قال لـ "الاقتصادية" الدكتور إتيان كروج، مدير إدارة الأمراض غير المعدية والإقعاد ومنع العنف والإصابات في منظمة الصحة العالمية "إنه للأسف، واستنادا إلى المعلومات التي وصلتنا فإن السعودية أدرجت ضمن التقرير العالمي عن سلامة الطرق لعام 2015"، حيث إنها ليست من بين البلدان الـ 17 التي غيرت أجزاء مهمة من قوانينها الخاصة بسلامة الطرق خلال السنوات الثلاث الماضية. وأضاف إتيان كروج أن "القوانين المطلوب تعديلها متعلقة بالسرعة والشرب أثناء القيادة، وعدم ارتداء الخوذات لراكبي الدرحات النارية"، لافتا إلى أن الحاجة تدعو إلى إجراءات عاجلة لإنقاذ الأرواح، من خلال تحسين القوانين وزيادة قوة الإنفاذ، إلى جانب إنشاء طرق ومركبات أكثر سلامة، وتعزيز أنظمة الرعاية في الحالات الطارئة. وأكد أن هذا الوضع مثل كثير من البلدان، خصوصا في إفريقيا والشرق الأوسط، التي تتطلب حاجة إلى جهود أكبر بكثير لتعديل قوانين سلامة الطرق لتنسجم مع أفضل الممارسات. جاء هذا الحديث في رد على تساؤلات طرحتها "الاقتصادية" على المسؤول في منظمة الصحة العالمية، عقب صدور تقرير لها صدر أمس، تحت عنوان "تقرير الوضع العالمي حول سلامة الطرق لعام 2015" الذي يتحدث عن الوفيات التي سببتها حوادث الطرق التي ما زالت مرتفعة فوق الحد على مستوى العالم، رغم التحسينات التي أدخلت على سلامة الطرق، وتعديل بعض قوانينها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليكون منسجما مع أفضل الممارسات بخصوص أحزمة السلامة، أو الشرب أثناء القيادة، أو السرعة، أو ارتداء الخوذة من قبل راكبي الدراجات النارية، أو المقاعد الخاصة بالأطفال، إلا أن "الصحة العالمية" أشارت إلى أن مزيدا من البلدان يتخذ الآن إجراءات لتحسين السلامة في الطرق. نسبة الحوادث في البلدان ذات الدخل المنخفض 90 في المائة من حوادث السيارات في العالم. وأوضح التقرير الذي حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه أن نحو 1.25 مليون شخص يفقدون حياتهم سنويا نتيجة لحوادث الطرق، كما أن هناك 20 مليوناً إلى 50 مليوناً من الأشخاص الآخرين الذين يتعرّضون لإصابات غير مميتة من جرّاء تلك الحوادث يؤدي كثير منها إلى العجز. وتتسبّب الإصابات الناجمة عن حوادث المرور في إلحاق خسائر اقتصادية هائلة بالضحايا وأسرهم وبالدول عموماً، وتنشأ هذه الخسائر من خلال تكاليف العلاج بما في ذلك التأهيل والتحقيق في الحوادث، وانخفاض أو فقدان إنتاجية الأجور، لمن يموتون أو يُصابون بالعجز، فضلا عن إنتاجية أفراد الأسر الذين يضطرون إلى التغيّب عن العمل أو المدرسة للاعتناء بالمصابين، ولا يوجد إلاّ قليل من التقديرات الخاصة بتكاليف الإصابات، ولكنّ ثمة تقديراً أجري في عام 2000 يشير إلى أنّ التكاليف الاقتصادية المرتبطة بحوادث المرور تناهز 518 مليار دولار أمريكي. وقد أظهرت التقديرات الوطنية أنّ حوادث المرور تكلّف البلدان 1 في المائة إلى 3 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي، في حين تبيّن أنّ الآثار المالية التي يتكبّدها الأفراد والأسر تؤدي إلى زيادة حجم الاقتراض المالي والديون، بل تؤدي أيضاً إلى انخفاض حجم الاستهلاك الغذائي. وأكد التقرير أن البرامج الصحية العالمية تجاهلت، طيلة سنوات عديدة، الإصابات الناجمة عن حوادث المرور وذلك على الرغم من إمكانية التنبؤ بها والوقاية منها إلى حد كبير، وتُظهر البيّانات المستقاة من بلدان كثيرة أنّه يمكن تحقيق نجاحات كبيرة في الوقاية من حوادث المرور من خلال بذل جهود متضافرة تشمل قطاعات أخرى غير القطاع الصحي. من جانبها، قالت مارجريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "وفيات حوادث الطرق مرتفعة بصورة غير مقبولة - خصوصا بالنسبة إلى الناس الفقراء في البلدان الفقيرة، لكن عدد الوفيات من حوادث الطرق يميل إلى الاستقرار مع أن عدد السيارات في العالم يزداد بسرعة، مثل عدد السكان في العالم، وفي السنوات الثلاث الأخيرة، فإن 79 بلدا شهدت تراجعا في الرقم المطلق لأعداد الوفيات، في حين شهدت 68 بلدا زيادة في عدد الوفيات". وأشارت إلى أن البلدان التي حققت أكبر قدر من النجاح في تقليص عدد الوفيات من حوادث الطرق حققت ذلك من خلال تحسين القوانين وإنفاذ القانون، وجعل الطرق والمركبات أكثر أمنا. وأضافت الدكتورة تشان "نحن نسير في الاتجاه الصحيح، ويبين التقرير أن استراتيجيات سلامة الطرق تنقذ الأرواح، إلا أن معدل التغير أبطأ مما يجب". وأبرز تقرير المنظمة أن مستخدمي الطرق لا يتعرضون للحماية بالتساوي، حيث إن خطر الوفاة في حادث على الطريق لا يزال يتوقف إلى حد كبير على أين يعيش الناس وكيف يتنقلون، كما أن هناك فجوة كبيرة لا تزال تفصل بين البلدان ذات الدخل العالي والبلدان ذات الدخل المنخفض، حيث إن 90 في المائة من حوادث السيارات تحدث في البلدان ذات الدخل المنخفض على الرغم من أنها تشتمل على 54 في المائة فقط من عدد المركبات في العالم، أما في أوروبا ذات الدخل العالي، فلديها أدنى نسبة من حصة الفرد من معدلات الوفيات، وتكون النسبة أعلى ما يمكن في إفريقيا. وكانت أهم الاتجاهات العامة التي جاءت في التقرير هي كما يلي: 105 بلدان لديها قوانين جيدة بخصوص استخدام أحزمة السلامة المفروضة على جميع الركاب. 47 بلدا لديها قوانين جيدة بخصوص السرعة على الطرق، حيث تفرض حدودا عليا للسرعة على الطرق داخل المدن مقدارها 50 كيلومترا في الساعة، وتعطي السلطات المحلية صلاحية تقليص مزيد من حدود السرعة. 34 بلدا لديها قوانين جيدة تحظر تناول المشروبات أثناء القيادة، وتفرض أن تكون نسبة الكحول في الدم عند 0.05 جرام لكل ديسيلتر، إلى جانب مستويات أدنى مساوية أو تقل عن 0.02 جرام لكل ديسيلتر للسائقين الشباب والجدد. 44 بلدا تفرض قوانين ارتداء الخوذات على الدراجات النارية وتنطبق على جميع السائقين والركاب وجميع أنواع الطرق والمحركات، التي تفرض أن تثبَّت الخوذات وتفرض معايير خاصة للخوذات. 53 بلدا لديها قوانين لمقاعد الأطفال في المركبات، وتعتمد على العمر أو الطول أو الوزن، وتطبق قوانين تحدد العمر أو الطول على الأطفال الجالسين في المقعد الأمامي. يشار إلى أن هذا التقرير هو الثالث في سلسلة الإصدارات ويعتبر أداة المتابعة الرسمية لمبادرة "عقد العمل من أجل سلامة الطرق 2011 - 2020"، ويأتي نشر هذا التقرير بعد تبني أجندة التنمية المستدامة 2030، التي تشتمل على هدف طموح لسلامة الطرق ويسبق المؤتمر الثاني العالمي رفيع المستوى حول سلامة الطرق، الذي سيعقد في مدينة برازيليا في البرازيل خلال الفترة 18 - 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015. وكشف التقرير أن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور أهم أسباب وفاة الشباب من الفئة العمرية 15-29 عاما، كما يحدث أكثر من 91 في المائة من الوفيات العالمية الناجمة عن حوادث الطرق في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، على الرغم من أنّ تلك البلدان لا تمتلك إلاّ أقلّ من نصف المركبات الموجودة في العالم، كما ينتمي نصف من يموتون في طرق العالم تقريباً إلى فئة "مستخدمي الطرق المعرّضين للخطر"، وهذه الفئة تشمل الراجلين وراكبي الدراجات وراكبي الدراجات النارية، ومن المتوقع أن تودي حوادث المرور بحياة نحو 1.9 مليون نسمة سنوياً بحلول عام 2020 إذا لم تُتخذ أيّ إجراءات للحيلولة دون ذلك. وأشار التقرير إلى أن 28 بلداً، تمثل 416 مليون شخص (7 في المائة من سكان العالم) ليس لديها قوانين شاملة تتعلّق بخمسة عوامل خطر رئيسية هي: السرعة، والقيادة تحت تأثير الكحول، واستخدام الخوذات الواقية الخاصة بالدراجات النارية، وأحزمة الأمان، وأحزمة ومقاعد الأطفال. وبين التقرير أن أكثر من 90 في المائة من الوفيات الناجمة عن إصابات حوادث المرور في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، وتبلغ تلك الوفيات أعلى مستوياتها في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة التابعة للإقليم الإفريقي وإقليم شرق المتوسط، وحتى داخل البلدان المرتفعة الدخل تواجه الفئات الاجتماعية الاقتصادية الدنيا احتمال التعرّض لحوادث المرور أكثر من الفئات الميسورة. ويمثّل الشباب بين 15 و44 عاماً نحو 59 في المائة من أولئك الذين يموتون أو يُصابون في حوادث المرور. ومن الملاحظ، اعتباراً من مراحل العمر المبكّرة، أنّ الذكور أكثر ضلوعاً في حوادث المرور من الإناث، فقد تبيّن أنّ من بين مجموع السائقين الشباب يفوق احتمال وفاة الذكور دون سن 25 عاماً بسبب حادث مرور احتمال وفاة الإناث الشابات بنحو ثلاثة أضعاف. أكثر من ثلاثة أرباع (77 في المائة) من مجموع وفيات حوادث الطرق تحدث بين الرجال. ونبه التقرير إلى أن هناك أشكالا عديدة من السهو يمكنها أن تؤدي إلى عرقلة القيادة، لكن سُجّل أخيرا حدوث زيادة ملحوظة على الصعيد العالمي في استخدام السائقين الهواتف المحمولة ممّا أصبح يثير قلقاً متنامياً في مجال السلامة على الطرق، وبإمكان السهو الناجم عن استخدام الهواتف المحمولة عرقلة أداء السائق من جوانب عدة، مثل إسهامه في تمديد الوقت الذي يستغرقه رد الفعل (ولا سيما الوقت الذي يستغرقه رد الفعل بالفرملة، بل كذلك رد الفعل حيال إشارات المرور)، والإنقاص من القدرة على المكوث في الممرّ الصحيح، وتقليص مسافات التتابع. وتتسبّب كتابة وقراءة الرسائل القصيرة أيضاً في الحد بشكل كبير من أداء السائق، علماً بأنّ السائقين الشباب معرّضون بوجه خاص لآثار السهو الناجم عن هذا الاستخدام. ويواجه السائقون الذين يستخدمون الهواتف المحمولة، أكثر من غيرهم بأربع مرّات تقريباً، مخاطر التعرّض لحادث مرور. الجدير بالذكر أنّ الهواتف التي تتيح إمكانية التكلّم دون استخدام اليد لا تضمن قدراً أكبر من السلامة مقارنة بالهواتف المحمولة في اليد. وفي حين لا يوجد، حتى الآن، إلاّ قليل من البيّنات على كيفية الحد من استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة، فإنّه يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات استباقية في هذا المجال. ومن الإجراءات التي يمكن اتخاذها اعتماد تدابير تشريعية؛ وإطلاق حملات للتوعية العامة؛ والعمل، بانتظام، على جمع البيانات الخاصة بالسهو أثناء القيادة من أجل تحسين فهم طبيعة هذه المشكلة.
مشاركة :