في زيارة مفاجئة، لم يعلن عنها مسبقا، وصل الأمين العام للأمم المتحدة إلى إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية، في محاولة لوقف التدهور الأمني وتحفيز الفرقاء على العودة إلى طاولة المفاوضات، سعيا إلى اتفاق سلام على أساس مبدأ دولتين للشعبين. وفي الوقت نفسه، وبعد أن ألغى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، زيارته لألمانيا، قرر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، المجيء إلى الشرق الأوسط للقاء كل من نتنياهو والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال مسؤولون إسرائيليون، أمس، إن الوزير كيري أبدى رغبته في أحاديث هاتفية عدة، بتحديد التفاهمات التي تم التوصل إليها بين نتنياهو والملك الأردني عبد الله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، بشأن الوضع الراهن في الحرم القدسي، وذلك في إطار محاولة لتهدئة العنف الحالي. ومن بين الأفكار التي يجري فحصها، توثيق هذه التفاهمات خطيا بين نتنياهو والملك عبد الله. وقال كيري خلال مؤتمر صحافي عقده في مدريد، أمس، إن نتنياهو وعبد الله أعربا خلال محادثات أجراها معهما، عن رغبتهما بالعمل على خطوة «تضمن فهم الجميع لما يحدث في الحرم القدسي». وقال إنه معني بأن توضح الأطراف المعنية – إسرائيل والأردن، وربما السلطة الفلسطينية، أيضا – معنى الوضع الراهن في الحرم. وذكر كيري: «لا نسعى إلى تغيير جديد أو لدخول أطراف خارجية. لا أعتقد أن إسرائيل والأردن يريدان ذلك ونحن لا نقترحه. ما نريده هو الوضوح». وأشار إلى أن «إسرائيل لها الحق في حماية نفسها من أعمال العنف العشوائية»، لافتًا إلى أنه «خلال محادثاته مع نتنياهو، قال الزعيم الإسرائيلي إنه ملتزم بالحفاظ على الوضع الحالي للحرم القدسي». وأوضح للصحافيين عن الاجتماعات المقبلة: «ليس لدي توقعات محددة باستثناء محاولة دفع الأمور قدمًا. سيعتمد هذا على المحادثات نفسها، وما يمكننا تعريفه في سياق الخطوات التي يمكن اتخاذها حتى يفهم الناس أن الزعماء بالفعل يقودون مساعي جادة لحل الصراع الراهن». وصرح بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، بأن «الوقت الراهن ليس مناسبًا للمساعي الدبلوماسية». لكن كيري شدد على أن «الأمن والدبلوماسية ينبغي أن يسيرا يدًا بيد». وتابع: «لا يوجد وقت لهذا ثم لذاك.. الأمران مهمان». أما بان كي مون، فقد أعلن أنه قلق من التدهور الحالي، وقرر المجيء بنفسه إلى المنطقة لكي يسعى إلى تهدئة الأوضاع. لكنه رأى أن التهدئة ينبغي أن تكون جذرية وليست سطحية. لذلك طالب زعماء الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، بالعمل بإخلاص من أجل تحقيق السلام على أساس الدولتين. وحرص بان كي مون على توجيه رسالة إلى الطرفين، شعبا وحكومة، عبر شريط فيديو استهله بالتحية بالعبرية والعربية «شالوم» و«السلام عليكم». ووجه بان كي مون رسالة إلى الإسرائيليين، حثهم فيها على أن يبحثوا عن حلول سياسية للأزمة الراهنة، باعتبار أن الحلول العسكرية غير مجدية. ودعاهم إلى وقف الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة. وقال: «تحملوا مسؤولية البناء الاستيطاني فهو غير شرعي». وأضاف: «أنا أفهم وأتفهم خوف المواطنين الإسرائيليين من العنف ولدي تقدير لحرصكم على الأمن والسلام. أفهم وأتفهم خوف أولادكم من التوجه إلى المدارس حيث بات كل إنسان عندكم مشروع قتل. لكن بالمقابل، فإن بناء الجدران والمزيد من الحواجز العسكرية وهدم البيوت الفلسطينية وغيرها من الردود القاسية، لن تأتي بالسلام ولا بالأمن». وتوجه بان كي مون أيضا إلى الفلسطينيين قائلا: «لديكم طاقات هائلة وأرجو أن تصبوها نحو التسوية السلمية وليس نحو العنف. إنني أرتعد خوفا وأنا أرى الفتية الفلسطينيين يحملون الآلات الحادة والأسلحة بهدف القتل. العنف فقط يمس بشرعية الطموحات الفلسطينية لدولة. أنا أفهم وأتفهم الإحباط الذي يسود لديكم. وأعرف أن سبب هذا هو خيبة أملكم، المرة تلو المرة، من تحقيق حلم الحرية والاستقلال في دولتكم. أفهم وأتفهم غضبكم من الاحتلال وتوسيع الاستيطان. والكثيرون منكم محبطون وخائبو الأمل من قيادتكم ومنا في قيادة المجتمع الدولي، بسبب عجزنا عن إنهاء الاحتلال، لكن العنف لا يحل المشكلة.
مشاركة :