يُعدّ فن النحت واحداً من أروع الفنون التشكيلية القديمة التي اشتهرَ بها الإنسان على مرّ العصور، وكان مقياس الحضارات التي سادت العالم عبر التاريخ وقوتها هي الأعمال الفنية التي وجدت في آثارها. وفي المملكة شخصيات معروفة دوليًا في مجال النّحت والفن التشكيلي، ولها من التجربة ما يجعلها تُنجز أعمالاً فنية راقية، تكرس معاني فكرية وفلسفية ووطنية وجمالية وتاريخية، وتحول الفضاءات والمساحات إلى تحف فنية. وأوضح نبيل بن هاشم نجدي النحات والفنان التشكيلي السعودي الذي اشتهر في فن النحت وتراكيب الخامات لجعلها مجسمات جمالية ذات أبعاد ثلاثية من الحجر والرخام والمعادن والخشب، أنه قضى أكثر من 45 عاماً في ورشته والتي من خلالها قام بإنجاز أعمال فنية استطاع أن يخط له اسماً في سجل المبدعين وأن يجعل لبلده حضورًا فاعلاً في معظم الملتقيات الفنية ليكون سفيرًا للفن والجمال في المملكة وخارجها. وأشار نجدي إلى أنه أنجز عددًا كبيرًا من المجسمات الميدانية في كثير من المدن في الداخل والخارج ففي المدينة المنورة التي عاش بها وترعرع أقام مجسم طلع البدر علينا، ببداية طريق الهجرة بقباء والقلعة مجسم جمالي بالعنبرية، ونون مجسم جمالي، والضيافة مجسم.منارات الحرم ومساجد طيبة المجسمات الخرسانية . وبين أنه أنجز مجموعة أخرى في ينبع البحر وينبع الصناعية وأكثر من 33 مجسمًا بها، منها الحياة والصناعة، والتجارة، ومجسمين للقلم والمحبرة والكتاب، والجلسات الشعبية مجسم جمالي ملون الصخور، والزهور مجسم بينبع الصناعية وهو عبارة عن أكبر باقة زهور، ومجموعة نحت على الصخور المحلية بينبع الصناعية.والسمكة مجسم جمالي، لوحة جدارية بطول م2 بينبع الصناعية . وأنجز نجدي مجسمًا جماليًا من الرخام بعالية بلبنان، وأنجز أكبر مجسم (سرب أسماك) قطره 5 متر، بدوار الواجهة البحرية، وأنجز أكبر مجسم للفراشات بطول 11 مترًا، مجسم رخامي بمدينة جدة، والأسماك أمام مسجد العيتاني بالحمراء، وغيرها . وقال: أنجزت مجموعة من المجسمات الحرفية للاقتناء بأحجام كبيرة معروضة بطريق المدينة المنورة بجدة بجوار مقر إمارة مكة المكرمة، يبرز من خلالها قدرته على تطويع الحرف العربي بأشكال جمالية تبهر المتلقي والرائي لها . وتميزت أعمال نجدي بتنوع الأساليب والأفكار، الأمر الذي يدهش المشاهد وكأنه أمام مجموعة من الفنانين وليس فناناً واحداً فهو فنان مُطلع يبحث دائمًا عن الجديد، و لديه قدرة على توظيف الخامه بما يخدم أفكاره ورؤاه . وحول الخامات المستخدمة في منحوتاته لتحف فنية ذات معنى وقيمة قال الفنان «نبيل نجدي»: كوني فناناً درست الفن التشكيلي بشكل أكاديمي فأنا أعمل بجميع الخامات كالنحت على الحجر وخامات أخرى متنوعة. وأضاف أن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى قدرة فنية خاصة نتيجة الخبرة الفنية في العمل الفني، ففن النحت لهُ ارتباط وثيق بالعديد منَ الفنون الأخرى "كالهندسة المعمارية، والرسم، والتصوير". ورغم شمولية أعمال نجدي، استحوذ النحت على الحيز الأكبر من معارضه الفنية . وعن محدودية أعداد النحاتين في المملكة مقارنة بالمصورين التشكيليين قال إن النحت ذو أبعاد ثلاثية ويظهر في الفراغ بشكل ملموس وواضح ويتحكم الفنان بأدواته في الشكل بقوة عضلية وذهنية يستغل فيها الخامة التي يُنفذ بها الشكل الجمالي, بينما اللوحة مسطحة، وهنا يأتي دور الفنان بإضافة اللمسات الإبداعية وإظهار البارز والغائر من خلال اللون، بينما المجسم يتطلب كما قلت مجهوداً جسدياً وذهنياً يفرض على الفنان خوض مغامرة جادة لإظهار ما في داخله بكتلة فراغية في الهواء, بينما يستطيع الكثيرون الإمساك بالفرشاة والألوان وإنتاج عمل فني وفق أساليب ومدارس فنية مختلفة. ولنجدي مشاركات كثيرة في المعارض المحلية والخارجية حيث مثل المملكة في بينالي الشارقة الأول، بينالي اللاذقية الثاني، ملتقى الجنوب للفنانين العالميين بلبنان عام2002م، سمبوزيوم عالية 2002م بلبنان، وأقام عددًا من المعارض الشخصية في كلٍ من المدينة المنورة - جدة - الطائف - ينبع، ونظم معارض تشكيلية لعدد من الفنانين، وعمل مديراً لصالة إبداع للفنون التشكيلية بالمدينة المنورة . ولم يتوقف عطاؤه عند حدود المنطقة أو الوطن فكان له حضوره العربي في كثير من المشاركات الجماعية أو الفردية وكان فيها بالفعل سفيراً وممثلاً متميزاً بالثقافة والقدرات الفنية . واختير نجدي عضوًا في جماعة فناني المدينة المنورة قبل 45عامًا. وكذلك عضوًا مؤسسًا في جماعة أصدقاء الفن التشكيلي لدول مجلس التعاون الخليجي. وقال نجدي عن ثراء الساحة الفنية السعودية والاحتفاء بالفنون التشكيلية في العهد الحالي، إنه من خلال معهد مسك للفنون التابع لمؤسسة محمد بن سلمان الخيرية “مسك الخيرية” فتح المجال أمام الفنون، ودفع الفنان السعودي للمشاركة في مثل هذه المحافل مما يسهم في تطور الحالة الفنية والثقافية في المملكة، وهي خطوة مهمة تسعى إلى دفع العجلة الفنية في المملكة، تهدف لإيجاد أكبر قدر من التواصل بين الفنانين المشاركين من مختلف مناطق المملكة. ولفت إلى أن أفضل ما يمكن أن يقدمه الفنان لوطنه, أعمالاً تبقى لتوثّق لمراحل تاريخية مختلفة عاشها الفنان ودوّنها بإحساس صادق وتعبير مبدع، وأشاد بحرص الدولة على توثيق وجودها وعظمتها بالتشكيل، وصدور قرار قصر الأعمال الفنية الوطنية على مقرات الدولة وفق الدليل المعد من قبل وزارة الثقافة، داعيًا جميع الجهات ذات العلاقة بأن تقوم بواجبها في دعم وتشجيع هذه الأعمال الجديرة بالاقتناء من مختلف الفنانين السعوديين لوضعها داخل أروقة مقراتهم , والأمر ذاته ينطبق على الغرف التجارية والفنادق والقطاع الخاص لأنها ستبقى قائمة للعرض أمام كل زائر وسائح ومهتم . وأضاف أن تعليم الفنون ومن ضمنها النحت على حسب قواعده ومبادئه هو مسؤولية تقع على عاتق الجهات الأكاديمية وكليات الفنون ويُخطئ من يلقي بالمسؤولية على فروع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية أو فروع جمعية الثقافة والفنون، لأن دور هذه الجمعيات هو احتضان الفنانين ودعمهم والعمل على تسويق أعمالهم ووسيط بينهم وبين المتلقي وهذا من أولويات عمل هذه الجمعيات. وأكد نجدي أن مسؤولية تعليم وتأسيس الفنان هي من مسؤوليات الجهات الأكاديمية وفي إنشاء كليات متخصصة في الفنون التشكيلية، كما أكد أن معهد مسك للفنون يعد منصة رائدة تُعنى بتمكين ودعم الفنانين والإنتاج الفني، وتسعى الى تشجيع المواهب الفنية الشابة المحلية والارتقاء بسمعة الفنون محليًا وإقليميًا ومن المهم دورها في تمكين التبادل والحوار الثقافي العالمي، وتوفير التعليم والتدريب وتنمية الفنون وتعزيزها، وفي دعم الفنانين والإنتاج الفني .
مشاركة :