لم نكن قبل الغزو العراقي الغاشم في الدولة الفاضلة، كما أننا لم نكن شعب الله المختار، ولكننا كنا دولة بمعنى الكلمة وكنا شعباً محباً لهذه الدولة والولاء لها ونعمل جاهدين لرفعتها وازدهارها، وكنا مؤمنين بدستورنا وبقوانين الدولة كما كنا نستنكر، بل نشمئز من أي قضية فساد وننبذ مرتكبيها، حتى أن الفاسد يخجل أن يعيش في العلن ويخالط المجتمع. كنا متقدمين في كل شيء في الأدب والفن والعلوم والرياضة والعمران والطرق والحريات والديموقراطية والإعلام الصحة والإسكان حتى جاءنا الغزو، وكنا نختلف ولا نتخالف ولدينا معارضة رزينة وحكيمة رغم تلاعب السلطة وتحايلها على الدستور إلا أننا لم نصل معها مرحلة الفجور في الخصومة بل على العكس كنا في قمة التحضر والرقي في اختلافنا معها، وكانت الكويت منارة لمعظم العرب ومحط أنظار للعالم، لما تتمتع به من سمعة نجح شعبها برفع راياتها في كل المحافل. حين غزانا جار الشمال راهن على اختلافنا آنذاك، إلا أنه صعق بتوحدنا وحبنا وولائنا لبلدنا ولشرعيتنا، وفشل واندحر وعادت الكويت لشعبها كما عادت الديموقراطية لها، وبدأنا إحياء ما دمره الغزاة، وما خلفه المعتدي من خراب، حتى شعرنا بأننا سنكون الدولة الفاضلة وشعب الله المختار لما نتمتع به من ولاء وحب لوطننا وشرعيتنا، ولكن ومع مرور الوقت جاءنا غزو داخلي لم نشعر به ولم نتوقعه غزواً غادراً لغدر جار الشمال الذي غزانا ليلاً ونحن نيام، نحلم بمستقبل واعد ومزدهر إلا أننا صحونا على غزو مؤسسة الفساد التي نخرت قواعد الدولة وشتت الوحدة الوطنية عبر أدواتها ونشرت حالة من اليأس والخوف من المستقبل وجعلتنا في مصاف الدول المتخلفة في كل المجالات، ونجحت في ما عجز عنه الغزو العراقي الغاشم، وذلك لأن أعضاءها ومؤسسيها ليسوا من الخارج ولا هم بغريبين عنا بل هم منا وجزء من هذا الوطن. يعني بالعربي المشرمح: نجحنا في صد عدوان الغزو العراقي الغاشم لكننا ما زلنا نحاول صد غزو مؤسسة الفساد التي توغلت في مفاصل الدولة ونشرت سمومها في المجتمع، وندعو الله عز وجل أن يعين أبناء الكويت المخلصين في صد عدوانها والقضاء عليها واستعادة مكانة الوطن ليرتقي في مصاف الدول المتقدمة، وكلنا أمل وقناعة بأن الكويت ستنتصر وستعود، بل تتقدم بإذن الله وبسواعد المخلصين من أبنائها.
مشاركة :