آبي أحمد يحشد الإثيوبيين لمواجهة جبهة تحرير تيغراي

  • 8/10/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أديس أبابا-  دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الثلاثاء “جميع الإثيوبيين المؤهلين والبالغين” للانضمام إلى القوات المسلحة في وقت امتد النزاع الجاري في تيغراي منذ تسعة أشهر إلى إقليمي عفر وأمهرة في شمال البلاد خلال الأسابيع الأخيرة. وأعلن مكتب رئيس الوزراء في بيان “حان الوقت لجميع الإثيوبيين المؤهلين والبالغين للانضمام إلى قوات الدفاع والقوات الخاصة والميليشيات، وإظهار وطنيتهم”، وذلك بعدما أعلن آبي قبل أقل من شهرين وقف إطلاق نار من طرف واحد. ويشهد شمال إثيوبيا نزاعا منذ نوفمبر الماضي، بعدما أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد قوات للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الحاكم في الإقليم والذي هيمن على الساحة السياسية الوطنية مدى ثلاثة عقود قبل تسلّم آبي السلطة في 2018. واتهم آبي أحمد جبهة تحرير تيغراي بأنها "أصبحت شريكا للأعداء الأجانب". وهذه الجبهة مجموعة متمردة تنحدر من منطقة تيغراي في أقصى شمال إثيوبيا تحولت إلى القوة القتالية الأكثر شدة عندما حاربت النظام ضد السلطة العسكرية التي تأسست بعد الإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي في 1974.. قامت ببناء تحالف مؤلف من عدة مجموعات عرقية أخرى أكبر، لتشكل الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية. هذه الجبهة تم اعتبارها منظمة جامعة تمكنت تيغراي من خلالها من ممارسة سلطتها السياسية والسيطرة على الأمن والخدمات المسلحة وتجميع الثروة. ساد هذا النظام الذي سيطرت عليه تيغراي منذ ما يقرب من ربع قرن حتى اضطرت الاحتجاجات المعادية للنظام التي استمرت لفترة طويلة في منطقتي أورومو وأمهرة إلى تصفية الحسابات داخل الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، مما دفع في النهاية آبي أحمد وحلفائه إلى تولي السلطة. وتعتمد إثيوبيا نظاما فيدراليا، وتيغراي واحدة من الولايات العشر في الاتحاد الإثيوبي. من نوبل للسلام إلى الحرب شهدت أثيوبيا في سنة 2018 عملية تحول تاريخية مع وصول رئيس الوزراء الشاب الجديد، آبي أحمد للحكم، محملا بوعود إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة تهدف إلى تحرير البلاد من نظامها الاستبدادي السابق. وبعد عام واحد حاز آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام لما بذله من جهد في إقرار السلام وتسوية النزاع الحدودي مع إريتريا. وشهدت أثيوبيا بعض التحولات في سياق التغيير والإصلاح الذي وعد به آبي أحمد وأرخيت القبضة على وسائل الإعلام وبدأت صورة أثيوبيا تتحسن في الخارج. لكن، لم سرعان ما تلاشت هذه الإثارة بشأن التغيير في القيادة، حيث أصبح من الواضح أن النظام نفسه، وبالتالي نفس المشاكل، ظل قائما. فقد اختار آبي أحمد، الذي فاز في الانتخابات التي شهد البلاد في يونيو 2021، بأغلبية ساحقة، طريق الصدام لمواجهة الخصم جبهة تحرير تيغراي ولتنفيذ الإصلاحات التي كان من بينها من تفكيك هيمنة تيغراي على نظام الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية. ووصف آبي أحمد جبهة تحرير تيغراي بـ "سرطان لإثيوبيا"، وشن حملة اعتقالات دفعة المتمردين في تيغراي إلى التصعيد ونفذت هجمات نفّذتها الجبهة ضد معسكرات للجيش. ليخوض على أثرها الطرفان صراعا أعلن فيه آبي النصر فيه في نهاية نوفمبر إثر السيطرة على عاصمة الإقليم ميكيلي. لكن اتّخذت الحرب منعطفا مفاجئا في يونيو عندما استعادت قوات موالية لجبهة تحرير شعب تيغراي ميكيلي وانسحب منه القسم الأكبر من القوات الإثيوبية. وبعد إعلان آبي وقف إطلاق نار من جانب واحد برره رسميا باعتبارات إنسانية، وانسحاب الجنود الإثيوبيين، واصلت جبهة تحرير شعب تيغراي هجومها شرقا باتّجاه عفر وجنوبا باتّجاه أمهرة. وتؤكد الجبهة أنها لا تريد السيطرة على أراض في أمهرة أو عفر، بل تريد تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة ومنع القوات الحكومية من حشد صفوفها من جديد. وكانت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي اتهمت الحكومة الاتحادية بافتعال أزمة إنسانية في هذا الإقليم بعد تكبد القوات الحكومية هزيمة ميدانية هناك. أزمة إنسانية قتل 12 شخصا وأصيب العشرات في هجوم استهدف مدنيين في منطقة عفر التي تشهد في الأسابيع الأخيرة معارك بين متمردي تيغراي والقوات الحكومية. ويحذر عمال الإغاثة من خطر التصعيد بعد دعوة آبي أحمد ا جميع البالغين في بلاده للانضمام إلى القوات المسلحة لمواجهة جبهة تحرير شعب تيغراي. وأوضح مدير مستشفى بلدة دوبتي، أبو بكر محمود أن الهجوم وقع في 5 أغسطس في بلدة غاليكوما التي نُقل منها الضحايا. وأسفرت تسعة أشهر من النزاع عن سقوط آلاف القتلى ونزوح عشرات الآلاف، فيما يسود المنطقة وضع إنساني كارثي. وحذرت الأمم المتحدة بأن نحو 400 ألف شخص في تيغراي “يعانون من المجاعة". كما أفاد المدير الإقليمي لشرق أفريقيا في برنامج الأغذية العالمي مايكل دانفورد أن خطر مجاعة يهدد المدنيين في عفر وأمهرة بسبب النزاع، في بيان أكّد فيه أن 300 ألف شخص في هاتين المنطقتين يواجهون “حالات طوارئ” غذائية. وشهدت أثيوبيا، ذات التركيبة العرقية المعقدة، في الفترة الأخيرة ارتفاعا في التوترات العرقية في جميع أنحاء البلاد وخاصة بين تيغراي وأمهرة وأورومو. وأدت التوترات إلى حوادث عنف واغتيالات ومذابح ونزوح داخلي كبير. ولجأ آبي أحمد إلى الميليشيات العرقية لدعم جبهته ضد جبهة تحرير تيغراي. وعزز تشكيلها في إقليم عفار ومناطق أخرى من إثيوبيا. وهو أمر خطير ومن المرجح أن يؤدي إلى نتائج عكسية. وتشرح الباحثة في معهد بروكينغز فندا فلباب-براون، ذلك بقولها "كما هو الحال في أي مكان آخر حول العالم، فإن العديد من القوات شبه العسكرية العرقية في أثيوبيا لديها أجندات محلية، بعضها يتصادم مباشرة مع أديس أبابا. وبعد محاربة جبهة تحرير تيغراي قد ينقلب العديد من الميليشيات التي ظهرت حول إثيوبيا ضد العاصمة، وكذلك ضد بعضها البعض، في صراعاتهم حول الموارد وتوزيع السلطة".

مشاركة :