لا تحارب المعركة لتوفير الأمن الغذائي في المناطق الريفية، في الحقول فقط، بل يمكن للحلول أن تأتي أيضاً من المختبرات، كما يثبت أحد المشاريع الناجحة في شرق أفريقيا. ويعمل تقنيون في مختبر للتكنولوجيا الزراعية - البيولوجية، بتمويل ودعم تقني من «الوكالة الأميركية للتنمية الأفريقية» (يو أس أي دي أف)، على تطوير أدوات لمكافحة الجوع وتحسين المحاصيل الزراعية في مناطق أوغندا الريفية. وأعلنت الوكالة في بيان أخيراً أن التمويل الذي قدمته ساعد شركة «أغرو-جينيتك تكنولوجيز المحدودة» (أي جي تي)، وهي شركة خاصة تعمل في كمبالا، على إنتاج محاصيل أساسية ذات قدرة أكبر على البقاء، مثل البن والموز. يُذكر أن «الوكالة الأميركية للتنمية الأفريقية» هي وكالة حكومية أميركية مستقلة تأسست لدعم حلول مصممة على أيدي الأفارقة، وتقدم منحاً مباشرة تصل إلى 250 ألف دولار لجمعيات مهمشة في المجتمعات الأهلية وشركات قائمة في أفريقيا لمساعدتها على خلق فرص العمل واستدامتها، وتحسين مستويات المداخيل ومعالجة حاجات التنمية الاجتماعية. وشهدت أوغندا، بدءاً من أواخر تسعينات القرن العشرين، انخفاضاً كبيراً في المحاصيل، نتيجة مجموعة من الآفات والأمراض، إذ مات 50 في المئة من غرسات بن «روبستا» بسبب مرض ذُبول البن، ما أثر سلباً على الصادرات، بينما تركت المحاصيل المتدنية من الموز صغار المزارعين، الذين يزرعون أكثر من 90 في المئة من الموز، عاجزين عن بيعها وإطعام أسرهم منها في الوقت ذاته، ما أجبرهم على الاختيار بين أمرين أحلاهما مرّ. وجاء الإنقاذ على يد شركة «أغرو - جينيتك تكنولوجيز»، التي تستخدم التكنولوجيا بنجاح لضمان الأمن الغذائي لعدد أكبر من الأسر الأوغندية الريفية، كما تستخدم تقنيات زرع الأنسجة لإنتاج نباتات مقاومة للآفات والأمراض، ومن ثم تُستخدم الشتول «القوية» لاستبدال النباتات التي تنتج محاصيل قليلة بنباتات أسرع نمواً وتعطي إنتاجاً أكثر وفرة. وفي عام 2007، كانت الشركة تعمل مع ثمانية آلاف من صغار المزارعين في الأراضي، من خلال تدريبهم على إعداد الأراضي وإدارة المزارع، وأيضاً في المختبر لإنتاج شتول الموز والبن اللازمة، ولكن الشركة أرادت زيادة قوة تأثيرها. ومنحتها «الوكالة الأميركية للتنمية الأفريقية» منحة أولية قيمتها 85 ألف دولار لبناء القدرات من أجل تحسين أنظمة الأعمال المكتبية، وتقويم السوق ووضع خطة عمل أكثر متانة. وخلال عامين تضاعف عدد المزارعين الذين تخدمهم الشركة، ووسعت مخازنها من الشتول. ونظراً إلى هذا النمو والتأثير، استخدمت الشركة منحة التوسع، وقيمتها 215 ألف دولار، المقدمة من الوكالة لشراء معدات علمية ومضاعفة حجم مختبرها. وجعلت الاستثمارات الحافزة للوكالة من الشركة مختبراً رئيـساً للتـكنولوجيا الأحيائية في شرق أفريقيا، ووفرت لها القدرة على زيادة مردود المحاصيل لإنتاج كميات أكبر ومساعدة عدد أكبر من الناس على إطعام أسرهم.
مشاركة :