كثر هذه الأيام الحديث عن عودة الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً، مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «لا تقوم الساعة حتي تعود الجزيرة العربية مروجا وأنهاراً كما كانت»، خاصة من قبل غير المختصين الذين هدفهم الأول الكسب المادي من الدولة - حفظها الله -، ويقول هؤلاء القوم: إن زيادة الرطوبة النسبية الناتج عن جلب المياه من البحار المحيطة وتكون البحيرات كفيل بتكون السحب التي تغطي آلاف الكيلومترات وتسقط الأمطار على معظم الجزيرة العربية، وبذلك تصبح الجزيرة العربية مروجا وأنهارا. لا يعلم هؤلاء الناس أن النظام المناخي كبير ومعقد، ولا يعلم هؤلاء غير المتخصصين أن سقوط الأمطار يحتاج إلى آلية رفع للمناطق الباردة في طبقات الجو العليا، ولو أن الأمر مرتبط فقط بالرطوبة، لكانت مدينتا جدة والدمام من أغزر مدن المملكة مطراً صيفاً. وآلية الرفع نوعان: رفع ميكانيكي ورفع ديناميكي، وآلية الرفع نفتقر لها بمعظم المملكة صيفا، عدا الأجزاء الجبلية في جنوب غرب المملكة التي فيها رفع ميكانيكي صيفا، ثم إن جلب المياه من البحار المحيطة ليس بهذه السهولة التي يتصورونها؛ فمعظم الجزيرة العربية ترتفع عن سطح البحر، فمثلا الرياض، التي تعتبر منخفضة، ترتفع 620 مترا عن سطح البحر. إذا كيف ستصبح الجزرة العربية مروجا وأنهارا؟ بناء على ما تقدم أقول بصفتي متخصص في مناخ المملكة العربية السعودية: إن تفسير قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أن جزيرة العرب ستعود مروجا وأنهارا كما كانت سيكون، والله أعلم من خلال تذبذب ميل محور الأرض من 22.1 إلى 24.5 درجة خلال دورة تبلغ في متوسطها حوالي 40,000 سنة. وهو في هذا الزمن 23.5 درجة وهذا الميل للمحور الأرض يمكننا حاليا من تحديد الفصول الأربعة حيث يكون حاليا الانقلاب الشتوي في 21 ديسمبر والانقلاب الصيفي يكون حاليا في 21 يونيو، أما الاعتدال الربيعي فيكون في حوالي 20 مارس، بينما يحدث الاعتدال الخريفي حاليا في 23 سبتمبر. ويتراوح ميل المحور بين 22.1 و درجة و 24.5 درجة كما ذكرت سابقا، وكلما قلّ الميلان أصبح الفرق بين الصيف والشتاء قليلاً ويصبح الصيف أقل حرارة والشتاء أقل برودة. وعندما يبلغ الميلان 24.5 تكون الفروق بين الفصلين كبيرة ويصبح الصيف عالي الحرارة والشتاء عالي البرودة. الأمطار - والله أعلم - ستكون أغزر لتوفر آلية الرفع الاستوائية صيفا وبذلك تتحول جزيرة العرب مروجا وأنهار كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتحول الجزيرة العربية للمناخ الاستوائي.