التأم المجلس النيابي اللبناني يوم أمس (الثلاثاء) وللمرة الأولى منذ سنة و11 شهرا بهدف التجديد للجان النيابية وهيئة مكتبه، وذلك بعدما كان قد توقف عمله كليا طوال الفترة الماضية بسبب تعذر تأمين نصاب أي جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد نتيجة الخلاف السياسي المتحكم في البلاد، ما انعكس تلقائيا على العمل التشريعي الذي تصر كتل نيابية على مقاطعته متمسكة بأولوية ملء الشغور الرئاسي. واجتمع النواب في القاعة الرئيسية للمجلس التي لم تشهد على اكتمال النصاب منذ 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 حين مدد النواب ولايتهم وللمرة الثانية، وهم قرروا بالأمس السير بتفاهم على التجديد للجان القائمة من دون أن يسري هذا التفاهم على عودة عجلة العمل التشريعي إلى الدوران نظرا لتمسك كل طرف بمواقفه واقتناع كل الفرقاء بأن «لا حلول بالمفرق» للأزمات اللبنانية المتفاقمة بل حل على شكل سلة واحدة يتعذر حتى الساعة تحقيقه. وتمنى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس (الثلاثاء) في ختام الجلسة على النواب المساعدة من أجل عقد جلسة تشريعية، منبها إلى «إنذار البنك الدولي بإزالة لبنان عن لائحة المساعدات»، وتوجه إليهم بالقول: «لن أسمح بأن يصل البلد إلى مثل هذه الحال، ولست غيورا أكثر من أي أحد منكم ولكن يجب أن تتفهموني وتتحملوني إذا ما دعيت إلى جلسة تشريعية». ونشطت في الساعات القليلة الماضية المساعي الحثيثة لاستيعاب الأزمة السياسية التي تفاقمت نهاية الأسبوع الماضي على خلفية تبادل تيار «المستقبل» وحزب الله اتهامات بالتعطيل وتهديدهما الكيان الحكومي والحوار الوطني المترنحين أصلا، كما خطة النفايات التي كان من المفترض أن يجتمع مجلس الوزراء هذا الأسبوع لإقرار خطواتها التنفيذية. إذ يبدو أن الإيجابية التي أشاعها معنيون بالملف نهاية الأسبوع الماضي بدأت تتلاشى، وهو ما لمّح إليه رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط حين قال: «في الوقت المناسب، يعود لأكرم شهيب (وزير الزراعة) شرح ملابسات الملف إذا وصلت الأمور إلى أفق مسدود». وفيما واصل نواب ووزراء حزب الله في اليومين الماضيين حملة التصعيد التي كان أطلقها أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله الأحد ردا على كلام لوزير الداخلية نهاد المشنوق هدد فيه بانسحاب تيار «المستقبل» من الحكومة والحوار على حد سواء، آثر وزراء وقياديو التيار الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، التزام نوع من التهدئة. وأكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، أن «تهديد نصر الله ورفع صوته لن يخيفنا أو يثنينا عن توجيه أصابع الاتهام بالتعطيل والعرقلة إلى حيث يجب أن توجه»، ورد «النبرة العالية للحزب إلى كون القرار في سوريا لم يعد لإيران إنما لروسيا ما حجّم من دور حزب الله الذي ظنّ أنّه وبرفع الصوت في الداخل اللبناني يقوّي نفوذه هنا». وإذ شدّد دو فريج على التزام «المستقبل» بالحوار «باعتبار أنّه إذا لم ينفع فهو حتما لن يضر»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «تعطيل الحوارات القائمة إن كان الوطني الجامع أو الثنائي بين المستقبل والحزب، لا معنى له، شرط أن تكون هذه الحوارات صريحة ويتخللها أخذ هواجس الطرف المحاور بعين الاعتبار، فلا يتعاطى حزب الله معنا وفق مبدأ ما لنا وما لكم لنا ولكم». واستغرب دو فريج حملة حزب الله على الكلام الأخير الذي أدلى به الوزير المشنوق لجهة انتقاده العمل الحكومي وتلويحه بالاستقالة منها، لافتا إلى أن ما قاله المشنوق «سبق أن أعلنه صراحة رئيس الحكومة تمام سلام كما معظم الوزراء، وها أنا مجددا أؤكد عليه، فإذا لم تكن الحكومة منتجة فالأفضل أن تتحول إلى حكومة تصريف أعمال». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الأزمة اللبنانية ستبقى مجمدة في البرادات الإقليمية والدولية حتى حسم عدد من الملفات في المنطقة، وبالتالي لن نكون لا بصدد انفجار العلاقة بين المستقبل وحزب الله، كما أننا لن نشهد لا على سقوط الحكومة أو على وضع حد للحوارات القائمة»، لافتة إلى أنّه «وبالمقابل لن تعود الأمور إلى الروتين السابق، فالتساهل الذي كان يبديه حزب الله في المرحلة الماضية لن يستمر، وهو قد شمّر عن ساعديه لإعطاء الردود المناسبة بعدما أرخت التطورات الميدانية الحالية في سوريا نوعا من الطمأنينة لديه».
مشاركة :