يعدّ وادي العقيق أشهر أودية المدينة المنورة, وشاهداً على تاريخها وعلى السيرة النبوية, وتدل الكتابات التاريخية أن الوادي كان أشبه بنهر دائم الجريان، إذ قامت على ضفافه قديماً العديد من البساتين والمساكن لا سيما في العصرين الأموي والعباسي, ومنها أطلال قصرَي سعد بن أبي وقاص, وعروة بن الزبير . وأطلقت هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة قبل عدة سنوات مشروعاً رائداً للتأهيل البيئي لوادي العقيق, وتحسين وتطوير المواقع المحاذية للوادي الذي تتجمع مياهه من منطقة العقيق التي تبعد عن المدينة المنورة أكثر من 100كيلومتراً جنوباً، ويسير إلى مشارف المدينة المنورة, حيث شيّدت على امتداد الوادي المحاذي لجبال الجماوات بالمدينة المنورة حديقة وممشى ومتنزّهاً, وممشى لممارسة رياضة المشي. وتمتدّ أعمال التأهيل وتطوير وادي العقيق إلى قرابة 15 كيلومتراً بدءاً من منطقة ميقات ذي الحليفة “جنوب المدينة المنورة” وصولاً إلى منطقة الجرف “شمالاً” بهدف تحقيق التوازن بين البيئة العمرانية والموارد الطبيعية، وتشمل عمليات التطوير عدة مناطق على ضفاف الوادي منها قصر عروة، وتقاطع طريق السلام، وميدان الجامعة الإسلامية، وصولا إلى المناطق الزراعية بالجرف. ورصدت “واس” جانباً من جهود إعادة إحياء الوادي الذي ظلّ متنفساً ومتنزهاً لأهالي المدينة المنورة على مرّ التاريخ, حيث يفد إليه بصفة يومية العديد من المتنزهين من الأفراد والعائلات لممارسة رياضة المشي والاستمتاع بالأجواء العليلة في المكان لا سيما خلال أوقات المساء. وشملت أعمال تطوير الوادي المبارك ممشى أقيم على مساحة تبلغ 16500 متر مربع, وبطول 1600 متر, ويبلغ متوسط عرض مسارات المشاة 14 متراً، ويحوي الممشى 227 شجرة تظلل منطقة مسارات المشاة, إضافة إلى 77 شجرة نخيل تزيّن الساحات المفتوحة على ضفاف الوادي, فضلاً عن 850 شجرة صغيرة تتوزّع على امتداد المسارات لإضفاء لمسات جمالية في الموقع المزوّد بخدمات النظافة, في حين اكتست أرضيات الممشى بأحجار البازلت والجرانيت لتكون مانعة للانزلاق. وتبلغ الطاقة الاستيعابية للممشى 4500 شخص في الساعة الواحدة, وقد تم تزويد الممشى ب65 عمود إنارة لتعزيز إضاءة المنطقة بتقنية LED، إضافة إلى 980 نقطة إضاءة سفلية موزعة هندسياً لإظهار جماليات مكونات الممشى, كما يحوي الممشى 9 ساحات مهيئة بشكل جمالي تتيح إطلالات بديعة على ضفاف الوادي, إلى جانب 287 موقعاً مخصصاً للاستراحة والانتظار على امتداد الممشى, وكذلك 120 موقفاً مخصصاً للسيارات. ويعدّ مشروع تطوير وادي العقيق واحداً من المشروعات الرائدة التي أطلقتها هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة, كما تعمل الجهات الحكومية في المنطقة على تطوير العديد من المواقع وتحسين وتطوير البُنى التحتية وتهيئة الحدائق ومسارات المشاة, واستثمار مناطق ومواقع الجذب السياحي, وتحسين المشهد الحضري في أنحاء المدينة المنورة, وتشييد المشروعات التطويرية الصديقة للبيئة بما يضفي بُعداً جمالياً لطيبة الطيبة.
مشاركة :