بعد حياة ثقافية حافلة، غيَّب الموت، الأديب المصري الكبير، جمال الغيطاني، عن عمر ناهز الـ(70)عامًا صباح أمس الأحد، بمستشفى الجلاء العسكري بالقاهرة. وتعرَّض الكاتب الراحل قبل أيام لوعكة صحية طارئة؛ بسبب ضيق التنفس، دخل على إثرها في غيبوبة تامة، لعدم وصول الأكسجين إلى المخ، وتم نقله إلى مستشفى الجلاء العسكري، إلى أن لبى نداء ربه. وقد أعلنت أسرة الروائي الغيطاني نبأ رحيله على لسان زوجته الصحافية ماجدة الجندي التي كتبت لوسائل إعلام محلية أن الغيطاني «توفى صباح الأحد في مستشفى الجلاء العسكري». وكان الراحل من أبرز الروائيين الذين التفوا حول الروائي الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1988 الراحل نجيب محفوظ وخصوصًا في مجالسه الأسبوعية الشهيرة. ووصف رئيس اتحاد الكتاب العرب، محمد سلماوي، الذي كان مرافقًا للغيطاني بالمستشفى خلال فترة مرضه الأخيرة، رحيل الغيطاني، بأنه يمثَِّل خسارة كبيرة لا تعوَّض للأدب والحياة الثقافية العربية، مضيفًا في تصريح خاص لـ»المدينة»: «مصر فقدت واحدًا من أعظم كتابها، وفقد الأدب العربي أحد رجالاته الكبار». كما أصدر اتحاد الكتاب العرب، بيانًا رسميًا ينعى فيه الغيطاني قائلًا: «القاص والروائي الكبير جمال الغيطاني، يعد غيابه خسارة فادحة للمشهد الأدبي المصري والعربي؛ فقد مثَّل إنتاجه الأدبي طوال نصف قرن علامة من علامات القصة والرواية العربية، بدءًا من مجموعته الأولى «أوراق شاب عاش منذ ألف عام»، مرورًا برواياته التي شكلت علامات في التاريخ الأدبي مثل: «الزويل»، و»الزيني بركات»، و»متون الأهرام»، و»رسالة في الصبابة والوجد»، و»التجليات»، و»نوافذ النوافذ»، و»رسالة البصائر والمصائر». وأضاف الاتحاد: «تتلمذ الغيطاني على يد أستاذه نجيب محفوظ، فقد نشأ وعاش مثله فترة من حياته في حي الجمالية القديم بالقاهرة، حيث عبق التاريخ والآثار الفاطمية، وقداسة الجامع الأزهر بما يمثله من قيم دينية وتاريخية، وهو ما أثَّر على كتاباته بشكل عام. من جهته قال الفنان محمد صبحي لـ»المدينة»: «الغيطاني قيمة وقامة، وقد فجعنا بالخبر وعلينا أن نترحم كثيرًا على الأدب العربي من بعده، لكن أعماله ستظل خالدة يستفيد منها القاصي والداني في العالم العربي». ولد الغيطاني في 9 مايو 1945 بمحافظة سوهاج، وتخرج في مدرسة العباسية الثانوية الفنية حيث درس فن تصميم السجاد الشرقي وصباغة الألوان، وتخرج عام 1962، وفي عام 1969 أصبح مراسلًا حربيًا على جبهات القتال لصالح مؤسسة «أخبار اليوم» المصرية، وفي عام 1974 انتقل للعمل في قسم التحقيقات الصحافية. وبعد 11 عامًا أضحى رئيسًا للقسم الأدبي في صحيفة «أخبار اليوم»، وفي عام 1993 أسس جريدة أخبار الأدب، وشغل منصب رئيس التحرير. لديه العديد من المؤلفات منها «أوراق شاب عاش منذ ألف عام، الزويل، حراس البوابة الشرقية، متون الأهرام، سفر البنيان، خلسات الكرى، الزيني بركات التي تحولت إلى عمل درامي، الرفاعي، رشحات الحمراء، المجالس المحفوظية، أيام الحصر، مقاربة الأبد، خطط الغيطاني، وقائع حارة الطبلاوي، هاتف المغيب، توفيق الحكيم يتذكر، نجيب محفوظ يتذكر، أسفار المشتاق، وغيرها.» حاز على عدد كبير من الجوائز الأدبية، منها: جائزة الدولة التشجيعية للرواية عام 1980، وجائزة سلطان بن علي العويس، عام 1997، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ووسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس عام 1987، وجائزة لورباتليون لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته التجليات مشاركة مع المترجم خالد عثمان في 19 نوفمبر 2005، وجائزة الدولة التقديرية (مصر) عام 2007 والتي رشحته لها جامعة سوهاج. وعلى المستوى السياسي تعرض الغيطاني للاعتقال بضعة أشهر بسبب نشاطاته السياسية إبان ولاية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كما عرف بتصريحاته المعارضة لبعض رموز الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك مثل وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني وأمين عام الحزب الوطني أحمد عز، كما هاجم الإخوان المسلمين بعد تولي محمد مرسي رئاسة مصر. وأصبح الغيطاني مؤيدًا قويًا لقائد الجيش السابق الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي الذي أطاح بمرسي في يوليو 2013.
مشاركة :