النهضة تمهد لاستقالة الغنوشي من رئاسة البرلمان تونس – حمل بيان حركة النهضة الإسلامية الخميس إشارات واضحة على استعداد الحركة لتقديم تنازلات من بينها استقالة راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان، لأجل الخروج من الأزمة التي تعيشها سواء في بيتها الداخلي أو في المشهد السياسي الذي يحمّلها مسؤولية الأزمة المستحكمة التي تعيشها تونس. وعكس البيان الذي توقف لأول مرة عن وصف ما جرى يوم الخامس والعشرين من يوليو الماضي بالانقلاب رغبة في التهدئة تجاه الرئيس قيس سعيد وتجنب الصدام مع الشارع التونسي من خلال الحديث عن نقد ذاتي. وقالت أوساط مقربة من حركة النهضة إن نقاشات واتصالات تتم مع أكثر من جهة تحمل عرضا واضحا من الحركة بأنها على استعداد لعرض استقالة الغنوشي من رئاسة البرلمان مقابل التهدئة مع رئاسة الجمهورية. ونقلت هذه الأوساط عن قياديين بالحركة قناعتهم بأن الغنوشي يمثل عقبة أمام الخروج من الأزمة ليس فقط في العلاقة مع الرئيس سعيد، ولكن مع حلفاء تقليديين للحركة يرون بقاءه إذكاء للخلافات، وهو نفس الموقف الذي بات سائدا لدى أغلب أنصار الحركة وجزء كبير من قياداتها العليا والوسطى. وقال البيان الذي أصدرته الحركة الخميس إنها ستكون “مرنة في البحث عن أفضل الصيغ لإدارة البرلمان وضبط أولوياته وتحسين أدائه، حتى يستأنف أدواره قريبا ويسهم في إعداد البلاد إلى انتخابات مبكرة”، وهو ما اعتبره نشطاء سياسيون ومراقبون تمهيدا لإقالة الغنوشي إذا حصلت الحركة على ما تريده من وراء ذلك. وأكد عبداللطيف المكي القيادي البارز في شق المعارضين للغنوشي في لقاء تلفزيوني أن “رئيس البرلمان مستعد للتنازل عن رئاسة البرلمان في حال وجود حل جماعي لعقدة المسار الديمقراطي”. وتسعى الحركة للقيام بأيّ خطوة من شأنها الإيحاء بأنها فهمت الرسالة الشعبية التي جسدتها تظاهرات الخامس والعشرين من يوليو، وذلك بعد تقييمات داخلية أظهرت تراجع شعبية الحركة وتراجع أنصارها في مقابل صعود شعبية الرئيس سعيد. وقالت الحركة في بيانها إنها “تلقت رسالة الشّعب، وستعلن بكل شجاعة نقدها الذاتي ولن تتأخر في دعم أيّ توجهات تحترم الدستور وفي مقدمتها إنفاذ القانون دون استثناء، وملاحقة الفاسدين، وإنجاز إصلاحات اقتصادية وسياسية، والحفاظ على استقرار ووحدة البلاد”. وكان عدد من القياديين البارزين في الحركة قد حثوا على اتخاذ خطوات عاجلة لتغيير صورة الحركة بين أنصارها ولدى التونسيين بعدما ارتبط اسمها بالفشل الحكومي واتهامات لها بتوفير غطاء للفساد. ومن بين هذه الخطوات تغييرات في القيادة، ولا يقف الأمر عند استقالة الغنوشي فقط، بل إقالة المكتب التنفيذي، ودفع أسماء باتت مكروهة شعبيا إلى التراجع عن الواجهة مثل رئيس مجلس الشورى عبدالكريم الهاروني. ودعت مجموعة من شباب الحركة، من بينهم نواب في البرلمان وأعضاء في المكتب التنفيذي وأعضاء مجلس الشورى وأعضاء مكاتب مركزية ومحلية وأعضاء مجالس بلدية، الغنوشي إلى “تحمّل المسؤولية كاملة بخصوص التقصير في تحقيق مطالب الشعب وتفهّم حالة الاحتقان والغليان”. واعتبرت هذه المجموعة أن “الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحركة وطريقة إدارتها للتحالفات والأزمات السياسية لم تكن ناجعة”، كما طالبت بحل المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة. وفي محاولة لإيقاف موجة الغضب داخلها وخارجها، بدأت النهضة تغير خطابها نحو الاعتراف بالمسؤولية والكف عن اتهام الآخرين. وأكدت حركة النهضة في بيانها أن “الأزمة المركّبة والمتراكمة التي عاشتها تونس بلغت درجة من التأزيم والتعطيل في الفترة الأخيرة، بما جعلها في حلقة مغلقة سياسيا ودستوريا”. وتابعت أنّ ” قرارات الخامس والعشرين من يوليو الماضي الرئاسية جاءت لتكسر هذه الحلقة المغلقة بحثا عن حلول، لكن بعض تلك القرارات ذهبت بعيدا في الخرق الجسيم للدستور”. كما أعلنت عن تشكيل لجنة داخلية مؤقتة لإدارة الأزمة السياسية في البلاد. وقالت النهضة في البيان نفسه إنها شكلت لجنة لإدارة الأزمة السياسية في البلاد برئاسة عضو المكتب التنفيذي للحركة محمد القوماني. وأضافت أن “اللجنة مؤقتة وذات تفويض حصري في الملف، وهي الجهة الرسمية الوحيدة التي تلزم الحركة، ولا تلزمها أيّ مواقف أو مبادرات أو تصريحات أخرى ذات صلة مهما كانت”. وأوضحت أن “اللجنة تبحث عن حلول وتفاهمات تجنب تونس الأسوأ وتعيدها إلى الوضع المؤسساتي الطبيعي”.
مشاركة :