رأس السنة الهجرية.. نفحات روحية من المدونة الشعرية

  • 8/10/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يحل اليوم الثلاثاء رأس السنة الهجرية، الذي يحتفي فيه العالم الإسلامي بحدث عظيم في تاريخ الإسلام، لما يكتسبه من أبعاد روحية وتاريخية عظيمة كونه ذكرى بداية التّقويم الهجري، الذي يؤرخ لهجرة النّبي، صلى الله عليه وسلّم، من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنورة، ذلك الحدث العظيم، الذي شكّل علامة فارقة ومرجعية في تاريخ الإسلام. وفي الإمارات يحتفي الجميع برأس العام الهجري الجديد، بتبادل التهاني والتبريكات، وجلسات المالد ونوبات المديح والسماع الروحي، المُحيية للقلب والوجدان.. كما تقام جلسات المالد أيضاً في كل المناسبات الدينية الكبيرة كالمولد النبوي الشريف، وفيها تقرأ نصوص نثرية وشعرية عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر مكارم من شمائله الشريفة.. ومن أشهر النصوص النثرية، في هذا المقام خاصة، التي لقيت القبول عند العلماء وعامة الناس في العديد من البلدان، مولد «عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر»، الشهير بـ«مولد البرزنجي»، نسبة إلى مفتي الشافعية بالمدينة المنورة زين العابدين جعفر بن حسن البرزنجي (المتوفى سنة 1177 هـ /‏ 1764م). كما تقرأ في المناسبات الإسلامية العظيمة أيضاً أشعار من المديح النبوي بكل ما فيها من جمال في المعنى والمبنى وحب عميق للنبي صلى الله عليه وسلم. وبطبيعة الحال فقد كانت لهذه المناسبة أصداؤها الإبداعية لدى أعظم الشعراء الإماراتيين والعرب، الذين تغنّوا بها في قصائد تعد من نفحات وعيون الإبداع في المدونة الشعرية العربية، ومن ذلك مثلاً احتفاء حافظ إبراهيم برأس السنة الهجرية، في قصيدته الشهيرة: أَطَلَّ عَلى الأَكوانِ وَالخَلقُ تَنظُرُ هِلالٌ رَآهُ المُسلِمونَ فَكَبَّروا تَجَلّى لَهُم في صورَةٍ زادَ حُسنُها عَلى الدَهرِ حُسناً أَنَّها تَتَكَرَّرُ وَبَشَّرَهُم مِن وَجهِهِ وَجَبينِهِ وَغُرَّتِهِ وَالناظِرينَ مُبَشِّرُ وَأَذكَرَهُم يَوماً أَغَرَّ مُحَجَّلاً بِهِ تُوِّجَ التاريخُ وَالسَعدُ مُسفِرُ وَهاجَرَ فيهِ خَيرُ داعٍ إِلى الهُدى يَحُفُّ بِهِ مِن قُوَّةِ اللَهِ عَسكَرُ وتتصدر في هذا المقام أيضاً قصائد المديح النبوي التي أبدع فيها أعظم الشعراء، كقصيدة «البردة» في مدح الرسول، صلى الله عليه وسلم، للإمام البوصيري، التي يقول فيها: مولاي صلّ وسلّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشي إليه على ساق بلا قدم وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى فضله ما شئت من عظم. ولصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، قصيدة رائعة بهذه المناسبة بعنوان «المسكية في مدح خير البرية»، يقول فيها: أهدى إليّ الشّعر ريّقه فجعلت لي في الشعر بستانا وغرست في مدح النّبي شجا وسقيته روحاً وريحانا هو رحمة للناس أرسله رب العباد هدى وتبيانا يا رب أكرم أمّة شرفت بمحمد فضلاً وغفرانا وكذلك نظم الشاعر سالم بن علي العويس، قصيدة فيها مجاراة لقصيدة «البردة»، نقتطف منها: يا سالف الدّهر بين الحلّ والحرم لأنت أشهر من نار على علم ما ظنّ والليل ساجٍ في غياهبه بفائق من ضياء الصبح مزدحم حتى تكشّف للأبصار عن كثب عَلمٌ يحيّر رأس العُرب والعجم. وفي قصيدة للشاعر إبراهيم بوملحة نقرأ: يا ربّ صلّ على النّبي محمد ملء السما والأرض والأكوان لما أتيت إلى الوجود تعطّرت أسماعه بتلاوة القرآن. ونظم الشاعر سيف المرّي قصيدة في مدح الرسول، يقول فيها: من مثل أحمد في عظيم صفاته في خلقه أو جوده وسخائه قد كان نوراً في جبين جدوده في السّادة الأطهار من آبائه حملته آمنة المطهّر حملها وتشرّفت بجلاله وبهائه. وكتب أيضاً شعراء عرب مسيحيون في غرض المديح النبوي، وقد نظموا أشعارهم من هذا المنظور الحضاري، ومنهم الشاعر جاك شمّاس، الذي قال: إنّي مسيحي أجلّ محمدا وأجلّ ضاداً مهده الإسلام وأجلّ أصحاب الرسول وأهله حيث الصحابة صفوة ومقام أودعت روحي في هيام محمد دانت له الأعراب والأعجام وكذلك كتب الشاعر السوري الشهير نزار قباني في هذا الغرض بجملة من قصائده، جاء في إحداها: عزّ الورود وطال فيك أوام وأرِقت وحدي والأنام نيام ورَد الجميع ومن سناك تزودوا وطردت عن نبع السّنى وأقاموا يا من ولدت فأشرقت بربوعنا نفحات نورك وانجلى الإظلام. ونختتم مع أمير الشعراء أحمد شوقي، برائعته «ولد الهدى»: ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسّم وثناء الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بُشراء والعيش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العصماء.

مشاركة :