"خلاصة الأيام" كتاب صدر مؤخرا لمعالي الدكتور فهاد الحمد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السابق، يتضمن تجربة إنسانية وإدارية تستحق القراءة. في سيرة الدكتور فهاد المهنية العصامية وضوح وطموح، وضوح في الأهداف، وطموح مستمر للانتقال من مرحلة إلى أخرى أفضل منها، وفي محتويات الكتاب مواقف كثيرة تؤكد ذلك منها، إصراره على الالتحاق بمعهد الإدارة، وقبلها محاولته الجادة في أن يكون معيدا بجامعة الملك عبدالعزيز التي حصل فيها بالانتساب على درجة البكالوريوس في الإدارة العامة. مسيرة عصامية اجتماعية وتعليمية ومهنية بدأت بالدراسة من خلال الكتاتيب في حوش مهجور، ووظيفة مدرس تربية فنية، ثم واصل تعليمه وتمسك بأهدافه حتى وصل بطموحه وإرادته ووضوح أهدافه إلى تحقيق درجة الدكتوراة، وفي المسيرة المهنية إلى عضو في مجلس الشورى، ثم مساعدا لرئيس مجلس الشورى، ثم وزيرا للاتصالات وتقنية المعلومات. مسيرة من المعاناة والتحمل وسط ظروف صعبة، وتفاصيل اجتماعية وعائلية وتعليمية وإدارية صقلت شخصيته، وتستحق التأمل. أحاول في مقال أو مقالين أن أطرح للقارئ ولو بشكل ملخص إحدى السير المهنية والتجارب الحياتية التي لا تعبر عن نجاح الأفراد فقط، وإنما نافذة تطل على مسيرة دولة حققت في مسيرة التنمية إنجازات مبهرة وهي مسيرة لا تتوقف بحثا عن الأفضل في كافة المجالات. في قراءة الكتاب شدني الحس الإداري نحو التوقف عند بعض الحالات الإنسانية والإدارية التي وجدتها تستحق الضوء والتعليق عليها، مع الإشارة إلى أن جزءا من الكتاب الذي يتحدث عن تجربة المؤلف في معهد الإدارة ليست غريبة عني بحكم زمالتنا في المعهد، ولكني أعترف أنني تعرفت على الدكتور فهاد أكثر من خلال كتابة مقارنة بزمالتنا في المعهد، ربما بسبب انغماسنا في العمل. سوف أتوقف عند بعض الحالات الإدارية والتعليق عليها، ولعلها تكون طريقة مناسبة في قراءة هذا الكتاب القيم. الموقف الأول: يتمثل في منهج إداري وطني حكيم يقوم على أهمية الكفاءة في اختيار القيادات الإدارية، بعد تعيين د. فهاد نائبا لمدير عام معهد الإدارة العامة للبحوث والمعلومات بالمرتبة الخامسة عشرة، أخبر الأستاذ محمد الفايز وزير الخدمة المدنية، ورئيس مجلس إدارة المعهد آنذاك د. فهاد أنه قال للأمير سلطان بن عبدالعزيز إن د. فهاد من الجوف، وكذلك النائب الثاني، فأجابه الأمير سلطان بأن ذلك لا يمثل مشكلة إذا كان المرشح الجديد مناسبا للوظيفة. الموقف الثاني: عن الدعم الحكومي والتحفيز، يتمثل في اتصال هاتفي بالدكتور فهاد من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان وزيرا للدفاع يهنئه فيه بتكليفه مساعدا لرئيس مجلس الشورى بالمرتبة الممتازة. يقول الدكتور فهاد عن ذلك الاتصال: "كم كان جميلا ومؤثرا أن أبدأ اللحظات الأولى من اليوم الأول في هذا الموقع الجديد بتلك العبارات المحفزة من سلمان بن عبدالعزيز". موقف آخر أنقله نصا من الكتاب: "ومما أعتز به من مهام قمت بها إبان عملي نائبا للبحوث والمعلومات اختياري من قبل الأستاذ محمد الفايز وزير الخدمة المدنية ورئيس مجلس إدارة معهد الإدارة آنذاك لتقديم الرأي والمشورة الإدارية للأمير عبدالإله بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف حينها، وكان للزميلين في الفريق الاستشاري الأستاذ محمد بن عبدالله العقلا، والدكتور منصور بن عبدالعزيز المعشوق الدور الرئيس فيما اجتهدنا في تقديمه". ما سبق موقف من المواقف الإدارية التي أوردها الدكتور فهاد الحمد في كتابه. في الموقف السابق سلوك إداري يستحق التقدير حين نسب المؤلف الدور الرئيس للعمل المنجز إلى الزميلين في فريق العمل، هذه صفة إدارية تعبر عن الثقة بالنفس والعمل بروح الفريق، تكرر هذا الموقف في استشارة لإمارة منطقة المدينة المنورة عندما كان الأمير مقرن بن عبدالعزيز أميرا لها وأشاد فيه المؤلف بدور الأستاذ محمد العقلا، والأستاذ سعود الشمري. جمع الدكتور فهاد في مسيرته بين الدراسة والعمل منذ مرحلة مبكرة، ما ساهم في تعزيز جوانب إيجابية في شخصيته تمثلت في التحمل والمثابرة وعدم الاستسلام بسهولة في طريق تحقيق أهدافه، بدأ مبكرا في اكتساب الخبرات الإدارية، عمل مدربا للهوايات في المساء لطلاب دار التربية الاجتماعية، وعمل عام 1394 في حملة إحصاء شاملة للسكان والمساكن على مستوى المملكة. الخلاصة لم تنتهِ، لكن مساحة المقال انتهت، فلنا عودة للكتاب في مقال قادم بإذن الله.
مشاركة :