أبوظبي في 22 أغسطس / وام / أصدر "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة " اليوم بيانا بشأن أفغانستان دعا فيه إلى بذل السلام و التعاون من أجل الوئام بين أبنائها وذلك في إطار ادواره على جميع الدوائر و من منطلق خصوصية الدائرة الإسلامية و صالح مجتمعاتها و في ضوء جهوده ومداولاته عبر السنوات الماضية و ما قدمه خلالها من مشاريع و ما نظمه من مؤتمرات و ما طرحه من بحوث و دراسات قام بها علماء ومتخصصون من أنحاء العالم وفرت قاعدة جديرة بالاهتمام لمن شاء من الأشقاء في أفغانستان والعالم التشاور حولها من أجل صالح أفغانستان وشعبها الشقيق. وفيما يلي نص البيان .. / إن "منتدى تعزيز السلم " في دولة الإمارات العربية المتحدة و من منطلق الأخوة و المحبة والشفقة على أهل الملة يتوجه للإخوة في أفغانستان في هذه المرحلة المهمة من تاريخ بلدهم وبعد أربعين سنة من الحروب و عدم الاستقرار ببيان جامع يدعو إلى بذل السلام و التعاون من أجل الوئام و يحوي جملة من الوصايا .. 1. أفشوا السلام بينكم، أهمية السلم و المحافظة عليه كما دلت على ذلك النصوص الشرعية الصريحة وزكته التجربة الإنسانية الراشدة." أخرجه البخاري موقوفا عن عمار ووصله غيره". 2. بذل السلام للعالم ، إن هذه العبارة الواردة في قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم كلمة عظيمة تستحق التوقف عند مفرداتها الكثيفة ، فما الذي يعنيه بذل السلام للعالم؟.. نقدر أن العالم ينتظر من أفغانستان تسهيل الحركة للخروج الآمن لكل من أراد من المقيمين في تلك الديار غير مضار بأفغانستان ولا بأمن أفغانستان ، العالم ينتظر من أفغانستان أن تكون موطنا للسلام ومن عرف الحرب أحب السلام ، العالم ينتظر من أفغانستان سلاما في القلوب و سلاما في الكلام والأعمال. فما الذي تنتظره أفغانستان من العالم؟ نقدر أن أفغانستان تنتظر من العالم سلاما واحتراما، تنتظر مساعدة في التنمية وجهود الإعمار.. كل ذلك لن يكون إلا في جو السلام الشامل. 3. إبراز الصورة الحسنة للإسلام، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على الصورة الحسنة للإسلام عندما أجاب من طلب أن يقتل من يتهم بممالأة العدو فقال: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه". إن ذلك يوضح حرصه الشديد عليه الصلاة والسلام على نقاء صورة الإسلام. 4. أهمية التواصل مع العصر مع التمسك بالأصل، فالعصر يقدم جملة من المفاهيم و القيم بعناوين تتمثل في الحريات و حقوق الانسان و المرأة و الطفل والمواطنة وهو عصر يتميز بالتمازج بين الحضارات وتزاوج الثقافات في حركة دؤوبة وتطورات مذهلة من الذرة إلى المجرة ، و أما الأصل فالتمسك به نصوصا ومقاصد وقواعد كما أجملها شمس الدين ابن القيم في " العدل و الرحمة و الحكمة و المصلحة".. و لذا فإن مقاصد الشريعة السمحة كفيلة بأن تسمح بالتعايش السلمي بل و السعيد على هذه الأرض في جو من التسامح و التعاون. 5. الحاجة إلى تفعيل الأدوات الفقهية الاجتهادية التي تزخر بها المذاهب الإسلامية مثل الإستحسان عند الحنفية و المصالح المرسلة عند المالكية وسد الذرائع وفتحها عند المالكية والحنابلة والعرف الذي عملت به كل المذاهب الإسلامية وبخاصة المذهب الحنفي الذي يرجح به القول الضعيف كما يقول الشيخ ابن عابدين كل تلك الأدوات تعين المجتهد في التعامل مع قضايا الحكم و نظام العقوبات في الإسلام وعموم المسائل والنوازل المعاصرة من غير أن يخالف نصا صريحا و لا حديثا صحيحا و لا اجماعا معتبرا و لا قياسا لا معارض له. 6. إدراك تأثير الزمان وتغير الواقع الذي جعل الصاحبين يخالفان الإمام أبا حنيفة في بعض النوازل و جعل المشايخ بعد ذلك يخالفون الأئمة في بعض الأحكام. فالواقع شريك في تنزيل الأحكام و تطبيقها،كما دلت على ذلك النصوص و الأصول و أبرزته ممارسات السلف الراشد الاجتهادية و تنزيلاتهم الوقتية. 7. الأخذ بمقصد التيسير في الشريعة الغراء، والذي هو من خصائص هذا الدين، كما ورد في النصوص الشرعية " وما جعل عليكم فى الدين من حرج"، " يريد الله بكم ٱليسر ولا يريد بكم ٱلعسر "، "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق ٱلإنسـٰن ضعيفا " وهو قاعدة فقهية كما عبر عنها الفقهاء بقولهم: " المشقة تجلب التيسير" كما أنه مقصد أعلى من مقاصد الشريعة كما يقول الشاطبي. ولذا فإن كثيرا من القضايا المعاصرة نعتقد أنه في اتساع من التأويل و الفهم العميق لمقاصد الشريعة وفي إطار كلي العدل الذي أمر الله به " إن الله يأمر بالعدل والإحسان" يمكن المواءمة والملاءمة والتكيف معها دون خروج عن حدود الشرع و ضوابطه. 8. لقد أظهرت جائحة كورونا -كوفيد 19 هشاشة الجنس البشري و الحاجة إلى التعاون والتضامن بين البشرية، فساكنة هذا الكوكب كركاب السفينة الواحدة على حد تعبير الحديث الصحيح، محكومين بمسار واحد و محكوم عليها بمصير واحد، فلا نجاة للبعض دون الآخرين. 9. وبناء على ما سبق فمنتدى تعزيز السلم في أبوظبي مستعد لمشاركة تجربته مع الأخوة العلماء في أفغانستان والمساعدة في كل ما من شأنه أن يعود بالنفع و الأمن و مزيد الاستقرار انطلاقا من عمله الدؤوب على تعزيز قيم السلام في العالم الإسلامي وفي العالم كله مقدما الكلمة الطيبة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " والكلمة الطيبة صدقة".. تلك هي دعوتنا ودعوانا ونسأل الله أن يجعل آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته"/. تجدر الإشارة إلى أن "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة " و في ضوء مؤتمراته و برامجه التي أقامها على مر السنوات الماضية وشارك بها مئات العلماء و المفكرين و قادة الرأي من مختلف أنحاء العالم منذ تأسيسه جعل مركز اهتمامه العمل على السلم تأصيلا و توصيلا انطلاقا من قناعة راسخة بأهمية السلم بصفته مقصدا أعلى يحمي الكليات الخمس الواجب حفظها و لما دلت عليه نصوص القرآن الكريم كقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة " وكما ورد في الأحديث الصحيحة من حث على إفشاء السلام و قراءة السلام خاصة حديث : " ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم ، والإنفاق من الإقتار ". ولهذه الغاية النبيلة و في سبيل إدراكها اشتغل " منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة " في السنوات الماضية على دوائر متعددة بدءا من الدائرة الإسلامية بمشاركة ممثلين من كل الدول العربية والإسلامية ومن المسلمين في مختلف القارات. وعمل المنتدى أيضا من خلال " دائرة الأديان السماوية و الدائرة الانسانية المشتركة " في حلف الفضول الجديد وكل ذلك في برامج و مبادرات لا تجافي الإسلام ولا تنافي حقائق الواقع الكوني الذي نعيش فيه فنحن اليوم كلنا جيران على هذا الكوكب.
مشاركة :