، وذلك على خلفية ارتفاع أسعار الأغذية والطاقة، ليماثل بذلك مستوى الفائدة القياسي للبنك المركزي عند 19 في المائة، مما يزيد الضغط على البنك للإبقاء على سياسة مشددة. ومن المعروف أن إردوغان يدافع عن أن خفض أسعار الفائدة يحد من التضخم، على عكس الأفكار التقليدية. وأضاف «ليس من الممكن أن يتزايد التضخم أكثر من الآن فصاعدا، لأننا سنتحول إلى أسعار فائدة منخفضة»، معتبرا أنها «رسالة إلى مكان ما»، دون أن يوضح ما إذا كانت موجهة إلى البنك المركزي. وقال متعامل في النقد الأجنبي لدى أحد البنوك إنه رغم توقعات هبوط التضخم في الأشهر المقبلة، فإن السوق ترى فرصة محدودة لأن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة قريبا، وإن حديث السياسيين عند الخفض أضعف الليرة. ورغم تحسن الليرة النسبي الشهر الماضي، فإنها لا تزال شديدة التقلب. ويشير مصطفى باجرياسيك، كبير المسؤولين التنفيذيين في «جي بي مورغان» في تركيا، إلى أن التقلبات في العملة التركية تظل عقبة رئيسية أمام إقناع المستثمرين بشراء الأوراق المالية التركية رغم جاذبيتها من حيث العوائد. وأضاف أن الأسواق أيضاً في حالة تأهب في الأشهر المقبلة، بشأن أداء نمو الأسعار، الذي بلغ بالفعل أعلى مستوى في عامين، وفقاً لما ذكره في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ». وقال إن «إمكانية التنبؤ بالتضخم والعملة هما أهم شيئين لزيادة الشهية للأصول المسعرة على الليرة... إذا كان بإمكانك إصلاحها، فسيتبع ذلك الباقي». وارتفعت الليرة بنسبة 3 في المائة مقابل الدولار في يوليو، لأسباب خارجية، على رأسها الاطمئنان لتثبيت سعر الفائدة الأميركية. ومع ذلك، يظل التقلب الضمني في الليرة على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة من بين أعلى معدلات التقلب في العالم، مما يقوض جاذبية عائد العملة. كما أنه يردع تدفقات رأس المال التي يحتاجها الاقتصاد لتمويل عجز الحساب الجاري، بحسب باجرياسيك. ورغم الفائدة القياسية، فقد قام المستثمرون الأجانب الذين خافوا من تراجعات السوق التي أعقبت الإطاحة بمحافظ المركزي التركي، بسحب مبلغ صاف قدره 472 مليون دولار من سوق السندات بالعملة المحلية، وهو تفكك حاد شهد تدفقات تراكمية إلى الأوراق المالية تجاوزت 1.3 مليار دولار هذا العام. وقال باجرياسيك: «عندما تنظر إلى البلدان المماثلة مثل روسيا وجنوب أفريقيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإنها تحصل على تمويل كبير من الأسواق العالمية التي من الواضح أنها تساعد على نموها». ويتابع باجرياسيك أن «التضخم في تركيا أمر يقلق الجميع في الوقت الحالي... في الشهرين المقبلين، ستنظر الأسواق في اتجاه التضخم لبقية العام، والأهم من ذلك لتوجيه 2022».
مشاركة :