أكد المشرف على برنامج «الفيلسوف الصغير» والعضو المؤسس د. عماد الزهراني أن البرنامج يعكس إيمان جمعية الفلسفة السعودية وهيئة الأدب والنشر والترجمة في وزارة الثقافة بأهمية مرحلة الطفولة كمرحلة تأسيسية يمكن فيها صقل مجموعة من المهارات الأساسية في التفكير، ما ينعكس على الطفل بأثر إيجابي مستقبلًا، إضافة إلى إيمانهم بأن الفلسفة تستطيع أن تلقى طريقها إلى عقول الصغار والكبار على حد سواء.مهارات التفكيروأضاف: البرنامج يستهدف عمومًا الأطفال وأولياء الأمور والمربين والمهتمين بتعليم الفلسفة للأطفال من خلال مجموعة من الفعاليات المتنوعة المقدمة لتلك الفئات، وتسعى هذه الفعاليات إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها: تنمية مهارات التفكير الفلسفي «النقدي والإبداعي والتعاوني والعنائي» لدى الأطفال، بالإضافة إلى تحفيز التعليل وبناء المعنى وتنمية المهارات المعرفية وغير المعرفية لديهم في مراحل سنية مختلفة، من خلال ورش تدريبية وحوارات سقراطية يقوم عليها ميسرون معتمدون يملكون الخبر الكافية من المعرفة والممارسة لتقديم هذا النوع من التدريب.وتابع أن من أهداف البرنامج تقديم ندوتين حواريتين، الأولى تهدف إلى إكساب أولياء الأمور والمربين بعض مهارات وطرق التعامل مع أسئلة الأطفال الفلسفية وتحفيزها، ولماذا التفلسف مع الطفل؟ وهل الطفل قادر على التفلسف؟ والندوة الحوارية الثانية ستركز على إبراز عوائد وآثار تعليم الفلسفة على الأطفال في مراحل التعليم العام والتي سُتقدم قريبًا.حضور عربيوعن الورش والجلسات التدريبية المقدمة للطفل، قال إنه سيتم التركيز فيها على استخدام أسلوب P4C Philosophy for Children الذي ابتكره ماثيو ليبمان وطوِّرَ في المملكة المتحدة، لافتًا إلى أن برنامج «الفيلسوف الصغير» يلقى إقبالًا كبيرًا من جميع الفئات العمرية المستهدفة في المجتمع، وأن الندوة الحوارية الأولى شملت حضورًا من دول عربية مختلفة، وذلك يُعد مؤشرا إيجابيا على الوعي الذهني بالفلسفة ودلالاتها.وحول الفئة العمرية المستهدفة، قال الزهراني: حرصنا في الجمعية على استهداف فئات عمرية مختلفة بالنسبة للأطفال شملت الفئات العمرية من 7 - 18عامًا بثلاث فعاليات، الأولى تستهدف من عمر 7 إلى 9 سنوات، والثانية من عمر 9 إلى 12 عامًا، والثالثة من عمر 15 - 18، أما الندوتان الحواريتان فتستهدفان فئة البالغين من المربين والمعلمين والمهتمين بتعليم الفلسفة للأطفال.المحتوى التدريبيوأكد أن أهم الأسس التي تم الاعتماد عليها في تقديم الورش الفلسفية بالنسبة إلى الفئات السنية المستهدفة هو مناسبة المحتوى التدريبي لكل فئة سنية، بالإضافة إلى اختيار ميسرين معدين إعدادًا جيدًا لكل فئة عمرية تعاملوا مع هذه الفئات مسبقًا، وقبل ذلك كله فإن الإعداد للمحتوى والإعداد الذي مر به الميسرون يعتمد على دراسات محكمة منشورة، بالإضافة إلى تجارب وخبرات عالمية تقدم المحتوى والتدريب نفسه بعد تكييفه مع الثقافة السائدة والمستوى التعليمي للأطفال. أما فيما يخص الخبرات المعتمدة، فقال: هي خبرات وكفاءات وطنية مؤهلة ومدربة من شباب وشابات الوطن، منهم من تلقى تدريبه في مؤسسات ومنظمات عالمية تقدم اعتمادات دولية متخصصة في تعليم الفلسفة بأسلوب p4c، ومنهم من تلقى تدريبه في مؤسسة «بصيرة» السعودية الوحيدة عربيا التي تقدم اعتمادات في تيسير تعليم التفكير الفلسفي بمستويين تأسيسي ومتقدم، بتخويل من منظمتي SAPERE وDialogue Works المتخصصة في p4c، فجميع من يقدم هذه البرامج ومن شارك في وضعها هو من أبناء وبنات الوطن من مخرجات الجهات السابق ذكرها، وعلى مستوى عالٍ من التدريب والممارسة، وقدرة على استخدام مهارات البحث العلمي في المجال.الجوانب النظريةوفي إجابته عن سؤال: كيف تساعد البرامج المقدمة على تنمية الفكر الفلسفي لدى الفئة المستهدفة؟ أجاب الزهراني أنه في البداية يجب معرفة أن تعليم الفلسفة في العالم كله يُقدم بإحدى المقاربتين: الأولى هي «المقاربة الهيجيلية» نسبة إلى هيجل، التي تركز على الجوانب النظرية من تاريخ نشأة الفلسفة وتطورها والمذاهب الفلسفية وروادها، كما تقدم الحجاج والمنطق، وهي المقاربة الأكثر انتشارًا في نظم التعليم العربية، أما المقاربة الثانية فهي «المقاربة الكانطية» نسبة إلى كانط المنسوب إليه قول «لا تعلُّم للفلسفة بدون التفلسف» كأنه يشير إلى تعلم مهارات التفكير الفلسفي والتركيز على الجوانب المهارية دون النظرية في الفلسفة.وأضاف أن من أشهر الأساليب التي تعتمد على الممارسة في تعليم الفلسفة ومهارات التفكير الفلسفي هو أسلوب p4c الذي تطبقه الجمعية في برنامج «الفيلسوف الصغير»، وهو الأسلوب الذي يحضر في أكثر من 60 دولة بالعالم، ويغذي أربعة أنواع من مهارات التفكير في وقت واحد هي «العنائي والنقدي والإبداعي والتعاوني» بشهادة عدة دراسات قديمة وحديثة، وتجارب على أرض الواقع بعكس المقاربة الأولى «الهيجيلية» التي تؤكد الدراسات أنها مقاربة تشوبها إشكالات عدة عند تطبيقها في مرحلة التعليم، وخصوصًا في المرحلة الثانوية، إما لكثافة المحتوى أو اتباع طرق تقليدية في التدريس، ما سبب نفور الطلبة من المقررات التي تقدم الفلسفة.أسلوب p4cأما عن الطريقة التي يتبعها أسلوب p4c، أوضح أنه يقوم على مجموعة من التدريبات الفلسفية المناسبة للمرحلة العمرية المستهدفة، يعقبها عرض مثير قد يكون فيديو أو صورة أو قصة من كتاب تتضمن قضية فلسفية، فيطلب من المشاركين قضاء دقيقة للتأمل والتفكير في المثير الذي عُرض، ومن ثم يقوم المشارك بعد ذلك باستخراج المفاهيم الكبرى من المثير، والربط بينها وصياغة عدة تساؤلات فلسفية من المفاهيم نفسها من خلال مجموعات، فيُطلب التصويت على سؤال واحد يدور حوله الحوار السقراطي في بيئة حوارية آمنة تتقبل الرأي والرأي الآخر لبناء المعنى، ومن ثم يُغلق الحوار ويُطلب من كل مشارك إبداء رأيه فيما جرى، ومن خلال عدة جلسات يكون المشارك قد اكتسب مجموعة من المهارات التي لا تقتصر على مهارات التفكير فحسب، وإنما مهارات تتعلق بالتواصل والحوار والاستماع وتعديل السلوك بحسب عدة دراسات، وأضاف: من بينها دراسة تحليلية أجريتها ونُشرت في العدد الأول من المجلة السعودية للفلسفة، بالإضافة إلى دراسة تجريبية ستنشر قريبًا اشتركت فيها مع د. عبدالله المطيري، بل إن الأثر الذي يحدثه أسلوب p4c يمتد حتى إلى تحسين مستوى مهارات القراءة والكتابة، كما أشارت إلى ذلك مجموعة من الدراسات المنشورة في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها في بلدان أخرى.حوار ثريوأردف قائلًا: المميز في أسلوب p4c أنه أسلوب غير توجيهي ولا يتضمن الإملاءات ولا يعتمد أبدًا على التلقين، وإنما يعتمد على آليات وأساليب يكون دور الميسر فيها بتكنيكات معينة، ليخرج الطفل ما في جعبته بحوار ثري وفعال يبدي فيه الطفل رأيه ويتفق ويختلف مع بقية الآراء والأفكار بكل أمان، ليبني المعنى هو ومجموعته بتمحيص الأفكار تجاه قضايا متنوعة تمس الطفل وحياته، مثل البيئة والتنمر والآخر والصداقات وغيرها. وقدم المشرف على البرنامج نصيحة لأولياء الأمور، فقال: نصيحتي لهم، الاهتمام بما يقوله الطفل منذ نطق كلماته الأولى، والاهتمام بقراءة القصص التي تنمي التفكير الفلسفي للطفل، مع لفت الانتباه إلى أن أكثر قصص الأطفال العربية لا تولي العناية بتنمية مهارات التفكير الفلسفي للأطفال إلا قلة قليلة جدا منها، كما أنصح بتحفيز التساؤل لدى الطفل في شتى القضايا وتجنب تقديم الإجابات المعلبة والجاهزة له، وإنما الإجابة بتساؤلات أخرى وتوسيع الحوار معه، وأخيرًا وليس آخرًا تحفيز جانب التعليل لديه عند القبول والرفض أو الاتفاق وعدم الاتفاق بل وحتى عند الوقوف موقف الحياد، ولاستفادة أكبر في طرق التعامل مع أسئلة الأطفال الفلسفية وتنمية مهارات التفكير الفلسفي لديه، أنصح بمراجعة الندوات التي قُدمت مؤخرًا بتنظيم جمعية الفلسفة ورعاية هيئة الأدب والترجمة والنشر على موقع اليوتيوب، والالتحاق ببعض الدورات المقدمة للمهتمين بهذا المجال في المؤسسات التي أشير إليها في هذا التقرير سواء المحلي أو الدولي منها، للتعرف على التدريبات المتنوعة والمتخصصة لتنمية مهارات التفكير الفلسفي لدى الأطفال، والجمعية ستحرص في الفترات القادمة بتقديم ما يحتاج إليه ولي الأمر أو المربي لتنمية هذه الجوانب الفكرية والفلسفية لدى الطفل، إما بورش أو دورات تدريبية أو ندوات، ودائمًا نرحب في الجمعية بأي استفسارات أو تساؤلات حول ما يحتاج إليه أولياء الأمور والمربون، لتعزيز التفكير الفلسفي لدى صغارهم، ونحرص بالرد على أي تساؤلات أو استفسارات تردنا عبر قنواتنا الرسمية.البرنامج يعتمد على خبرات وكفاءات مؤهلة ومدربة من شباب الوطنالحضور العربي مؤشر إيجابي على الوعي الذهني بالفلسفة ودلالاتها
مشاركة :