رغم تألق اللاعب الدنماركي الشاب ميكيل دامسغارد بشكل ملحوظ في أول بطولة دولية كبرى يشارك فيها مع منتخب بلاده، فإنه يتحلى بالهدوء والاتزان. ولم تكن العطلة التي حصل عليها دامسغارد بعد يورو 2020 رائعة، حيث يقول عن ذلك: «لقد قضيت العطلة بالكامل في منزلي في الدنمارك وكنت طوال الوقت مع عائلتي وأصدقائي». وعاد دامسغارد إلى جنوا للمشاركة في التدريبات استعدادا للموسم الجديد. وقدم الجناح الدنماركي البالغ من العمر 21 عاماً مستويات استثنائية في أول موسم له مع سامبدوريا في الدوري الإيطالي الممتاز، قبل أن يلفت أنظار الجميع في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020 عندما سجل الهدف الافتتاحي لمنتخب بلاده في مرمى روسيا وقاده لتصدر المجموعة الثالثة. لقد أصبح دامسغارد بهذا الهدف أصغر لاعب دنماركي يسجل في بطولة كأس الأمم الأوروبية، وقاد منتخب بلاده للوصول للدور نصف النهائي رغم البداية المتعثرة. وكاد سقوط كريستيان إريكسن مغشيا عليه في المباراة الافتتاحية للدنمارك أن يؤثر بشكل كبير على منتخب الدنمارك والبطولة بأكملها، لكن المنتخب الدنماركي سرعان ما استعاد توازنه وثباته وقدم مستويات رائعة بعد ذلك. يقول دامسغارد عن المباراة التي سقط فيها إريكسن: «أود أن أقول إنني كنت سعيداً جداً لأنني لم ألعب تلك المباراة. لقد شعرت أن المباراة لم تكن مهمة على الإطلاق». ويشيد دامسغارد بالمدير الفني، كاسبر هولماند، الذي أشركه لأول مرة في صفوف الفريق الأول لنادي نورشيلاند وهو في السابعة عشرة من عمره، قبل أن يستدعيه لصفوف المنتخب الدنماركي الأول وهو في العشرين من عمره، ويؤكد على أن هولماند قد لعب دورا كبيرا في مساعدة لاعبي المنتخب الدنماركي في التغلب على الصدمة بعد سقوط إريكسن. يقول دامسغارد: «لقد كان هولماند متفهماً للغاية واستمع إلى ما قلنا. يمكنك أن تشعر أنه تأثر أيضا بما حدث، لذلك فإنه تفهم ما كنا نحتاجه بشكل جيد». ويشير دامسغارد إلى أن مباراة المنتخب الدنماركي أمام روسيا كانت هذه اللحظة التي شعر فيها اللاعبون الدنماركيون بأن الجماهير الغفيرة في كوبنهاغن قد بثت الحماس الشديد في نفوسهم. ويقول: «لقد كان رد الجميل للجماهير الدنماركية التي كانت هناك من أجلنا شعوراً جيداً». ويقول دامسغارد مبتسما إن المباريات التي لعبتها الدنمارك على ملعبها في البطولة كانت «تجربة تحدث مرة واحدة في العمر». وأضاف «خوض مثل هذه المباريات في بلدك يجعلك تشعر بالسعادة والحماس في نفس الوقت. لقد كان الدعم الذي حصلنا عليه جنونيا، وكان أحد الأسباب الرئيسية في المستويات الجيدة التي قدمناها خلال البطولة». وأدت هذه المستويات الرائعة إلى وصول المنتخب الدنماركي للدور نصف النهائي أمام إنجلترا على ملعب ويمبلي، وهي المباراة التي سجل فيها دامسغارد هدفا رائعا من ركلة حرة مباشرة - كان الهدف الوحيد الذي سجل من ركلة حرة مباشرة في يورو 2020، يقول دامسغارد: «لقد كان هدفاً رائعاً، وعندما سجلت هذا الهدف شعرت حقاً بأننا قادرون على هزيمة إنجلترا والوصول إلى النهائي». وبعد ذلك تعادل المنتخب الإنجليزي بهدف من نيران صديقة، قبل أن يحصل على ركلة جزاء في الوقت الإضافي بعد سقوط رحيم سترلينغ داخل منطقة الجزاء، لينبري بها هاري كين ويسجل هدف الفوز. يقول دامسغارد عن ركلة الجزاء: «إنه شعور سيئ بعض الشيء لأنه يبدو أنهم حصلوا على ركلة جزاء غير مستحقة. إذا كان يتعين عليك اختيار فريق واحد للفوز، فقد كانت إنجلترا هي الفريق الأفضل في تلك الليلة، لكن الطريقة التي خسرنا بها اللقاء جعلتنا نشعر بالمرارة». لكن الانطباع السائد بعد تلك البطولة هو أن منتخب الدنمارك يمتلك فريقا قويا وشابا يمكنه تحقيق نتائج جيدة في نهائيات كأس العالم 2022 بقطر. يقول دامسغارد: «لدينا الكثير من المواهب الرائعة وينتظرنا مستقبل مشرق. إننا نتطلع للمستقبل بثقة تامة». لقد بدأ دامسغارد مسيرته الكروية في نادي نورشيلاند خارج كوبنهاغن مباشرة، والذي انضم إليه قبل عيد ميلاده الثالث عشر. ويبني هذا النادي، المملوك لأكاديمية «رايت تو دريم» (الحق في الحلم) ومقرها غانا، فلسفته على إنتاج لاعبين وأشخاص يمتلكون شخصيات متوازنة ومتكاملة. يقول دامسغارد عن السنوات التي قضاها في ذلك النادي وهو صغير: «أعتقد أننا كنا مدركين تماماً أننا مختلفون. بالطبع أنا الآن سعيد جداً بكل شيء تعلمته لأصبح شخصاً أفضل ولقدرتي على مساعدة الآخرين». ويعتقد دامسغارد أن قدرته على التعامل مع التغيير الثقافي بعد الانتقال من الدنمارك إلى إيطاليا وهو في التاسعة عشرة من عمره، في خضم تفشي فيروس «كورونا»، يعود إلى أنه كان يتعامل مع العديد من اللاعبين من خلفيات وجنسيات مختلفة منذ سن مبكرة، كما كان يتعامل مع مدربين من غانا وساحل العاج في أكاديمية الناشئين. يقول دامسغارد عن ذلك: «لقد تعلمت الكثير عن العالم عندما كنت في أكاديمية (رايت تو دريم). لم أكن أعرف حقا ما الذي كان يحدث في البداية. لقد وجدت فجأة 20 رجلاً جديداً في غرفة خلع الملابس الخاصة بي وكان الأمر غريباً نوعاً ما، لكن عندما تعودت عليهم وتعرفت عليهم جيدا، أصبحوا زملائي في الفريق وتوطدت العلاقة بيننا. إنني أدرك الاختلاف بين الثقافات وأشعر أننا جميعاً متساوون، حتى لو كنا مختلفين». وحتى عندما كان في نادي نورشيلاند، كان دامسغارد يشعر بحماس شديد. وقد وصفه المدير التقني للنادي، فليمنغ بيدرسن (الذي يشغل الآن منصب المدير الفني) ذات مرة بأنه «أعظم موهبة أنتجتها الدنمارك منذ مايكل لاودروب». يقول دامسغارد عن بيدرسن: «لدي علاقة جيدة للغاية معه، وهو يقول بعض الأشياء المجنونة في بعض الأحيان. كنت سعيداً بالطبع لأنه يراني موهبة كبيرة. لا أعتقد أنني حققت شيئا حتى الآن، لكننا سنرى ما سيحدث مع نهاية مسيرتي. لكن لاودروب مثل أعلى لجميع اللاعبين الدنماركيين، ومن الصعب مقارنة نفسك بلاعب تتطلع إليه دائما». ومن بين المعجبين أيضا بقدرات دامسغارد رئيس نادي سامبدوريا، ماسيمو فيريرو، الذي يتذكر الجميع رد فعله المذهل في المدرجات عندما أحرز دامسغارد أول أهدافه مع فريقه الجديد في المباراة التي فاز فيها سامبدوريا على لاتسيو في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. يقول دامسغارد ضاحكا: «لقد كان يبدو مذهلا حقا». وقال فيريرو، وهو أحد مشجعي نادي روما، في تصريحات صحافية لصحيفة «كورييري ديلو سبورت» هذا الأسبوع: «دامسغارد هو لاعب خط الوسط الذي يحتاجه روما». ويعترف دامسغارد بأنه من المحتمل أن يرحل عن سامبدوريا، قائلا: «مهما حدث، أعتقد أنني سأكون سعيداً».
مشاركة :