حاولت جماعة الإخوان في البحرين التستر تحت غطاءات عدة، لعلها تنجح في التسرب لمناطق جغرافية جديدة بخلاف أحياء في المحرق. تبلورت فكرة تشكيل جمعية جديدة بدلاً من تسمية فرع لنادي الاصلاح. هذا التمدد التنظيمي لم يعش رمقها طويلا اكثر من عامين، هكذا تم تأسيس جمعية الفلاح (1957-1959) في منطقة الحد بوجه مغاير واسم مختلف، لكنه بإبعاد وجوهر واحد لمشروع سياسي إخواني. يشير الكتاب حول الأساس الجوهري لفكرة انبعاث تأسيس جمعية إخوانية في منطقة أخرى تجتذب عناصر واعضاء جدد: «في مواجهة هذا الجو العدائي والدعايات السامة يثور التساؤل: هل توقف النادي عن انشطته واعماله ؟». بالتأكيد لم يتوقف فهو نادٍ عقائدي ولديه فكر توسعي منهجي، فكان عليه التفتيش عن صيغ واشكال ملتوية كما هي فكرة تدشين جمعية موازية كجمعية الفلاح الوليدة في الحد. «التي شهدت ضغوطًا شديدة على نادي الاصلاح» ص45. حسب قول الاستاذ أحمد محمد المالود احد قياداتها. وبأن تأسيس «الفلاح» «لم يكن لمجرد وقف امتصاص الضغط على نادي الاصلاح وانما انطلق من رؤية أوسع وأرحب تتعلق بمواجهة الفكر الإلحادي، الذي بدأ ينتشر في أوساط الشباب، وضرورة مواجهته بأنشطة تربوية تثقيفية» ص45. يوحي رأي المالود ان مدينة كالحد والمحرق كانت تعج وتغلي فيها الاتجاهات السياسية وتنشط فيها الاحزاب السياسية بين الشباب، التي لم تثر فيها غريزة المالود إلا تلك الافكار الإلحادية !!، ومن الضروري مواجهتها، فينكشف لنا توجه الإخوان نحو أعداء محددين لابد من مقارعتهم وعزلهم اجتماعيًا وسياسيًا. في منتصف الستينات تفجرت انتفاضة مارس اعقبها بعامين هزيمة حزيران 67 الكارثية، فخرجت الجموع منددة بواقع الهزيمة ومرارتها وانكساراتها وتراجع حالتها القومية ودخولها منطقة اليأس والاحباط السياسي بحثًا عن خلاص جديد. بين جيلين عاشا الهزيمة، كان على الجيل الأكثر شبابًا أن يفتش عن أسئلة التغيير والتجديد، عن قيادة مهزومة ومأزومة، وقتها كانت كل ادبيات وكتابات الإخوان سعيدة وفرحة بهزيمة نظام عبدالناصر ومشروعه، لأنهم كانوا يرون فيه مرارة صراعهم وتشريدهم وتفتيتهم بين السجون والمنافى. وجد الإخوان في الشباب من جيل الهزيمة فرصة للتغلغل في اوساطهم وزعزعة قناعاتهم كتيار قومي غارق في عاطفة الهزيمة المنكسرة، فكان من الطبيعي أن يجد في الحاضنة الاسلامية نوعًا من الملاذ مثلما وجدها في فضاء يساري جديد. في تلك السنة الحاسمة 1967 سيتقلد العضو البارز والمميز الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة رئاسة مجلس ادارة نادي الاصلاح، بعد ان تخرج من كلية الحقوق - جامعة القاهرة 1962. شكلت هذه الادارة بعد ادارة الجودر سنة 1958 منعطفًا وحالة جديدة للإخوان، فمن تقلد المنصب ينتمي للعائلة الحاكمة، مما يعقّد من مهماته وتحركاته ونهجه بين شقي الرحى ودورانها. دون شك ساهم الشيخ عيسى بن محمد أثناء رئاسته للمنصب مدة طويلة بتطوير وتنشيط الجمعية وتفعيل امكانياتها ومؤسساتها ونقلها من المحيط المحلي الى الدائرة العالمية والاسلامية، نتيجة تمتعه بكاريزما لم يتمتع بها الاعضاء الاخرين في كل ادارات الجمعية. وتقلد عيسى بن محمد وفق الأدبيات المتضاربة منصب مراقب عام جماعة الإخوان المسلمون في البحرين منذ 1963 حتى 2015، وبذلك يكون معنيًا بمنصبين مهمين، تتوزع نشاطاته بين «الجماعة والجمعية»، حيث يعتبر الشيخ عيسى بن محمد مؤسس جمعية الاصلاح بمملكة البحرين عام 1950، فيما هناك وجهة نظر مفادها ان جمعية الاصلاح تأسست سنة 1948. وبذلك نكون أمام معلومتين حول هوية المؤسس الحقيقي للإخوان في البحرين. ويضيف الاستاذ قاسم الشيخ أحد أركان الرعيل الاول شهادته المهمة: «إن فكرة الحركة الاسلامية الذي يرتكز على منهج الإخوان المسلمين في مصر كان قد بدأ من خمسينيات القرن الماضي، وكان وراء ذلك جهود شخصين أو ثلاثة منهم الشيخ عبدالرحمن الجودر والاستاذ عبدالعزيز الحسن» ص46.
مشاركة :