الرياضة قوة تغير ملامح العالم

  • 8/11/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تبذل الدول جهودا كبيرة، وتنفق مبالغ طائلة لصناعة صورة ذهنية عنها، عبر سلسلة من البرامج متوسطة وطويلة المدى تحت مظلة الحملات الدعائية التي تتنوع أساليبها وطرق ممارستها. إلا أن القاسم المشترك فيها أن جميع الدول تبحث عن منافذ يسلط من خلالها الضوء عليها. وقد نجحت الرياضة وباقتدار في اختصار تلك المسافات والجهود المبذولة، بل وذهبت لما هو أبعد من ذلك، بأن فاق أثرها الدعائي أضعاف تأثير القطاعات الأخرى. ولهذا فإن تعاطينا مع الأحداث الرياضية لا بد ألا يكون بنظرة وأفق ضيقين، بل يجب أن ننظر لها بمنظور أكثر شمولية. لعل البعض وقع في فخ المناكفة الجماهيرية بين الهلال والنصر حول عدد مشاهدات إعلان التعاقد مع اللاعبين الأجانب المؤثرين، دون أن يذهبوا باتجاه أن تلك الأرقام الكبيرة وحجم المشاهدات لها التي تخطى كثير منها محيطنا الداخلي، كفيل بإيصال صورة ذهنية إيجابية ومميزة عنا. علاوة على الكم الهائل من القنوات والصحف ووكالات الأنباء العالمية التي تداولت أخبار تلك التعاقدات جميعها مؤشرات تذهب باتجاه أننا نجحنا في تصدير منتجنا الرياضي للخارج، وهذا كفيل بترسيخ انطباعات إيجابية في ذهن المتلقي الخارجي عن الحراك الكبير الموجود لدينا. وطالما أن الحديث عن السياق المحلي وكيفية صناعة الصورة من خلالها، لكم أن ترصدوا حجم التغطية الكبيرة والزخم المصاحب لحصول البطل طارق حامدي على الميدالية الفضية، وكيف أصبح حديث وسائل الإعلام الغربية قبل المحلية. حديث تلك الوسائل لم يكن من منطلق إخباري بحصوله على الميدالية فحسب، بل اتجهوا لصناعة القصة الخبرية ما يجعل إمكانية التعرف على البطل وبلد البطل أكبر. ذلك التأثير البالغ هو ما يفسر حرص الدول والتنافس فيما بينها على احتضان الأحداث الرياضية، فإضافة إلى العائدات المالية الضخمة من تنظيم تلك المناسبات، والتي تفوق تكلفة استضافتها، إلا أن هناك بُعدا مهما جدا متمثلا في صناعة الصورة الذهنية عن البلد والتعرف عليه بشكل أكبر. ويمكن التمثيل بالتجربة الروسية في احتضانها لكأس العالم الأخيرة خير مثال، فحجم القادمين لروسيا خلال تلك الفترة ومن جنسيات متعددة، لم يكن له مثيل سوى حين احتضنت الأولمبياد مطلع الثمانينيات الميلادية، ورغم مقاطعة عدد من الدول لها فإنها نجحت حينها في صياغة صورة ذهنية إيجابية عنها. احتضان الأحداث الرياضية وصناعة الأبطال، حجم تأثيرهما كبير جدا، وهذان الرافدان لديهما قدرة قوية في تدفق شريان الاقتصاد والسياحة، وكذلك المكاسب السياسية، وهو ما يعرف بالقوى الناعمة. وقد نجحت اليابان والصين بالفعل خلال الألعاب الأولمبية، أخيرا، في تحقيق أهداف متعددة فتصدرهما لعدد الميداليات إلى قبل نهايتها بفترة وجيزة، كان كفيلا بوضعهما تحت بقعة الضوء طويلا، وتحديدا التنين الصيني الذي جاء إلى الأولمبياد محملا بتبعات الصورة السلبية المشكلة عنه جراء جائحة كورونا. ومن النماذج التي سيظهر انعكاسها في القريب العاجل مدى تأثر الدوري الإسباني والسياحة تحديدا في برشلونة برحيل النجم الأرجنتيني ميسي، حيث تمكن من صناعة صورة ذهنية مميزة لإقليم كتالونيا، ما أسهم في زيادة نسبة السياح القادمين إليها، بحجة الحضور لملعب الكامب نو ومشاهدة ميسي. يقول نيلسون مانديلا: الرياضة لها سلطة تغيير العالم، وسلطة توحيد الناس. الرياضة تخلق الأمل في مكان لا يوجد فيه إلا اليأس، إنها أقوى من الحكومات في إسقاط الحواجز العنصرية».

مشاركة :