نقوش صخرية تروي يوميات بشر تعـــاقبـــوا عـــلى أرض جيبــــوتــي قبــــل آلاف السنيـــن

  • 8/7/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬يخيل‭ ‬للمرء‭ ‬أنه‭ ‬أمام‭ ‬تلة‭ ‬سوداء‭ ‬عادية‭ ‬مؤلفة‭ ‬من‭ ‬كتل‭ ‬بازلت‭ ‬تحت‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬الحارقة‭... ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬نقوش‭ ‬لزرافات‭ ‬ونعام‭ ‬وظباء‭ ‬حُفرت‭ ‬على‭ ‬صخور‭ ‬الموقع‭ ‬الضخم‭ ‬قبل‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬سبعة‭ ‬آلاف‭ ‬عام‭. ‬ تُصنف‭ ‬أبورما‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬جيبوتي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مواقع‭ ‬الفن‭ ‬الصخري‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬الزاخرة‭ ‬بالتراث‭ ‬الأثري‭ ‬وتُعرف‭ ‬بأنها‭ ‬مهد‭ ‬البشرية‭. ‬ ولمسافة‭ ‬تقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬كيلومترات‭ ‬يمكن‭ ‬رؤية‭ ‬حوالي‭ ‬900‭ ‬لوح‭ ‬تظهر‭ ‬عليها‭ ‬نقوش‭ ‬مختلفة‭ ‬لصيادين‭ ‬وحيوانات‭ ‬من‭ ‬أجناس‭ ‬عدة‭ ‬بينها‭ ‬الزرافات‭ ‬والنعام‭ ‬والأبقار‭. ‬ وقد‭ ‬حفر‭ ‬البشر‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التاريخ‭ ‬بحجر‭ ‬الصوان‭ ‬مشاهد‭ ‬من‭ ‬يومياتهم،‭ ‬وثقوا‭ ‬فيها‭ ‬البدء‭ ‬برعاية‭ ‬المواشي‭ ‬والاضطرابات‭ ‬المناخية‭ ‬الكبيرة‭. ‬هذه‭ ‬الحيوانات‭ ‬البرية،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الكائنات‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬السهوب‭ ‬المزروعة‭ ‬بالأشجار،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬جيبوتي،‭ ‬البلد‭ ‬الصحراوي‭ ‬حيث‭ ‬تندر‭ ‬المياه‭ ‬والمساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭.  ‬ويوضح‭ ‬عمر‭ ‬محمد‭ ‬كامل‭ ‬وهو‭ ‬مرشد‭ ‬سياحي‭ ‬شاب‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬يمكن‭ ‬وصف‭ (‬أبورما‭) ‬اليوم‭ ‬بأنها‭ ‬مقبرة‭ ‬إذا‭ ‬جاز‭ ‬التعبير،‭ ‬إذ‭ ‬يوجد‭ ‬المزيد‭ (‬من‭ ‬النقوش‭). ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭ ‬يعيش‭ ‬هنا‭. ‬حينها‭ ‬كانت‭ ‬الغابات‭ ‬تغطي‭ ‬جيبوتي‮»‬‭. ‬ ويضيف‭ ‬‮«‬في‭ ‬أبورما‭ ‬نحن‭ ‬بعيدون‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬الحضارة،‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التاريخ‭ ‬ونعيش‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العصر‮»‬‭. ‬ ولبلوغ‭ ‬الموقع،‭ ‬ينبغي‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬جيبوتي،‭ ‬ثم‭ ‬المشي‭ ‬ساعة‭ ‬عبر‭ ‬التلال‭ (‬كان‭ ‬يستغرق‭ ‬المشي‭ ‬خمس‭ ‬ساعات‭ ‬قبل‭ ‬شق‭ ‬مسار‭ ‬جديد‭ ‬أخيرا‭). ‬ مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يتعذر‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الاستعانة‭ ‬بخبرة‭ ‬ابراهيم‭ ‬دبل‭ ‬لوبك‭ ‬البالغ‭ ‬41‭ ‬عاما‭ ‬والذي‭ ‬‮«‬يعرف‭ ‬كل‭ ‬حجر‭ ‬وكل‭ ‬ركن‮»‬‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬الصخرية‭. ‬ فحارس‭ ‬أبورما‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يربي‭ ‬أيضا‭ ‬الجمل‭ ‬العربي،‭ ‬مولود‭ ‬هنا‭. ‬ولطالما‭ ‬كان‭ ‬مجتمعه،‭ ‬شعب‭ ‬عفر‭ ‬الذي‭ ‬عُرف‭ ‬تاريخيا‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬الرحّل‭ ‬والمقيم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬النائية‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬جيبوتي‭ ‬وإريتريا‭ ‬وإثيوبيا،‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بالنقوش‭. ‬ ويقول‭ ‬الرجل‭ ‬النحيف‭ ‬الذي‭ ‬يرتدي‭ ‬زيا‭ ‬تقليديا‭ ‬‮«‬جرى‭ ‬تناقل‭ ‬هذه‭ ‬المعرفة‭ ‬أبا‭ ‬عن‭ ‬جد‮»‬‭.  ‬لكن‭ ‬علماء‭ ‬الآثار‭ ‬زاروا‭ ‬أبورما‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬عام‭ ‬2005‭. ‬ولوبك‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬قاد‭ ‬الباحثين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬إلى‭ ‬الموقع،‭ ‬مع‭ ‬قافلة‭ ‬جمال‭ ‬تحمل‭ ‬الطعام‭ ‬ومعدات‭ ‬النوم‭ ‬والعمل‭ ‬وخصوصا‭ ‬المولّد‭ ‬الذي‭ ‬يُعتبر‭ ‬ضروريا‭ ‬في‭ ‬المهمة‭.  ‬وفي‭ ‬اتصال‭ ‬مع‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬يتحدث‭ ‬عالم‭ ‬الآثار‭ ‬بونوا‭ ‬بوابلو‭ ‬بتأثر‭ ‬ظاهر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬الموقع‭ ‬الرائع‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬شكّل‭ ‬موضوع‭ ‬دراسته‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الدكتوراه،‭ ‬قائلا‭ ‬إنه‭ ‬مكان‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يُضاهى‭ ‬في‭ ‬جيبوتي‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬إثيوبيا‮»‬‭. ‬ ويضيف‭ ‬عالم‭ ‬الآثار‭ ‬‮«‬أبورما‭ ‬هي‭ ‬استمرارية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬آلاف‭ ‬السنين،‭ ‬لمقاطع‭ ‬ونقوش‭ ‬وضعها‭ ‬أناس‭ ‬مختلفون‭ ‬تماما‭: ‬صيادون‭ ‬ورعاة‭ ‬وآخرون‭ ‬أتوا‭ ‬بعدهم‭ ‬بوقت‭ ‬طويل‭... ‬الآلاف‭ ‬والآلاف‭ ‬من‭ ‬التجسيدات‮»‬‭. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرسومات‭ ‬يراوح‭ ‬عمرها‭ ‬بين‭ ‬ألفين‭ ‬وسبعة‭ ‬آلاف‭ ‬سنة‭. ‬

مشاركة :