قال البرلمان الأوروبي ببروكسل، إن 5 آلاف شاب انضموا من أوروبا إلى المنظمات الإرهابية، للقتال في سوريا والعراق، وأصبحت قضية تجنيد الشباب تمثل تحديا متزايد الأهمية للدول الأعضاء. وصوت أعضاء لجنة الحريات المدنية والعدل، على تقرير بشأن منع التطرف، والتصدي لتجنيد الشباب لصالح المنظمات الإرهابية في مناطق الصراعات، وقالت رشيدة داتي صاحبة التقرير، إنه لا بد أن يكون هناك مواجهة أوروبية مشتركة لهذا الأمر، وليست بشكل فردي من جانب الدول الأعضاء. وعن الأسباب وراء ضرورة وجود نهج أوروبي موحد قالت داتي، إنه خلال العامين الماضيين هناك هجمات إرهابية تورطت فيها شخصيات متشددة من الأوروبيين في عدة دول أوروبية، مما يشير إلى وجود بؤر للتشدد في أوروبا، وفي نفس الوقت هناك اتفاقية شنغن التي تسمح بحرية التنقل، ولهذا يمكن أن ينتقل التهديد ليشمل الجميع، وبالتالي يجب أن يكون هناك استجابة أوروبية جماعية، وهذا لا يعني صلاحيات أقل للدول الأعضاء، ولكن يعني مزيدا من التنسيق والتعاون. وعن أهم التدابير التي اقترحها التقرير وتضمنها مشروع القرار، من أجل منع التشدد، قالت الفرنسية رشيدة داتي، إنه لفترة طويلة كانت سياسة الاتحاد الأوروبي تعتمد على رد الفعل، ولكن يجب الآن أن يعمل الاتحاد الأوروبي عكس ذلك، ويعطي مزيدا من الاهتمام لمواجهة التشدد على الإنترنت، وأن يكون لديه الحجج المضادة، وإقناع مزودي خدمات الإنترنت بإزالة المحتوى غير القانوني، وأيضا ضرورة الاهتمام بوضعية السجناء من المتشددين وضرورة فصلهم عن الباقين داخل السجون، إلى جانب أهمية وجود حوار مع مختلف الطوائف الدينية، والتركيز على منع التطرف في التعليم، وأيضا مكافحة تمويل الإرهاب من خلال قدر أكبر من الشفافية بشأن التدفقات المالية الخارجية. وانتهى تقرير داتي إلى التأكيد من جديد على أن شبكة الإنترنت أحد العوامل الكامنة وراء التشدد، وخصوصا أن الكثير من المعلومات الشخصية وغيرها يمكن جمعها على الإنترنت، ولهذا لا بد أن نتحرك بشكل أسرع وأكبر، ويجب أن يعلم عمالقة الإنترنت أن أكبر مشكلة هي نشر محتوى غير قانوني، وبالتالي على هؤلاء أن يتحملوا المسؤولية في منع حدوث ذلك، وإذا لم يتعاونوا، أقترح الملاحقة الجنائية في هذا الصدد. وجرى نقاش بين النواب حول سبل مواجهة نشر الأفكار المتشددة، وعمليات استقطاب الشباب للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، والقتال في صفوفها بمناطق الصراعات خارج أوروبا، وتناول مشروع القرار التأكيد على أهمية مكافحة التشدد على الإنترنت وتحسين تبادل المعلومات، كما استعرض النواب دور وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) في هذا الصدد وضرورة الحفاظ على البيانات الشخصية للمواطنين، وعدم إرسال تلك البيانات إلى الشركاء في قطاعات أخرى. وعقب النقاشات صوت أعضاء البرلمان الأوروبي في لجنة العدالة والحريات المدنية، مساء الاثنين، لصالح مشروع القرار بشأن منع التطرف والتصدي لمساعي المنظمات الإرهابية لتجنيد الشباب للقتال خارج أوروبا. وكانت المفوضية الأوروبية ببروكسل استضافت أول من أمس، مؤتمرا رفيع المستوى حول نفس الموضوع، وحضره وزراء العدل، وممثلو الادعاء العام، ومديرو السجون، والخبراء في الكثير من الدول الأعضاء بالاتحاد. وفي مايو (أيار) الماضي، قالت مسؤولة في الاتحاد الأوروبي في تصريحات صحافية، إن عدد الجهاديين الذين يقاتلون في صفوف جماعات جهادية في سوريا يمكن أن يتجاوز الستة آلاف شخص. وقالت مفوضة العدل في الاتحاد الأوروبي التشيكية فيرا جوريفا في مقابلة مع صحيفة «الفيغارو» الفرنسية «على المستوى الأوروبي، نقدر بما بين خمسة وستة آلاف شخص عدد الذين ذهبوا إلى سوريا»، وقدرت عدد الفرنسيين بينهم بـ1450. وأضافت أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير على الأرجح، لكن يصعب تحديده بسبب صعوبة رصد المقاتلين الأجانب في القتال. وقالت جوريفا «عند وقوع هجمات باريس وكوبنهاغن، قررنا ألا نسمح لأنفسنا بالانقياد وراء الخوف»، مشيرة بذلك إلى الهجومين اللذين شنهما متشددون في باريس وإطلاق النار على مركز ثقافي في الدنمارك. وتابعت المفوضة الأوروبية أن التركيز على الذين يسعون للتوجه إلى سوريا من أجل الجهاد أو الذين يعودون من النزاع قد يأتي متأخرا جدا. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يفضل التركيز على الوقاية أكثر من القمع، والبحث عن الأسباب المختلفة لالتحاق مواطنين بالجماعات الجهادية بمعزل عن الديانة. وتحدثت في هذا المجال عن الرغبة في المغامرة والملل والاستياء من الوضع في الحياة وغياب الآفاق لدى الذين اختاروا التخلي عن عائلاتهم والتوجه إلى سوريا. وأشار تقرير الإرهاب لعام 2014 الذي أعدته وكالة تطبيق القانون الأوروبية «يوروبول»، إلى الارتفاع المتزايد لعدد مواطني دول الاتحاد الأوروبي، الذين يشتركون في القتال بسوريا، لافتا إلى زيادة التهديد الأمني المحتمل الذي سيمثله هؤلاء المقاتلون على الاتحاد الأوروبي حال عودتهم إلى بلادهم. وتفيد أرقام سكوتلانديارد أن أكثر من 500 بريطاني يقاتلون في صفوف مجموعات مثل «داعش» معربة عن خشيتها من التخطيط لاعتداءات فور عودتهم إلى المملكة المتحدة. وتقدر ألمانيا عدد رعاياها الذين انضموا إلى الجهاديين في العراق وسوريا بـ550، وقتل نحو ستين في المعارك أو في هجمات انتحارية وعاد 180 إلى ديارهم، بحسب برلين وبحسب المركز الدولي لدراسة العنف والتطرف السياسي، فإن روسيا تحتل المرتبة الأولى من بين الدول الغربية في عدد مواطنيها الذين يقاتلون ضمن تنظيم داعش، وتليها في المرتبة الثانية فرنسا، وفي المرتبة الثالثة بريطانيا، وفي المرتبة الرابعة جاءت تركيا. بينما اعتقلت السلطات في دول عربية وآسيوية وأوروبية عشرات المتهمين بالتخطيط للانضمام إلى تنظيم داعش ، مما يشير إلى أنه ما زال قادرًا على جذب المقاتلين، وحتى النساء، من مختلف دول العالم، على رغم الجهود المختلفة لمواجهته، والتي تنوعت بين الحرب الإلكترونية والعسكرية والاقتصادية التي يشنها التحالف الدولي، بالإضافة إلى القوانين الرادعة التي أقرتها بعض الدول في إطار تجريم الانتساب أو دعم أو الترويج لـ«داعش» بأي وسيلة. ومن وجهة نظر فوزية طلحاوي أول برلمانية بلجيكية من أصل مغربي، فإن مشكلة تسفير الشباب للقتال في سوريا أصبحت موضوعا أساسيا في الأجندة الأوروبية، وهناك تنسيق مشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمواجهة هذا الأمر، وتضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ببروكسل، بأن اجتماعات انعقدت مؤخرا بين بلجيكا وفرنسا للتنسيق والعمل المشترك هي جزء من تحرك أوروبي، تشارك فيه دول أخرى تعاني من مسألة تسفير شبان من المسلمين الأوروبيين إلى سوريا للمشاركة في العمليات القتالية، وخصوصا أن هناك مخاوف من مرحلة ما بعد عودة هؤلاء إلى أوطانهم الأوروبية وما يمكن أن يشكل ذلك من خطر على المجتمعات الأوروبية.
مشاركة :