تُسبب الزيادة المطردة في أعداد الأثرياء والتضخم في الثروات التي يمتلكونها قلقاً متنامياً لدى السلطات في الصين، وهو ما دفع الرئيس شي جينبينغ إلى تكرار التلميح عن ضرورة سد الفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء وعدم السماح باتساعها. ورصد تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» الأميركية، واطلعت عليه «العربية نت»، استخداماً متزايداً لمصطلح «الرخاء المشترك» على لسان الرئيس الصيني خلال الآونة الأخيرة، وهي العبارة المستخدمة من أجل الإشارة إلى التزام الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بسد الفجوة في الثراء بين طبقات المجتمع. ويشير تكرار استخدام هذه العبارة إلى أن ازدياد أعداد الأثرياء وتضخم ثرواتهم أصبح يُشكل مصدراً للقلق في أوساط النخبة الحاكمة، بما فيها الرئيس ذاته والحكومة، كما أنها تشير إلى أنها تحذير غير مباشر من الرئيس للأثرياء في بلاده. وظهر مصطلح «الرخاء المشترك» بشكل متقطع في السنوات الثماني الأولى لحكم الرئيس شي جينبينغ، لكن «بلومبرغ» تؤكد أنه «في العام الماضي بدأ الرئيس الصيني يشير إلى (الرخاء المشترك) في كثير من الأحيان وتسارعت وتيرته أكثر من أي وقت مضى». وتقول الوكالة إن عبارة «الرخاء المشترك» ظهرت 65 مرة في خطاباته واجتماعاته حتى الآن خلال العام الحالي، مقارنة بـ30 مرة في العام الماضي بأكمله. وقالت ماريا ريبنيكوفا، التي تدرس التواصل السياسي الصيني في جامعة ولاية جورجيا الأميركية، إن تكرار هذا الشعار بهذه الصورة تشير إلى قوة نية الرئيس شي. وأضافت: «غالباً ما تلتقط الشعارات اتجاهات أو تحولات سياسية جديدة ويمكن أن تشير إلى كيفية تغير السياسة، كما أنها غالباً ما تكون فضفاضة، مما يترك بعض المساحة للغموض والتعديل في التفسير». وبحسب ما رصدت «بلومبرغ» فان الحكومة الصينية اتخذت خطوة أدق وأوضح أخيراً كترجمة لشعارات الرئيس، إذ تعهدت اللجنة العليا للشؤون الاقتصادية والمالية بالحزب الأسبوع الماضي «بتعديل الدخول المالية المرتفعة بشكل معقول»، كما اتخذت قراراً بتشجيع العمل الخيري والسعي لاستراتيجيات أخرى لإدخال توزيع الدخل في البلاد في هيكل مثالي. وخلال الاجتماع تعهد كبار صانعي السياسة باستخدام سياسات «الضرائب والضمان الاجتماعي وتحويل المدفوعات ومعالجة الدخل غير القانوني وغير المعقول»، بحسب ما أوردت «بلومبرغ». ووفقاً لتقرير هذه الوكالة فإن «هدف الرئيس شي قد يتوسع للمرة الأولى ليشمل الأثرياء أيضاً بالإضافة إلى فاحشي الثراء بعد أن كان الرئيس شي قد ركز في السابق على الدخل المرتفع بشكل مفرط فقط». ولا يوجد تعريف رسمي في الصين لهاتين المجموعتين (الأثرياء وفاحشي الثراء)، ولكن يبدو أن الاتجاه العام في البلاد سيشمل شريحة أوسع من أصحاب الدخول المالية المرتفعة. وتم تقديم فكرة «الرخاء المشترك» في الأصل في وثائق الحزب الشيوعي الحاكم من قبل ماو تسي تونغ لتعكس السعي وراء مجتمع أكثر مساواة. لكن هذا المصطلح لم يتم استخدامه بشكل متكرر في عهد الرئيس «دينغ شياو بينغ» الذي حول التركيز إلى تطوير اقتصاد يسمح «لبعض الناس أن يصبحوا أثرياء أولاً»، وقال في ذلك الحين إن «الرخاء المشترك» سيأتي لاحقاً. وبحسب «بلومبرغ» فان أغنى 20 في المئة من السكان في الصين يكسبون أكثر من 10 أضعاف أفقر 20 في المئة، وهي فجوة لم تتزحزح منذ عام 2015. ويوجد في الصين حالياً 400 مليون شخص - أي حوالي ثلث سكانها - في الطبقة الوسطى، والتي تُعرّف على أنها ذات دخل عائلي سنوي يتراوح بين 100 ألف يوان (15 ألفاً و400 دولار أميركي) و500 ألف يوان (77 ألف دولار)، فيما لا يزال أكثر من 600 مليون شخص في الصين يعيشون على دخل شهري قدره ألف يوان فقط (154 دولار). وقالت صحيفة «إيكونوميك ديلي» الرسمية، إن الصين بحاجة إلى «منع الوقوع في فخ الرفاهية العالية وتجنب الإفراط في التأكيد على الراحة المادية»، مما يشير إلى القلق الحكومي من تنامي الثروات التي تشهدها البلاد. وقالت الصحيفة إن الحكومة بحاجة إلى تنفيذ سياسات تشجع الناس على تحقيق الثروة من خلال العمل الجاد والابتكار.
مشاركة :