الملك محمد السادس يكشف عن انفراج في العلاقات المغربية ـ الإسبانية

  • 8/22/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في بادرة تدل على حدوث انفراج في العلاقات المغربية - الإسبانية، أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس أن بلاده تتطلع بكل صدق وتفاؤل لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها بيدرو سانشيث، من أجل تدشين «مرحلة جديدة وغير مسبوقة» في العلاقات بين البلدين الجارين. وأوضح الملك محمد السادس في خطاب وجهه الليلة قبل الماضية إلى الأمة المغربية، بمناسبة الذكرى الـ68 لثورة الملك والشعب، التي اندلعت عام 1953 عقب نفي الملك الراحل محمد الخامس خارج البلاد من طرف فرنسا، أن هذه العلاقات يجب أن تقوم على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات. مشدداً على القول بأن بلاده «تحرص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار... وهو نفس المنطق، الذي يحكم توجه المملكة اليوم في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا». وفي هذا السياق، ذكر ملك المغرب أن هذه العلاقات «مرت في الفترة الأخيرة بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها»، مبرزاً أن المغرب اشتغل، رغم ذلك، مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية، وأنه تابع شخصياً، وبشكل مباشر سير الحوار وتطور المفاوضات مع إسبانيا، وقال إنه «لم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، بل أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات». مضيفاً أن هذا التوجه «هو نفس الالتزام، الذي تقوم عليه علاقات الشراكة والتضامن بين المغرب وفرنسا»، وعد هذه العلاقات بأنها تتسم بروابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل، تجمعه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. من جهته، شكر رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الملك محمد السادس على الكلمات التي ألقاها في خطابه، وعن العمل المشترك معه، وذلك خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقده سانشيز أمس مع رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي في قاعدة توريخون الجوية. وشدد سانشيز على أن «الحكومة الإسبانية اعتبرت المغرب دائما حليفا استراتيجيا لكل من إسبانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي»، مضيفاً أنه يعتبر «البلدين حليفين وجارين وإخوة»، وعليه فإنه «يرحب بهذه الكلمات وبناء على الثقة والاحترام والتعاون، يمكن بناء علاقة مهمة على أسس أكثر صلابة مما كانت عليه حتى الآن». في غضون ذلك، قال الملك محمد السادس رداً على موقف الجزائر من سياسة اليد الممدودة، التي طالما بادر إلى انتهاجها اتجاهها من دون أن يسميها، إن المغرب يتعرض لعملية عدوانية مقصودة من طرف أعداء وحدة ترابه، الذين ينطلقون من مواقف متجاوزة، ولا يريدون أن يبقى المغرب حراً، قوياً ومؤثراً. موضحاً أن «المغرب مستهدف لأنه دولة عريقة تمتد لأكثر من اثني عشر قرناً، فضلاً عن تاريخها الأمازيغي الطويل؛ وتتولى أمورها ملكية مواطنة منذ أزيد من أربعة قرون، في ارتباط قوي بين العرش والشعب». وأضاف عاهل المغرب أن بلاده مستهدفة أيضاً، لما تتمتع به من نعمة الأمن والاستقرار، التي لا تقدر بثمن، خصوصاً في ظل التقلبات، التي يعرفها العالم»، مبرزاً أن المغرب يتعرض، على غرار بعض دول اتحاد المغرب العربي، لعملية عدوانية مقصودة. وسجل الملك محمد السادس أنه من بين الدول، التي لا تريد أن يبقى المغرب حراً قوياً ومؤثراً، يوجد قليل من الدول، خصوصاً الأوروبية، التي تعد للأسف من الشركاء التقليديين»، والتي تخاف على مصالحها الاقتصادية، وعلى أسواقها ومراكز نفوذها، بالمنطقة المغاربية». مبرزاً أن بعض قيادات هذه الدول «لم تستوعب بأن المشكل ليس في أنظمة بلدان المغرب الكبير، وإنما في أنظمتهم، التي تعيش على الماضي، ولا تستطيع أن تساير التطورات». وقد أبانت الشهور الأخيرة، يضيف الملك محمد السادس، أن هذه الدول «تعرف ضعفاً كبيراً في احترام مؤسسات الدولة، ومهامها التقليدية الأساسية»، مسجلاً أنهم «يريدون أن نصبح مثلهم، من خلال خلق مبررات لا أساس لها من الصحة، واتهام مؤسساتنا الوطنية بعدم احترام الحقوق والحريات، لتشويه سمعتها، ومحاولة المس بما تتميز به من هيبة ووقار». وأضاف ملك المغرب: «هم لا يريدون أن يفهموا أن قواعد التعامل تغيرت، وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها، واستثمار مواردها وطاقاتها لصالح شعوبنا... ولذا، تم تجنيد كل الوسائل الممكنة، الشرعية وغير الشرعية، وتوزيع الأدوار، واستعمال وسائل تأثير ضخمة لتوريط المغرب، في مشاكل وخلافات مع بعض الدول». وعد مراقبون أن الملك محمد السادس، وبالإضافة إلى حديثه عن كون بلاده مستهدفة، فإنه أشار أيضاً إلى أن اتحاد المغرب العربي مستهدف كذلك من قبل دول أوروبية، هدفها توريط المغرب في مشاكل وخلافات مع بعض الدول المغاربية، وخصوصاً الجزائر، وفي ذلك تلميح إلى الحرائق التي عرفتها الجزائر، ورغبة أكيدة لديه في استئناف مسيرة الاتحاد المغاربي. وسجل الملك محمد السادس أن «هناك تقارير تدعو إلى دعم جهود المغرب في توازن بين دول المنطقة، قدمت توصيات بعرقلة مسيرته التنموية، بدعوى أنها تخلق اختلالاً بين البلدان المغاربية»، وذلك في إشارة ضمنية إلى تقرير «المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية»، الذي أوصى بأن يواصل الاتحاد الأوروبي دعم خط الأمم المتحدة بشأن نزاع الصحراء؛ في سياق تصريف سياسة عرقلة المغرب وشغله، وإنهاكه بمعاكسة وحدته الترابية. وكان التقرير الألماني قد أوصى «بضرورة كبح جماح المغرب، وعرقلة نموه الاقتصادي، وعدم السماح له بأن يصبح أقوى مغاربياً، خصوصاً أمام النمو الاقتصادي البطيء للجزائر وتونس». وواصل ملك المغرب قائلاً: «إنهم دبروا حملة واسعة لتشويه صورة مؤسساتنا الأمنية، ومحاولة التأثير على قوتها وفاعليتها في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب؛ إضافة إلى الدعم والتنسيق، الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي، باعتراف عدد من الدول نفسها». مشيراً إلى أن «مؤامرات أعداء وحدتنا الترابية لا تزيد المغاربة إلا إيماناً وإصراراً على مواصلة الدفاع عن وطنهم، ومصالحه العليا»، ومؤكداً «بأننا سنواصل مسارنا، أحب من أحب، وكره من كره، رغم انزعاج الأعداء، وحسد الحاقدين». في سياق ذلك، أشار العاهل المغربي إلى أن المغرب «تغير لأنه لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا، لكنه يحرص في نفس الوقت على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خصوصاً مع دول الجوار». وبخصوص الانتخابات التي يعتزم المغرب تنظيمها يوم 8 سبتمبر (أيلول) المقبل، قال الملك محمد السادس إن إجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية في نفس اليوم «يؤكد عمق الممارسة الديمقراطية في المغرب، ونضج البناء السياسي المغربي». موضحاً أن الانتخابات «ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن».

مشاركة :