المراهقة هي المرحلة الانتقالية بين الطفولة والشباب، تبدأ وقت البلوغ وتنتهي عند اكتمال تكوين الشخصية المستقلة للفرد، أي إن نقطة انتهائها غير محددة بدقة ووقتها يختلف من شخص لآخر، كما أنها فترة تطوير المعارف وصقل المواهب وتكوين العادات، إضافة إلى كونها فترة حدوث التغيرات الهرمونية والجسدية.حالة توحدوتلعب المسلسلات التليفزيونية دورًا فعالًا من حيث التأثير في الثقافات والسلوكيات العامة لدى المراهقين، فيعيش بعضهم في حالة من التوحد بين الشخصية الدرامية الافتراضية والواقع، ما يثير حالة من السخط وعدم الرضا؛ نتيجة المقارنة في بعض الأحيان بين التخيل والحقيقة، والانجراف للعيش في واقع افتراضي يستمد قيمه وتفاصيله من الدراما.مفاهيم غريبةالمسلسلات التليفزيونية المدبلجة، التركية والمكسيكية وغيرهما، تحمل ضمن طياتها مضامين وإسقاطات نفسية تؤثر في ثقافة المجتمع، وسيكولوجية الفرد، وتؤثر أيضًا في نمط الشخصية بما تبثه من مفاهيم غريبة على ثقافتنا وعاداتنا وتعاليم ديننا الإسلامي، وهذه المسلسلات من خلال ما تعرضه من مشاهد عاطفية مبالغ فيها، تؤثر في سيكولوجية ونمط سلوك مجتمعنا العربي والإسلامي، وذلك التأثير يؤدي إلى انجراف عاطفي مبالغ فيه أو غير مبرر، وهو ما يولد نوعا من الإستراتيجية الخاطئة في تركيبة النفس البشرية، وفي سلوك الفرد.سلوك الإدمانوأثبتت الدراسات أن المشاهدة طويلة الأمد لهذه المسلسلات تشابه سلوك الإدمان، فكلما زادت المشاهدة زاد إفراز «الدوبامين» وهي المادة الأساسية في آلية الإدمان، وصعب عليه التوقف، وتظهر عليه أعراض انسحابية ما يدخله في دائرة مغلقة من التوتر والقلق، أيضًا لوحظ زيادة محاولات الانتحار خاصة بين المراهقين، بسبب التقليد الأعمى لبعض نجوم هذه المسلسلات والفراغ العاطفي، وعدم وجود المثل الأعلى في حياتهم.الرقابة الإعلاميةوقالت الأخصائية النفسية رانيا أبو خديجة: لا أفضل منعهم من مشاهدتها بالقوة، لأنهم في هذه السن يريدون إثبات أنهم أصبحوا بالغين، وأنهم بحاجة إلى أن يكونوا مستقلين، ما قد يتسبب في تمردهم على القواعد وعلى مشاهدتها، لذلك أولًا هناك دور أساسي ومهم للرقابة الإعلامية على الأفلام والمسلسلات قبل البدء في عرضها، وبالتالي تحمل المسؤولية الاجتماعية وليس السعي فقط إلى تحقيق نسبة المشاهدات والأرباح.وسائل بديلةوأضافت: على الجانب الآخر، هناك دور للأسرة والأهل، يتمحور حول التي تبثها الدراما ومراقبة الأفكار والمفاهيم والعمل على مناقشتها معهم، وينبغي للأهل: الأم والأب البدء بأنفسهم، إذ إن المراهق سيتفاعل أكثر وينسجم في حال رؤيته لتفاعل أهله وانتظار العرض بشغف، وعلى خطٍّ موازٍ، يُطلب من الأهل خلق وسائل بديلة لتمضية الوقت بعيدًا عن التسمر أمام شاشة التلفاز، بالإضافة إلى أهمية تدريب المراهق على وضع أهداف مهمة يسعى إلى تحقيقها، وتبني قضايا ترسم له طريق المستقبل.مرحلة الفضولوأضافت: مرحلة المراهقة تُعد مرحلة الفضول و«الحشرية»، وكذلك السعي وراء الغرائز وتقبل كل شيء غريب، قائلة: من هنا إذا أردنا أن نخلق حصانةً ووقايةً لأولادنا من مشاهدة المسلسلات، التي غالبًا ما تكون محببة لديهم، لا سيما تلك المتعلقة بالعواطف والمشاعر، يجب أن نبدأ في هذه الحصانة منذ الصغر، أي قبل بلوغ مرحلة المراهقة، فنبدأ بتربية المراهقين مثلًا على قيم الإخلاص والصدق والأمانة، على أن تكون الأم والأب بسلوكهما قدوةً لهم أيضًا.حصانة داخليةوتابعت: هذه التربية المبكرة تخلق لدى المراهقين حصانة داخلية، فكل ما يتربى عليهم المراهقون في الطفولة يمارسونه في المراهقة لا شعوريا، ومن هنا يجب تربية المراهقين على تقبل النقد، ولا بد من مشاركتهم في النوادي والمؤسسات التي تخلق لديهم حيز التفكير، ومناقشة ما يرونه في المجتمع.
مشاركة :