واشنطن - أطلقت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة تحذيرا قويا الاثنين قائلة إن العالم يقترب من احترار جامح وخطير وإن البشر هم المسؤولون عن ذلك بدون أدنى شك. وحذر علماء في تقرير للهيئة من أن مستويات الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عالية بما يكفي بالفعل لضمان إحداث اضطرابات بالمناخ على مدى عقود إن لم يكن لقرون. هذا إلى جانب موجات الحر القاتلة والأعاصير الشديدة والتقلبات الجوية الخطيرة الأخرى التي تحدث الآن ومن المرجح أن تزداد شدة. وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي وصف التقرير بأنه إنذار للإنسانية، على الإنهاء الفوري لتوليد الكهرباء من الفحم وغيره من أنواع الوقود الأحفوري الملوثة للبيئة. وقال غوتيريش تعقيبًا على تقرير خبراء المناخ التابعين للأمم المتحدة الذي نُشر الاثنين إنه يعلن نهاية الوقود الأحفوري الذي "يدمر الكوكب". وأضاف في بيان أن التقرير وهو الأول من نوعه منذ سبع سنوات هو "إنذار أحمر للبشرية. أجراس الإنذار تصم الآذان: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تخنق كوكبنا". قال خبراء المناخ التابعون للأمم المتحدة في تقريرهم الجديد الإثنين إن مسؤولية البشرية عن ظاهرة الاحتباس الحراري "لا لبس فيها"، موضحا أن أن النشاطات البشرية تسببت في ارتفاع درجة الحرارة 1.1 درجة تقريبا منذ القرن التاسع عشر. وقالت فاليري ماسون ديلموت الرئيسة المشاركة لمجموعة الخبراء التي طورت هذا النص: "من الواضح منذ عقود أن نظام مناخ الأرض يتغير ودور التأثير البشري في النظام المناخي لا جدال فيه". يأتي تقرير اللجنة قبل ثلاثة أشهر من مؤتمر مناخي مهم للأمم المتحدة سيعقد في غلاسغو باسكتلندا، حيث ستتعرض الدول لضغوط للتعهد بإجراءات طموحة وتمويل كبير لمكافحة تغير المناخ. ويعتمد التقرير على أكثر من 14 ألف دراسة علمية، ويقدم أشمل وأكثر الصور تفصيلا على الإطلاق بشأن كيف يؤثر التغير المناخي على العالم الطبيعي، وما قد يحدث مستقبلا. وقال التقرير إن الانبعاثات "الناتجة دون أدنى شك عن أنشطة البشر" دفعت متوسط درجة حرارة العالم للارتفاع 1.1 درجة مئوية عنها قبل الثورة الصناعية، وكان يمكن أن ترفعها نصف درجة أخرى لولا التأثير الملطف للتلوث في الغلاف الجوي. هذا يعني أنه مع ابتعاد المجتمعات عن الوقود الأحفوري سيختفي الكثير من الغبار الجوي وقد ترتفع درجات الحرارة. وحذر العلماء من أن ارتفاع متوسط درجات الحرارة بأكثر من 1.5 درجة عنه قبل الثورة الصناعية قد يؤدي إلى تغير مناخي جامح بما له من آثار كارثية مثل ارتفاع الحرارة الذي يدمر المحاصيل أو يؤدي إلى الوفاة. وتابع التقرير أن الوقت ينفد أمام العالم لمجرد إبطاء التغير المناخي. فحتى إذا خفض العالم الانبعاثات بدرجة كبيرة خلال العقد المقبل، فقد يرتفع متوسط درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية بحلول 2040 وربما 1.6 درجة بحلول 2060 قبل أن يستقر. موجات حارة كل عقد وتوقع التقرير تكرار الموجات الحارة الشديدة كل عشر سنوات بعد أن كانت تحدث مرة كل 50 عاما وذلك بسبب الاحتباس الحراري العالمي كما أن الجفاف وهطول الأمطار بغزارة أصبحا أيضا أكثر تواترا. وخلص التقرير إلى أننا نشهد بالفعل آثار تغير المناخ حيث ارتفعت درجة حرارة الكوكب بما يزيد عن درجة مئوية في المتوسط. ومع تزايد هذا الارتفاع في درجة حرارة الأرض، من المتوقع أن تتزايد معه وتيرة الموجات الحارة الشديدة والجفاف والسيول وأن تشتد حدتها أيضا. وهذه هي المرة الأولى التي يحدد فيها تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والتابعة للأمم المتحدة كميا احتمالات حدوث مثل تلك الظروف الجوية القاسية في إطار عدد كبير ومتنوع من السيناريوهات المتوقعة. وخلص التقرير إلى أن الأمطار الغزيرة التي كانت تحدث مرة كل عشر سنوات أصبحت الآن أكثر تواترا وحدة مقارنة بما كانت عليه خلال السنوات الخمسين السابقة لعام 1900 عندما بدأت حرارة الكوكب تزيد بسبب النشاط البشري. وقد تتكرر موجات الجفاف كل خمس أو ست سنوات بعد أن كانت تحدث مرة كل عشر سنوات. وأكد العلماء على أن تأثيرات تغير المناخ تحدث بالفعل بالنظر إلى أحداث مثل الموجة الحارة التي ضربت شمال غرب الهادي بالولايات المتحدة وقتلت المئات في يونيو حزيران وموجة الجفاف الحالية في البرازيل وهي الأسوأ منذ 91 عاما. ويقول باولو أرتاكسو وهو من كبار المشاركين في إعداد التقرير وأستاذ الفيزياء البيئية بجامعة ساو باولو "الموجة الحارة في كندا والحرائق في كاليفورنيا والفيضانات في ألمانيا والفيضانات في الصين والجفاف في وسط البرازيل يجعل من الواضح للغاية أن الظروف المناخية القاسية لها تبعات وخيمة جدا". وأشار التقرير إلى أن الموجات الحارة تزيد بوتيرة أكبر من أي ظروف مناخية قاسية أخرى نتيجة تغير المناخ، وأن الموجات شديدة الحرارة التي كانت تحدث مرتين في القرن فحسب قد تحدث تقريبا مرة كل ست سنوات مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية وهو معدل يقول التقرير أننا قد نتخطاه خلال عقدين. وقال فريدريك أوتو وهو أحد علماء المناخ بجامعة أوكسفورد ومن المشاركين في وضع التقرير إن وتيرة موجات الجفاف ستزداد في المناطق المعرضة بالفعل له ومن بينها منطقة البحر المتوسط وجنوب أستراليا وغرب أمريكا الشمالية. وأشار العلماء إلى أن توقعات ظروف الطقس القاسية الواردة في التقرير تسلط الضوء على أهمية الحد من تغير المناخ وفقا للمستويات المذكورة في اتفاقية باريس للمناخ.
مشاركة :