حزام كايبر الذي يكتب عادة بالعربية على الشكل الخاطئ التالي حزام كويبر، ويسمى أيضاً حزام إدجوورث - كايبر، عبارة عن منطقة من النظام الشمسي تتكون من أجسام متجمدة وصخور، تمتد من كوكب نبتون الذي يبعد بين 30 و55 وحدة فلكية، بعيداً عن الشمس، وتساوي 150 مليون كم، وهي المسافة بين الأرض والشمس. هذا الحزام مشابه لحزام الكويكبات الواقع بين كوكبي المريخ والمشتري، وأعرض منه بعشرين مرة وأضخم منه بين 20 و200 مرة. وتتكون الأجسام في حزام الكويكبات هذا، بشكل رئيسي من الصخور والمعدن، في حين يتكون حزام كايبر بشكل أساسي من أجسام صغيرة أو بقايا من مراحل تكون النظام الشمسي الأولية أي من مواد متطايرة متجمدة، عبارة عن مركبات كيميائية ذات نقطة غليان منخفضة توجد في القشرة أو الغلاف الجوي لبعض الكواكب والأقمار، وتسمى أيضاً بالجليدية، ومن هذه المواد: الميثان والأمونيا والماء. يحتوي هذا الحزام على 3 كواكب قزمة على الأقل هي: بلوتو وهاوميا وماكيماكي. وحتى العام 2005 أمكن رؤية 600 جسم فيه ويتوقع الفلكيون وجود 100 ألف جسم بهذا الحزام بقطر يزيد على 50 كيلومتراً، علاوة على مليارات المذنبات التي تدور هناك. ويعتقد العلماء أن تتكون أجسام الحزام من جليد الماء والصخور وبعض المواد العضوية المعقدة، ويتدرج لونها من الرمادي إلى الأحمر كما أن أسطحها غامقة تماماً وتعكس ما تتراوح نسبته بين 3 و25% من كمية الضوء الساقط عليها، كما تصل درجة الحرارة عليها إلى نحو -220 درجة مئوية ولا تتعدى الصفر. وقبل اكتشاف أجرام حزام كايبر لأول مرة في العام 1992، لم تكن هناك أجرام معروفة غير بلوتو وقمره في هذه المنطقة، ما جعل وجود الحزام أمراً غير مؤكد. وفي البداية كان يعتقد أن حزام كايبر هو المصدر الرئيسي للمذنبات الدورية في النظام الشمسي، لكن الدراسات التي أجريت في أواسط التسعينات أظهرت أنه عبارة منطقة مستقرة ديناميكياً، ما ينفي هذا الاحتمال، فقد اكتشف لاحقاً ما يعرف بالقرص المبعثر، وهي منطقة مضطربة ديناميكياً تكونت بفعل هجرة نبتون الخارجية قبل 4.5 مليارات سنة، والتي أثبت أنها المصدر الرئيسي الحقيقي للمذنبات الدورية. وأجرام القرص المبعثر مثل إيريس تشبه أجرام حزام كايبر لكنها ذات مدارات كبيرة للغاية لدرجة أنها ربما تبتعد عن الشمس مسافة 100 وحدة فلكية. وأحياناً تستطيع الشمس جذبها إلى النظام الشمسي الداخلي ما يجعلها من كواكب القنطور الصغيرة ومن ثم مذنبات دورية. والقناطير هي نوع من الكواكب الصغيرة التي تملك مدارات غير مستقرة، وتتشارك خصائص كل من الكويكبات والمذنبات. وتقع مدارات القناطير بين مداري كوكبي المشتري ونبتون في المنطقة التي تبعد من 9 إلى 30 وحدة فلكية عن الشمس. وبما أن مداراتها غير مستقرة فإن جاذبية هذه الكواكب ستتسبب خلال بضعة ملايين من السنين بقذفها إلى حافة النظام الشمسي أو بجذبها إلى النظام الشمسي الداخلي. وسميت هذه الأجرام نسبة إلى مخلوقات القناطير الأسطورية. ويصنف بعض الفلكيين القناطير على أنها أجرام مبعثرة من حزام كايبر، ويعتقد أيضاً أن بعض أقمار النظام الشمسي مثل قمر نبتون (ترايتون) وقمر زحل (فويب) ولدت في هذه المنطقة. وبلوتو هو أكبر أجرام حزام كايبر المعروفة، وكونه جزءاً منه تسبب ذلك في إعادة النظر بتصنيفه كوكباً أو كوكباً قزماً، لأن تركيبه وبنيته مشابهة للعديد من أجرام حزام كايبر الأخرى. ومدة دورته حول الشمس مماثلة لأجرام حزام كايبر التي تسمى البلتينوات، وأيضاً الكواكب القزمة الأربعة المعروفة حالياً والواقعة خلف نبتون والتي تسمى البلوتيات، وهو منها. وبعد التصنيفات الجديدة لأجرام النظام الشمسي التي وضعها الاتحاد الفلكي الدولي عام 2006، غدت كل أجرام حزام كايبر تقريباً تصنف على أنها أجرام النظام الشمسي الصغيرة، ما عدا 3 استثناءات فقط أصبحت تصنف على أنها كواكب قزمة، وهذه الاستثناءات هي: بلوتو وهاوميا وماكيماكي. ويخلط العديد من غير المختصين بين حزام كايبر وسحابة أورط الافتراضية التي تبعد آلاف الأضعاف ما يبعده حزام كايبر عن الشمس. وبشكل عام تسمى جميع الأجرام ضمن حزام كايبر والقرص المبعثر وسحابة أورط بأجرام ما وراء نبتون. وكان أول جسم يكتشف في هذا الحزام هو بلوتو في عام 1930، ومنذ ذلك الوقت افترض عدد من العلماء أن هناك مزيداً من الأجرام المشابهة له. وكان فريدريك ليونارد هو أول من افترض وجود حزام من الكويكبات خلف كوكب نبتون، وفي العام 1943 كتب كنث إدجوورث مقالاً في صحيفة الجمعية الفلكية البريطانية يقول فيه إن المادة في السديم الشمسي الأولي الذي تشكل منه النظام الشمسي كانت أكبر بكثير من أن تتكثف إلى 9 كواكب فقط، وأنه لا بد من وجود حزام خلف كوكب نبتون تملؤه آلاف الأجرام الصغيرة نسبياً، وافترض أيضاً أنه من وقت لآخر يخرج أحد الكويكبات من الحزام وينجذب إلى النظام الشمسي الداخلي حيث الكواكب، ويصبح بذلك مذنباً. وفي العام 1951 كتب جيرارد كايبر مقالاً في مجلة الفيزياء الفلكية خمن فيه وجود قرص تكون خلال المراحل الأولى من تطور النظام الشمسي، لكنه لم يكن يتخيل أن هناك حزاماً ما زال موجوداً حتى العصر الحالي. وكان هناك افتراض سائد في أيام كايبر مفاده أن بلوتو هو بحجم الأرض، وبناءً على ذلك استنتج كايبر أن الحزام ولد من سحابة أورط، لكن المكان الذي افترض كايبر وجود الحزام فيه كان مكاناً غير الذي حدده العلماء اليوم. بعد ذلك ظهرت العديد من الفرضيات عن وجود الحزام وعن كيفية تكونه ثم اكتشف شارل كوول أول كويكب من كواكب القنطور الصغيرة، وهو الذي أطلق عليه تسمية شيرون 2060 في عام 1977، وكان عبارة عن جسم جليدي يقع بين مداري زحل وأورانوس، واكتشفه بواسطة آلة المقارنة الوميضية، وهي آلة تستخدم لمقارنة صور الأجرام الظاهرة في صورة للسماء. ومنذ اكتشاف شيرون عرف الفلكيون أنه لابد من وجود أجرام مشابهة في المنطقة الواقعة خلف نبتون، وجاءت عدة أدلة بعد ذلك حتمت وجود هذا الحزام. وفي العام 1987 بدأ الفلكي دافيد جيوت من معهد ماساتشوستس للتقنية بمحاولة تحديد موقع جرم كان يعتقد أنه يقع خلف كوكب بلوتو وبعد ذلك أقنع الخريجة جين لو بمساعدته في ذلك بقوله: إذا لم نفعل ذلك فلن يفعله أحد غيرنا. وباستخدام مقراب مرصد جبل كت بأريزونا ومرصد كرو تولولو في تشيلي. وفي العام 1988 توجه جيوت إلى المعهد الفلكي لجامعة هاواي، وتبعته لو في وقت لاحق للعمل في جامعة هاواي ورصدا بواسطة مقراب يبلغ قطره 2.24 متر في مرصد مونا كيا. في تلك الحقبة ابتكر العلماء أجهزة شحن مضاعفة ذات حقل رؤية أكبر في حساساتها، تصل إلى 1024 1024 بكسل، ما جعل العمل يسير بوتيرة أسرع. وأخيراً وبعد 5 سنوات من الدراسة وفي يوم 30 أغسطس/آب عام 1992، أعلن جيوت ولو رسمياً عن اكتشاف جرم مرشح لأن يكون ضمن حزام كايبر وهو: (15760) 1992 QB1، وكان هذا ثالث جرم يكتشف في حزام كايبر بعد بلوتو وقمره شارون. وأظهرت الدراسات التي جرت منذ تخطيط منطقة ما وراء نبتون لأول مرة أن ما يسمى بحزام كايبر ليس منطقة لولادة المذنبات الدورية، بل هي منطقة منفصلة ومرتبطة بنفس الوقت مع منطقة تسمى القرص المبعثر. وهو عبارة عن قرص غير منتظم من أجرام كانت في الماضي ضمن حزام كايبر، قبل أن تضطرب مداراتها بسبب جاذبية نبتون وتتبعثر عبر النظام الشمسي الخارجي. وحالياً، بعض هذه الأجرام لم تعد متأثرة كثيراً بنبتون، لكن على الرغم من هذا فما زال يؤثر بها على مدى بلايين السنين. وفي الواقع فإن عدد هذه الأجرام تناقص كثيراً، إذ إن تأثير نبتون عليها أدى في النهاية إلى قذف الكثير منها خارج النظام الشمسي. وأجرام القرص المبعثر مفصولة عن حزام كايبر، وتمتد مداراتها لمسافات ضخمة بعيداً عن الشمس، يمكن أن تصل لأكثر من 500 ضعف بعد الأرض عنها ويعد القرص المبعثر المصدر الرئيسي للمذنبات الدورية (قصيرة الدورة)، ويعتقد أن تأثير نبتون في مدارات هذه الأجرام يقود بعضها في النهاية إلى مدارات حضيضها يقع في النظام الشمسي الداخلي وعندما تقترب إلى هذه الحد من الشمس تبدأ قشرتها الجليدية بالانصهار، مخلفة ذيلاً وراءها ومتحولة إلى مذنبات. وتكون القرص المبعثر عندما هاجر كوكب نبتون فيما يعرف بالهجرة الخارجية إلى أطراف حزام كايبر الأولي، حيث كان نبتون في ذلك الوقت أكثر قرباً من الشمس لكنه هاجر إلى الأطراف الخارجية للنظام الشمسي ما سبب اضطراباً كبيراً في مدارات الأجرام في منطقة حزام كايبر وما قربها بعد أن كانت مستقرة. وكانت بعض الأجرام في المنطقة التي تقترب من الشمس بشكل كاف تسحب وتبعثر من قبل كوكب نبتون أثناء دورانه حول الشمس، ولهذا سمي بالقرص المبعثر. وبسبب أن القرص المبعثر مضطرب ديناميكياً وأن حزام كايبر مستقر بشكل نسبي، يعتبر القرص المبعثر الآن من أكثر الأماكن مثالية كي يكون منبع المذنبات الدورية. ويعتبر تحديد التركيب الكيميائي لأجرام حزام كايبر أمر في غاية الصعوبة، بسبب حجمها الصغير وبعدها الشديد عن الأرض. والطريقة الرئيسية التي يحدد بها الفلكيون تركيب الأجرام السماوية هي المطيافية، فعندما ينكسر ضوء جرم إلى الألوان المكونة له يتكون شيء شبيه بقوس قزح. وهذا يسمى بالطيف، وتمتص مواد مختلفة الضوء بأطوال موجية مختلفة، وحين يوجه الضوء على هذه المواد تظهر خطوط مظلمة تسمى خطوط الامتصاص، إذ تمتص المادة بعض الأطوال الموجية ما يجعل طيف الجرم غير كامل. وكل عنصر أو مركب يملك شكلاً طيفياً خاصاً، وبتحليل البصمة الطيفية الكاملة لجرم ما يمكن للفلكيين أن يحددوا مما يتركب. الرنين المداري عندما تكون مدة دوران جرم حول الشمس هي نسبة دقيقة من مدة دوران نبتون أو أي جرم آخر، فحينها يصبح هناك تزامن ثابت في الحركة بينه وبين الجرم ما يسبب اضطراباً في حركة الجرم إذا كان على قرب مناسب من نبتون. ومثال ذلك: جرم يدور حول الشمس مرتين كل 3 دورات يقوم بها نبتون، ثم كلما عاد الجرم إلى موضعه الأصلي فسوف يكون دائماً على بُعد نصف مدار من نبتون. وبالتالي فإن رنين هذا الجرم هو 2:3 (أو 3:2) وبما أن رنين هذا الجرم هو 2:3 بالنسبة لنبتون فيبعد عن الشمس مسافة 39.4 وحدة فلكية، في نصف محوره الأكبر. ويسكن منطقة الرنين هذه 200 جرم معروف من حزام كايبر، منها بلوتو وأقماره، ويُعرف بقية أعضاء هذه العائلة (الموجودة في هذه المنطقة) بالأجرام البلتينوية. والعديد من البلتينوات بما في ذلك بلوتو تملك مدارات متقاطعة مع مدار نبتون، لكن بالرغم من ذلك يشير رنينها المداري إلى أنه من المستحيل أن تصطدم بنبتون. والعديد من الأجرام الأخرى مثل 90482 Orcus و28978 Ixion كبيرة بما فيه الكفاية كي تصنف ضمن البلوتيات حين تتوافر معلومات أكثر بشأنها. تركيبة معقدة لا تزال البداية الدقيقة لتشكل حزام كايبر، وتركيبه المعقد غير واضحة حتى الآن، وينتظر الفلكيون حالياً اكتمال تصنيع تليسكوبات ذات حقول مسح واسعة، مثل بان ستاررز، والتي يعتقد أنها ستساعد في الكشف عن العديد من أجرام حزام كايبر غير المعروفة حالياً، وسوف تزوّد هذه التليسكوبات العلماء بمعلومات من شأنها أن تساعد على إيجاد إجابات عن الأسئلة المتعلقة بحزام كايبر وبدايته. وتُظهر المحاكاة الحاسوبية الحديثة أن حزام كايبر تأثر جداً بجاذبية كل من المشتري ونبتون. وفي جميع الأحوال فإن أكثر النماذج قبولاً حالياً لا يزال يفشل في حساب العديد من الأشياء المتعلقة بحزام كايبر. إن وجود كوكب نبتون له تأثير كبير في بنية حزام كايبر جراء رنينه المداري فقد سببت جاذبية نبتون اضطراباً في مدار أي جرم يقترب منه إلى حد معين طوال زمن طويل قريبة من عمر النظام الشمسي، والنتيجة هي إما أن نبتون يجذب الجرم إلى النظام الشمسي الداخلي أو أن يقذفه بعيداً إلى القرص المبعثر أو الفضاء البينجمي، ولهذا السبب يُلاحظ حالياً وجود فجوات عديدة في حزام كايبر تتشابه وفجوات كِركوود في حزام الكويكبات. ويعتبر تأثير جاذبية نبتون تأثيراً بسيطاً في منطقة الحزام الواقعة على مسافة تتراوح بين 42 و48 وحدة فلكية تقريباً (336 و384 دقيقة ضوئية)، ولا يوجد اضطراب كبير في مدارات الأجرام هناك. وتسمى هذه المنطقة حزام كايبر التقليدي، والأجرام فيها تُمثل ثُلثي أجرام حزام كايبر المُكتشفة حتى اليوم تقريباً. وتتألف أجرام حزام كايبر التقليدي من نوعين مختلفين: أجرام النوع الأول تسمى الأجرام الباردة ديناميكياً وهي ذات مدارات شبيهة بمدارات الكواكب، فهي دائرية تقريباً وتصل نسبة شذوذها المداري لأقل من 0.1، وميل مداراتها قليل نسبياً ويصل إلى 10ْ، وهي قريبة من سهل النظام الشمسي، وهي زاوية مدارات معظم الكواكب الثمانية ولذلك سميت بالسهل. والنوع الثاني فيسمى الأجرام الساخنة ديناميكياً، وهي ذات مدارات تميل عن دائرة البروج بزاوية يمكن أن تصل إلى 30ْ. وهذان النوعان لا يمتلكان مدارات مختلفة فقط بل تركيباً مختلفاً: فالأجرام الباردة أكثر احمراراً من الساخنة ويُعتقد أن سبب ذلك هو أنها تكونت في منطقة مختلفة. ويُعتقد أن الأجرام الساخنة ولدت في منطقة قريبة من المشتري وقُذفت إلى الأطراف الخارجية للنظام الشمسي بسبب حركتها بين العمالقة الغازية.
مشاركة :