نظرية الدولة في الفكر العربي والغربي

  • 8/7/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الدولة ظاهرة سياسية قديمة، تناول موضوعها عدة مفكرين فدرسوا أسباب نشأة الدولة وظهورها ومفهومها وأشكالها وعديد من الجوانب الهامة في الدولة، وأبرز من اهتم بدراسة الدولة في القِدم أرسطو في كتابه (السياسة)، وفلاسفة مدرسة العقد الاجتماعي، وأيضًا اهتم بدراسة موضوع السياسة العلامة أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، وهو مؤرخ وفيلسوف اجتماعي.. أشهر مؤلفاته كتاب (العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن صاحبهم من ذوي السلطان الأكبر) المكون من سبع مجلدات، كما يُعتبر مؤسس علم العمران؛ فكان ابن خلدون يكتب في السياسة بصفته مؤرخًا وسياسيًا معًا، أي أنه كان مؤرخ في غمار السياسة، واختبرها بنفسه متقلبًا ما بين تونس والجزائر والمغرب والأندلس.. علي سعدالله. حيث يرى ابن خلدون أن الدولة لا توجد دون حكم سياسي، ولا يوجد حكم سياسي دون دولة، بالتالي يرى أن الدولة والسياسة هم وجهان لعملة واحدة، وأن منشأ الدولة هو المجتمع. الجدير بالذكر هنا أنه ليس أي مجتمع ينبثق منه دولة، فمثلًا المجتمعات الطبيعية أو البدوية لا يمكن أن تنشأ منها دولة ولا حكم سياسي.. ولم يَذكر ابن خلدون تعريف صريح عن “الدولة”، فكان يستخدم اللفظ لأكثر من معنى. فمثلاً تعبيره عن الملك بلفظ الدولة، و استعمل لفظ الملك بعدة معاني، منها: الدولة،السلطة، الحاكم، الحكم وغيرها من معاني.. مما يؤدي إلى تشتت في ذهن من يقرأ لابن خلدون، إلا أن هناك اجتهادات من الباحثين لتعريف الدولة تعريفًا مباشرًا من وجهة نظر ابن خلدون، فعرف أحد الباحثين أن الدولة عند ابن خلدون “هي الامتداد المكاني والزماني، لحكم عصبية ما “. (سعد الله، 2003: 33). وهناك بعض النظريات التي حاولت تفسير نشأة الدولة فمن بين تلك النظريات، “نظرية التطور الاجتماعي” أو قد تسمى “بالنظرية التاريخية”، ترى النظرية أن الدولة تنشأ من عدة عوامل من أهمها (علاقة الدم، الدين، الوعي السياسي). علاقة الدم أو ما تسمى بصلة الرحم فترى النظرية أن الأسرة لها نوع من السلطة السياسية وإن كانت محددة بالمحيط العائلي، فتتمثل السلطة في مكانة الأب والأم وسلطتهما على الأبناء، لذلك اعتبرت سلطة رب الأسرة أقرب إلى سلطة الدولة، وذلك لوجود عنصر الانقياد والخضوع، فالشعب يخضع لسلطة الحاكم السياسي، والأبناء يخضعون إلى سلطة رب الأسرة، الجدير بالذكر أن علاقات الدم وصلة الأرحام هي ما عبر عنها ابن خلدون باسم “العصبية”، وهي من أهم العوامل المكونة للدولة وركزت النظرية كذلك على الدين لما له من دور معنوي معزّز، وكما تزود الدولة بالدعائم التي تساعد على قيامها، أيضًا ركزت النظرية على الوعي السياسي فكان المقصود منه هو الوعي بضرورة وجود نظام سياسي لحماية أنفسهم وممتلكاتهم، ووجود الأمن. سبب ذكري لهذه النظرية أن ابن خلدون كان من أشد أنصارها، وذلك لأن العوامل التي ذكرتها النظرية هي عوامل يرى ابن خلدون أنها مهمة لنشأة الدولة (العصبية، الوازع الديني). أيضًا “نظرية القوة والغلبة” التي كانت تؤكد على أن الدولة نشأت نتيجة للعنف والقوة، وأنها أداة تستخدم داخل المجتمع مع الشعب للردع، وخارج المجتمع لفرض هيبة الدولة وحماية حدودها، والدفاع عنها. فتبرر النظرية أن استخدام القوة.. هو مبدأ طبيعي وضروري في الحياة، فالقوة بين جميع الكائنات الحية، والعشائر، وبين الدولة والأمم في حروبها، أيضاً لها استخدام إيجابي لفض النزاعات، أما عن الجانب السلبي في النظرية فقد أكدت أن كل الدول لا تقوم إلا على القوة والعنف، إلا أن هناك نظرية أخرى أتت بعكس ما قالته نظرية القوة والغلبة، وهي “نظرية العقد الاجتماعي” التي ترى بأن الدولة تنشأ على أساسين هما: الاتفاق الواقع بين المجتمع ويتلوه عقد أبرمه أعضاء من المجتمع على إنشاء دولة، وعلى الرغم من أن نظرية العقد الاجتماعي أتت بما لم تأتي به نظرية القوة والغلبة إلا أنها قامت على أساس “الافتراض”، وليس الحقيقة، فيستحيل وجود مجتمع يتفق فيه جميع أعضائه على إبرام العقد لذا اعتبرت أنها تميل إلى “المثالية”، كما أن البعض يرى أن نظرية العقد الاجتماعي قائمة على “فكرة التنازل”، فموجبة يتنازل الأفراد عن جزء من حقوقهم مقابل التمتع بمميزات من السلطة السياسية الحاكمة. ويشيرُ أفلاطون في الجمهورية فيقول: إنّ الفردَ وحده ضعيفٌ ومن ثم يكون الإجتماعُ ضرورةً تحتِمُها الحياةُ الإنسانيةُ وينشأُ عن اجتماع الأفراد الحاجة إلى تقسيمِ العملِ فيما بينهم من أجلِ توفير كافة حاجاتِهم الضرورية، ويؤكّدُ أفلاطون انقسام المجتمع إلى ثلاثِ طبقاتٍ متمايزةٍ بحكم الطبيعة ولكل طبقة وظيفةٌ خصتها لها الطبيعة، وأهمّ ما يميزُ جمهورية افلاطون هي “العدالة”، لذا فإنّ غايةَ الدولةِ عند أفلاطون هي تحقيقُ الانسجامِ والتناغمِ بين مكوّناتِ المجتمع، فالدولة من الأمورِ الطبيعيةِ سواءً في أهدافِها أو أصلِها. أما “غايةَ الدولةِ”عند أرسطو هي تحقيق الخير الأسمى، فكل توافق بشري -يقول أرسطو- هو من أجل تحقيق خير ما، والدولة هي أسمى ائتلاف، فهي ترمي إلى تحقيق أسمى الخيرات وهذا الخيرُ ليس سوى ضمانِ سعادة كُل الأفراد، وعبر تحقيق كل احتياجاتهم الطبيعية، وقد وُجدَ الإنسانُ بالنسبة لأرسطو لكي يعيشَ في دولة ولقد وُجدت الدولةُ من أجل تحقيق الخير لهم. “ومفهوم الدولة” عند -أصحاب العقد الاجتماعي-(هوبز، ولوك، وجان جاك رسو): مجتمعُ الأُسرةُ هو أقدمُ المجتمعات وهو المجتمعُ الطبيعي الوحيد، بمعنى أن تُعد الأسرةُ إذاً أولَ نموذجٍ للمجتمعاتِ السياسية، حيثُ يكون الرئيسُ صورةَ الأب والشعبُ صورةَ الأولادِ وبما أنّ الجميعَ يولدونَ احراراً متساويين فإنّهم لا يتنازلون عن حريَتهم إلّا لنفعهم، وأن “لذة القيادة” في الدولة تقوم ُ مقامَ هذا الحب الذي يحملُه الرئيسُ نحوَ رعاياه، وبما أن قُوَى المدينة أعظمُ من قُوى الفرد بما لا يُقاسُ فإنَّ من الواقع كونَ الحيازة العامة أشدُ قوةً وأكثرُ شرعيةً وذلك لأنّ الدولة من حيثُ أعضاؤها سيدةُ جميع أموالهم وفق العقد الاجتماعي.. سمر حسن سليمان. ومن هنا يتضح إنه لم يكن هناك إتفاق بين جميع المفكرين العرب والفلاسفة الغربيين على تحديد مفهوم واضح لمفهوم الدولة، وإن كان المفكرين والفلاسفة الغربيين تأثروا كثيرًا بنظرية الدولة عند الفيلسوف الكبير ابن خلدون.. والذي أعتبره همزة وصل بين الفلاسفة الغربيين وفلاسفة الاغريق، مثل ارسطو وافلاطون وغيرهم. -الدولة من الشباب إلى الشيخوخة- تُعد الدولة عند ابن خلدون الامتداد المكاني والزماني لحكم عصبية (فئة) ما، وتقوم “العصبية” على الدين أو الولاء أو الفكر المشترك أو القومية أو ما إلى ذلك من مشتركات تصلح انطلاقا لبناء الدول واستمرارها، وبالعصبية القوية “يكون تمهيد الدولة وحمايتها من أولها” ويكون قيامها وسقوطها أيضا، ولا تقوم العصبية إلا بالركون إلى المجتمع-الاجتماع- أو بمصطلح ابن خلدون “العمران”. ولاحظ ابن خلدون أن الدول تمر بعدة تطورات من ناحيتين هما: الأحوال العامة من السياسة والاقتصاد والعمران والأخلاق، والتطورات التي تحدث من ناحية العظمة والقوة والاتساع. ويقرر أن كل دولة تنتقل بين خمسة أطوار هي: الظفر، والانفراد بالمجد، ثم الفراغ والدعة، ثم طور القنوع والمسالمة، ثم الإسراف والتبذير.. محمد شعبان أيوب. وأرى إن ماذهب اليه ابن خلدون؛ من إن العصبية هي من يقوم عليها الملك او السلطان والحكم، والتخلي عنها او ضعفها يؤدي إلى سقوطها. والشواهد على ذلك كثيرة، فسقوط دولة بني امية كان بسبب انحيازهم التام مع اصهارهم قبائل اليمانية ضد قبائل القيسية؛ مما حدا بالقيسيين لمناصرة العباسيين الثائرين ضد بني امية حتى اسقطوا دولتهم. ولعل سبب سقوط دولة بني العباس المريع والمُذل على يد التتار.. كان سببه الرئيس هو إثارة النزاع والفتن بين القيسية وقبائل اليمانية، وهو مادى إلى ضعف الولاء لدولة بني العباس. وصدق سيدنا عمرو ابن العاص رضي الله عنه داهية العرب الذي قال: لا سلطان أو ملك إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا برقعه(ارض)، ولا رقعة إلا بعدل. -خبير استراتيجي ومختص في العلاقات التاريخية بين الدول- خمسة أطوار هي: الظفر، والانفراد بالمجد، ثم الفراغ والدعة، ثم طور القنوع والمسالمة، ثم الإسراف والتبذير.. محمد شعبان أيوب. وأرى إن ماذهب اليه ابن خلدون؛ من إن العصبية هي من يقوم عليها الملك او السلطان والحكم، والتخلي عنها او ضعفها يؤدي إلى سقوطها. والشواهد على ذلك كثيرة، فسقوط دولة بني امية كان بسبب انحيازهم التام مع اصهارهم قبائل اليمانية ضد قبائل القيسية؛ مما حدا بالقيسيين لمناصرة العباسيين الثائرين ضد بني امية حتى اسقطوا دولتهم. ولعل سبب سقوط دولة بني العباس المريع والمُذل على يد التتار.. كان سببه الرئيس هو إثارة النزاع والفتن بين القيسية وقبائل اليمانية، وهو مادى إلى ضعف الولاء لدولة بني العباس. وصدق سيدنا عمرو ابن العاص رضي الله عنه داهية العرب الذي قال: لا سلطان أو ملك إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا برقعه(ارض)، ولا رقعة إلا بعدل. -خبير استراتيجي ومختص في العلاقات التاريخية بين الدول

مشاركة :