الرجل الخفي يعزل إيران عن العالم

  • 8/14/2021
  • 19:39
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن أكثر المتفائلين في إيران يتوقع أن رجل الحرس الثوري الذي عزله محمد جواد ظريف وأبعده عن طريقه، سيعود ذات يوم ليصبح وزيرا لخارجية إيران، ووجهها الدبلوماسي خلال السنوات الأربع المقبلة.تحول أمير حسين عبداللهيان (الرجل الخفي) الذي لعب أدوارا في السر مع الأسد وحسن نصرالله، وعمل مع حزب الله الإرهابي من تحت الطاولة، إلى بؤرة الأحداث بعدما اختاره الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي وزيرا للخارجية، بعد سنوات طويلة شغل خلالها المنصب محمد جواد ظريف، المثير للجدل الذي كان ـ رغم الهجوم الذي تعرض له ـ أحد أكثر الإيرانيين خبثا وذكاء. يذهب عدد من المراقبين وعلى رأسهم الباحثة والخبيرة في الشؤون الإيرانية غولناز إسفندياري إلى أن اختيار عبداللهيان سيسهم في مزيد من العزلة لطهران، ويمثل تحديات لا تعد ولا تحصى للعلاقات المتوترة بشدة بالفعل في الشرق الأوسط وخارجه، مما يعزز التوجه المتشدد للحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي.كبير المتشددينترى إسفندياري، في تقرير نشرته «إذاعة أوروبا الحرة»، أن وجهات نظر وزير الخارجية الإيراني المقبل متشددة على غرار صقور الحرس الثوري الإيراني، وأن تحسين العلاقات مع الدول الغربية سيكون صعبا، ونقلت عن المحللين قولهم إن التوجهات المحافظة لعبداللهيان يمكن أن تعزز الوضوح بشأن عدد قليل من التساؤلات الدولية الرئيسية، من المحادثات لإحياء اتفاق نووي متعثر إلى مواجهة جهود إيران المستمرة لإظهار قوتها في المنطقة.ولفتت إلى أن أمير عبداللهيان الذي كان مستشار السياسة الخارجية لرئيس البرلمان الإيراني السابق علي لاريجاني، يتمتع بدعم من الحرس الثوري الإيراني، ويتوقع معظم المراقبين أن يقوم برلمان يهيمن عليه زملاؤه المتشددون بتأييد ترشيحه مع باقي أعضاء حكومة رئيسي بوصفه كبير المتشددين.رجل الحرسووفقا للباحثة، إن التعيين يأتي في وقت حساس، بعدما توقفت محادثات فيينا الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي، وسط انتقال السلطة في طهران، بينما تصاعدت التوترات بين إيران وإسرائيل والقوى الغربية في الخليج العربي، حيث اتهمت طهران بالهجوم بطائرة دون طيار على ناقلة تجارية واختطاف سفينة أخرى.وتؤكد أن عبداللهيان مرتاب من الغرب، ومؤيد قوي لما يسمى بـ»محور المقاومة» ضد إسرائيل، وكنائب لوزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية من 2011 إلى 2016، ساعد في تنفيذ السياسات الإقليمية التي فرضها «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، كما شارك في محادثات تاريخية، ولكنها فاشلة إلى حد كبير، في بغداد 2007 مع مسؤولين أمريكيين بشأن جهود تحقيق الاستقرار في العراق.ويقول محللون إن ترشيح أمير عبداللهيان يشير إلى خطط رئيسي للتركيز على الجوار الإيراني الشرق أوسطي، وعدم اهتمامه بالتواصل الجاد مع الغرب.المفاوضات النوويةويعتقد هنري روما، كبير المحللين في مجموعة «أوراسيا» للإذاعة، أن ترشيح أمير عبداللهيان يعكس «تركيز رئيسي المنصب على المنطقة، وعدم اهتمامه بتحسين العلاقات السياسية أو الاقتصادية مع الغرب».وقال مدير الملف الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية علي واعظ، للإذاعة، «إنه بينما من المرجح أن يكون التعامل مع عبداللهيان صعبا على الدول الغربية، فإن الدبلوماسي المتشدد قد يكون في وضع أفضل لمتابعة التقدم في المفاوضات النووية».وأضاف «وجهات نظر أمير عبداللهيان بشأن الغرب متشددة مثل العناصر المتشددة داخل الحرس الثوري، وهو ما يجعله محاورا صعبا مع الغرب ولكنه أكثر قدرة على التفاوض، لأنه سيواجه مقاومة داخلية أقل بكثير لمبادراته كما فعل سلفه».تفاخر أميروتفاخر عبداللهيان في مقابلات إعلامية بعلاقاته الوثيقة مع قائد «فيلق القدس» السابق الذي اغتالته واشنطن قاسم سليماني، وعده المتشددون دبلوماسيا ثوريا، وقال روما «أمير عبداللهيان سيحمل مواقف الحرس الثوري الإيراني إلى قمة أولويات وزارة الخارجية. إنه منغمس في السياسة العربية، وقضى الكثير من حياته الدبلوماسية في تنفيذ أو الدفاع عن سياسة إيران الإقليمية العدوانية، وسيواصل القيام بذلك كوزير للخارجية».وبرز وزير الخارجية الجديد في الحياة السياسية على خلفية الاحتكاك ليس فقط بشأن الاتفاق النووي، ولكن أيضا مع مساعدة إيران في الدفاع عن الرئيس السوري بشار الأسد، ويقول واعظ «تتذكر معظم دول المنطقة لهجة أمير عبداللهيان وموقفه خلال الأزمة السورية، وتربط بينه وبين صعود نفوذ إيران في المنطقة. لكن إذا كان يريد تصحيح تلك الصورة، عليه أن يعتمد نبرة أكثر تصالحية ومطابقتها مع إجراءات بناء الثقة».. وفقا لـ(البيان) الإماراتية.أخطاء الماضيوفي مقابلة مع صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية في يونيو الماضي، قال أمير عبداللهيان إن الأمريكيين لم يثبتوا بعد أنهم جادون في المفاوضات، وأن «أخطاء» الماضي لن تتكرر. وبدت أنها إشارة مستترة إلى انسحاب ترمب من خطة العمل الشاملة المشتركة وإعادة فرضه للعقوبات الاقتصادية التي دمرت عملة إيران واقتصادها، وأشار إلى أن رئيسي سيعمل على إيجاد توازن جديد في العلاقات مع الشرق والغرب.وحتى سنوات قليلة كان عبداللهيان رجل الحرس الثوري القوي في وزارة الخارجية الإيرانية، ووقتها كان يشغل منصب نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، وهو منصب تولاه في 2011 في زمن محمود أحمدي نجاد.وعندما صعد الرئيس حسن روحاني إلى الرئاسة في أغسطس 2013 أحدث تغييرا عميقا في الخارجية بأن ولى صديقه (الإصلاحي) محمد جواد ظريف، الوزارة، ووقتها ظهر عبداللهيان كأحد عوامل الصراع بين جناحي المحافظين والإصلاحيين بالمؤسسات الإيرانية.دور خفيوفور توليه المنصب انشغل محمد جواد ظريف بمفاوضات الاتفاق النووي حتى تم الأمر في 14 يوليو 2015م، وحينها بدأ ظريف يشعر بالدور الخفي الذي يمثله عبداللهيان في الخارجية كمتحدث باسم الحرس الثوري في الوزارة وممثل لمصالح المحافظين وكيانهم.حاول محمد جواد ظريف في غير مرة ضم عبداللهيان إلى معسكر الإصلاحيين وتغيير نهجه من الصدام مع العالم الخارجي إلى محاولة الاحتواء، وبالفعل أسند له عددا من المهام الحساسة، منها المباحثات مع مصر، ولذلك حضر عبداللهيان على رأس وفد إيراني رفيع المستوى إلى القاهرة للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي في 9 يونيو 2014م.حضر الحفل ومكث في القاهرة أياما عدة، بهدف إجراء لقاءات مع عدد من رموز الدولة والمجتمع، وبالفعل استقبله الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل في مكتبه الواقع على الضفة الغربية من نيل الدقي، وطمأنه على مستقبل الرئيس السوري بالقول «حسب خبرتي في العالم العربي، فإن الأسد لن يسقط على يد الإرهابيين وبهذه السبل، والذين يتوقعون إسقاط الأسد بهذه الطرق لا يملكون فهما حقيقيا عن العالم العربي والداخل السوري».أدوار حساسةلعب أدوارا بالغة الحساسية في ملفات عدة، منها مصر واليمن والعراق والبحرين والسعودية، حتى صدر قرار ظريف بعزل عبداللهيان من منصبه وتعيينه في منصب شرفي، مستشارا للوزير.شهر واحد فقط هو ذلك الذي مضى، قبل أن يصدر القرار الذي يؤكد أن أمير حسين عبداللهيان ليس رجلا عاديا في الدولة الإيرانية، وأن هناك مؤسسات نافذة تسند له مهام ظاهرة وباطنة، وأنه شخص لا يمكن الاستغناء عنه بهذه السهولة، حتى في أعتى مراحل الصراع بين المحافظين والإصلاحيين.وفي وقت باكر من صباح 18 يوليو 2016 أصدر رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، قرارا بتعيين عبداللهيان معاونا لرئيس مجلس الشورى للشؤون الدولية، وحوله المنصب الجديد إلى أحد صناع السياسة الإيرانية الفاعلين الرئيسيين في الملفات الأخرى، وعلى رأسها اليمن وسوريا ولبنان والعراق، وباتت تصريحاته تتصدر الصفحات الأولى للصحف الإيرانية.التقى أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله، وقبلها ظهر وهو يجري مباحثات في دمشق مع وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم، وقام بجولات مكوكية في عواصم النفوذ الإيراني.وزير خارجية إيران.. من يكون؟ أمير حسين عبداللهيان مواليد مدينة دامجان من محافظة سمنان عمره (54 عاما) أكاديمي ودبلوماسي يجيد الإنجليزية والعربية المستشار السابق لرئيس مجلس الشعب

مشاركة :