أناس ينتظرون تعبئة سياراتهم بالبنزين في محطة وقود في مدينة طرابلس بشمال لبنان يوم 12 أغسطس 2021. (شينخوا) جب جنين ، شرق لبنان 21 أغسطس 2021 (شينخوا) تصاعدت أزمة الوقود المتفاقمة في لبنان إلى حد الخروج عن السيطرة، بعدما اضطرت المخابز والشركات والمؤسسات إما إلى تقليص ساعات عملها أو الإغلاق التام، مما يزيد من صعوبة الحياة للبنانيين الذين يعانون بالفعل من آثار الانهيار المالي وندرة مادة الديزل لتشغيل المولدات الكهربائية بالمرافق ومزارع الدجاج والمصانع والمؤسسات العامة والخاصة. وفى ظل هذه الأزمة يجلس المواطن الستيني سامر الخوري حائرا عند مدخل مزرعة الدجاج الخاصة به في أطراف بلدة القرعون بشرق لبنان الغربي محاولا إيجاد وسيلة لإنقاذ الدجاج المهدد بالنفوق نتيجة للتقنين القاسي في التيار الكهربائي والنقص في مادة الديزل لتشغيل مولد المزرعة. الخوري قال لوكالة أنباء ((شينخوا)) لم يخطر ببالي يوما أن تصل الأوضاع في بلدي إلى هذا الانهيار المخيف في الخدمات وخاصة أزمة الوقود وهو الأمر الذي قد يقضي على قطاعات الانتاج بشكل عام ومنها قطاع الدواجن الحيوي. من جهته ، أشار رئيس النقابة اللبنانية للدواجن وليم بطرس إلى أن قطاع الدواجن يواجه مشاكل متصاعدة جراء الأزمة الحادة التي يمر بها لبنان، من تقنين للتيار الكهربائي وفقدان الديزل. واعتبر أن الواقع المأساوي الذي يمر به قطاع الدواجن سيؤدي إلى كارثة حقيقية بعدما بات أكثر من 20 مليون طير في 2000 مزرعة مهدد بالنفوق، لافتا إلى أن ذلك سيتبعه قطع أرزاق آلاف العائلات والعمال،ناهيك عن الأنعكاسات السلبية على البيئة وعلى الأمن الغذائي في البلد. وأزمة الوقود تتزامن مع شغور حكومي في لبنان بسبب خلافات القوى السياسية على الحصص في الحكومة العتيدة، وذلك منذ استقالة حكومة حسان دياب، في أغسطس من العام الماضي على خلفية كارثة انفجار مرفأ بيروت. وقد أدى نقص الوقود إلى أزمة في انتاج الكهرباء، حيث لا تتجاوز ساعات التغذية بالتيار ساعتين يوميا بعد توقف معظم معامل انتاج الطاقة، مما أثر على عمل كل القطاعات في ظل ندرة مادة الديزل لتشغيل المولدات الكهربائية بالشبكة البديلة والخاصة بالأفران والمستشفيات والمرافق والمصانع والمؤسسات العامة والخاصة. ومن ناحيته أشار حسني فقيه رئيس فريق مراقبي وزارة الاقتصاد في جنوب لبنان لوكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن أزمة الوقود طالت مختلف قطاعات الانتاج الصناعية والزراعية والتجارية والسياحية ومياه الشرب، ووصلت تداعياتها السلبية إلى منازل المواطنين بعدما عجزت ثلاجاتها في الحفاظ على الأغذية بداخلها. وأضاف لقد تسببت أزمة الوقود بفوضى عارمة في البلد، بدت واضحة من خلال الطوابير أمام محطات الوقود والغاز والأفران والصيدليات والتي رافقتها اشكالات أمنية أدت إلى العديد من القتلى والجرحى، إضافة إلى أضرار مادية بالسيارات ومحطات الوقود وبأملاك عامة وخاصة. وأدت الأزمة إلى نقص حاد في مياه الري بعدما توقف نحو 85 % من مضخات محطات مؤسسات المياه الرسمية في كل المناطق ،جراء التقنين القاسي في التيار الكهربائي وعدم توفر الديزل. وقال رئيس تجمع مزارعي وفلاحي شرق لبنان إبراهيم الترشيشي لـ ((شينخوا)) إن القطاع الزراعي ، وهو خامس أكبر قطاع من حيث توفير فرص العمل في لبنان ، يعد من أبرز الخاسرين بسبب أزمة الوقود بعدما توقفت منذ أسابيع مئات مضخات شفط المياه من الآبار الارتوازية لري المزروعات التي باتت بحكم اليابسة. وأوضح الترشيشي أن كلفة المحروقات للحقول الزراعية زادت من 5 إلى 35 % من حجم الكلفة الانتاجية،وبات المزارع غير قادر على ري مزروعاته ،وليس بإمكانه تأمين بضعىة ليترات من البنزين تسمح له بالوصول من منزله إلى حقوله الزراعية. وأشار نزار فحص مدير سوق بيع الخضار والفاكهة بالجملة في مدينة النبطية بجنوب لبنان لوكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن مالكي سيارات نقل الإنتاج الزراعي توقفوا منذ أسبوع عن العمل بنسبة 80 % بعدما عجزوا عن تأمين الوقود لسياراتهم، واضطر معها المزارعون لترك أكثر من نصف انتاجهم في الحقول. وحذر رئيس مصلحة الأبحاث الزراعية في لبنان ميشال أفرام من المشاكل البيئية السلبية الناتجة عن توقف أجهزة تكرير وتنقية مياه الشفة (الشرب) وتلك العائدة للمصانع ومحطات تكرير الصرف الصحي والتي تعمل على الطاقة الكهربائية،مما سيحول دون تكرير هذه المياه والتي تستعمل نسبة كبيرة منها في ري المزروعات الواقعة ضمن نطاقها. وأكد صاحب محطة توزيع الغاز في حاصبيا بشرق جنوب لبنان مازن ماضي أن مخزون الغاز المنزلي في خزانات الشركات الموزعة تدنى إلى حوالي 1200 طن وأن مراكز التوزيع سوف تتوقف عن تزويد الأسواق بقواريرالغاز المنزلي خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع في حال لم تتمكن الجهات المعنية من تدارك الأمر. ودفعت أزمة الوقود بالكثير من المحال التجارية والمنتجعات السياحية والمطاعم والفنادق إلى الإقفال ، كما ذكر مدير شركة "أبو نجم غروب" هيثم أبو نجم المالكة لعدة منتجعات سياحية ومعامل في وادي الحاصباني بشرق جنوب لبنان. وأشار إلى أن الشركة قامت بالاستغناء عن 200عامل من أصل 350 عاملا بعدما باتت عاجرة عن مواصلة العمل إلا بشكل محدود ولفترة قصيرة. من جهته قال الطبيب كامل مهنا رئيس مؤسسة عامل الدولية التي تدير 25 مركزا طبيا و7 وحدات طبية نقالة لـ ((شينخوا)) إن المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات في معظم المناطق اللبنانية باتت في وضع حرج واضطرت معه لوقف أجهزة التكييف بسبب أزمة الوقود. وأضاف أن الكثير من المختبرات الخاصة وتلك العاملة في المستشفيات تعمل بنسبة 30 % من طاقتها ،وباتت اللحوم والخضار والفاكهة ومشتقات الحليب مهددة بالتلف في مطابخ المستشفيات والخوف أن نصل إلى مرحلة تعجز فيها المستشفيات عن تأمين الطعام للمرضى . ولفت مهنا إلى أن نسبة كبيرة من الأطباء يعجزون عن التوجه إلى المستشفيات بعدما فشلوا في تأمين البنزين لسياراتهم مما أثر على أعداد الأطقم الطبية في المستشفيات. وكان رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا قد وجد انذارا إلى إحدى شركات الخلوي محملها كل المسؤولية عما يلحق بالمشتركين بشبكتها من عطل وضرر بسبب توقف الشركة عن تغطية مناطق واسعة شرق جنوب لبنان تحت ذريعة فقدان الديزل في محطاتها مما حال دون عمل المولدات الكهربائية. ويشهد لبنان أزمة في الوقود وسلع أساسية أخرى بسبب عدم فتح خطوط ائتمان لاستيرادها في ضوء شح الدولار في لبنان وتراجع احتياطي المصرف المركزي، حيث تتجاوز فيه قيمة دعم الوقود 3 مليارات دولار سنويا. ويعاني لبنان منذ العام 2019 من أزمات سياسية ومالية واقتصادية وصحية ومن تدهور معيشي متصاعد وانهيار قيمة الليرة اللبنانية وتآكل المداخيل والمدخرات، إضافة إلى تصاعد البطالة والفقر وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.■
مشاركة :