قفزت أسعار النفط بأكثر من 5 في المائة أمس بعد سلسلة خسائر استمرت سبعة أيام رغم مخاوف الطلب التي أذكتها زيادة حالات الإصابة بسلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا. وبحسب "رويترز"، صعدت عقود خام برنت القياسي العالمي 3.27 دولار، أو 5 في المائة، إلى 68.48 دولار للبرميل خلال تعاملات أمس بعد أن لامست في وقت سابق من الجلسة أدنى مستوى لها منذ 21 أيار (مايو) عند 64.60 دولار. وقفزت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 4.31 دولار، أو 5.3 في المائة، إلى 65.35 دولار للبرميل. وسجل كلا الخامين القياسيين أكبر خسارة أسبوعية في أكثر من تسعة أشهر الأسبوع الماضي، فانخفض برنت نحو 8 في المائة ونزل خام غرب تكساس الوسيط بنحو 9 في المائة. وتعود الارتفاعات بداية الأسبوع الجاري إلى التفاؤل بقدرة الطلب على تجاوز أزمة انتشار متغير دلتا خاصة مع تمسك العديد من الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة بتفادي سيناريو العودة إلى قيود الإغلاق المشددة. كما دعم المكاسب، سعي المستثمرين إلى اقتناص الصفقات بعد انخفاض الأسعار بشكل حاد في التعاملات السابقة، إضافة إلى توقعات قيام مجموعة "أوبك+" بتأجيل الزيادة الشهرية في الإمدادات النفطية لتقديم بعض الدعم للأسعار وتجنب تخمة المعروض في الأسواق. وقال لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن العقود الآجلة للنفط الخام سجلت ارتفاعا وسط مطاردة المستثمرين الصفقات بعد تراجع أسعار النفط الأسبوع الماضي، بينما تحسنت معنويات السوق في ضوء توقعات متفائلة بشأن الطلب على الرغم من تفشي متغير "دلتا" ولكن قوبل ذلك بقيود أقل نتيجة انتشار توزيع لقاحات كورونا وثبوت فاعليتها في التعامل مع تحورات الفيروس. وأوضحوا أن الانتعاش القوي في الطلب على الوقود دفع أسعار النفط الخام إلى الارتفاع لدرجة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن المعروف بتأييده الواسع للطاقة النظيفة اضطر إلى التواصل مع مجموعة "أوبك+" لطلب المزيد من النفط من أجل خفض أسعار البنزين، مشيرين إلى أنه بحسب تقرير "وود ماكينزي" الدولي فإن الوقت الراهن هو أفضل وقت لشركات الطاقة الكبرى من أجل تسريع جهود إزالة الكربون. وذكر روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن بداية الأسبوع في سوق النفط جاءت إيجابية حيث صعدت الأسعار بعد موجات حادة سابقة من الهبوط ما يؤكد استمرار مقاومة ضغوط العوامل السلبية، مشيرا إلى أن المعنويات في الأسواق المالية تتحول بشكل مبدئي إلى حالة التفاؤل في ظل التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يكون على استعداد لتأجيل تخفيض مشترياته من الأصول في ضوء موجة دلتا التي أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي. وأوضح أن خسائر أسعار النفط القياسية في الأسبوع الماضي دفعت إلى تسجيل أكبر انخفاض منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي وذلك نتيجة تفشي متغير دلتا على مستوى العالم التي قادت إلى إضعاف الطلب، كما أضيف إلى ضغوط الأسعار، تنامي قوة الدولار قبل أن يعود إلى التراجع في مستهل الأسبوع الجاري. من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة إن نزيف الخسائر في الأسبوع الماضي توقف بعد ظهور بعض النقاط المضيئة التي دعمت معنويات السوق وساعدت على مواجهة الموجة الجديدة لتفشي الأوبئة في جميع أنحاء العالم وأبرزها انخفاض أعداد الحالات اليومية في الصين في إشارة إلى أن الحكومة قد سيطرت على تفشي المرض. ولفت إلى تراجع المخاوف من الفيروس نسبيا على المستويين الأوروبي والأمريكي بسبب انتشار حملات التطعيم وتسجيلها نجاحات متوالية، مبينا أن حملات التطعيم المستمرة في أوروبا والولايات المتحدة قد حدت من نطاق القيود المرتبطة بالوباء في القارتين وذلك على الرغم من ارتفاع عدد حالات الإصابة. من ناحيته، أكد ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط الخام عادت إلى وتيرة المكاسب مع بداية الأسبوع نتيجة البيانات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة والصين وظهور مؤشرات على استمرار قوة الطلب مع التحسن في حركة التنقل والسفر، إضافة إلى خطط بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تقليص برنامجه الضخم لشراء السندات الذي سيؤثر بدوره في قوة الدولار. وأشار إلى أن سوق النفط الخام تتطلع حاليا إلى الاجتماع الوزاري لمجموعة "أوبك+" مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل الذي سيتمحور حول مراجعة سياسة الإنتاج الحالية في ضوء أحدث بيانات ومستجدات السوق وتفاعلات العرض والطلب حيث تتوقع بعض دوائر السوق النفطية أن تتوقف مجموعة المنتجين عن تخفيف الإمدادات النفطية وذلك في ضوء استمرار تسارع الإصابات بمتغير دلتا في العديد من دول العالم. بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية إن تقليص أو تعليق زيادة العرض المخطط لها مؤقتا من جانب مجموعة "أوبك+" ستكون أبرز الملفات الساخنة على مائدة مفاوضات وزراء الطاقة في المجموعة خلال الاجتماع الشهري في أول أيلول (سبتمبر) المقبل. وأشارت إلى أن التدهور الحاد في أسعار النفط الخام منذ بداية آب (أغسطس) الجاري سيكون مبررا كافيا لكي يقوم كبار المنتجين في المجموعة بقيادة السعودية وروسيا بإعادة تقييم القرارات السابقة لزيادة الإنتاج واتخاذ القرار المناسب الذي يدفع السوق نحو الاستقرار واستعادة التوازن بين العرض والطلب والحفاظ على المخزونات النفطية في مستويات ملائمة عند المتوسط في خمسة أعوام. وفيما يخص الأسعار، قفز النفط بأكثر من 5 في المائة أمس بعد سلسلة خسائر استمرت سبعة أيام مدفوعة بضعف الدولار على الرغم من مخاوف الطلب التي أذكتها زيادة حالات الإصابة بسلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا. إلى ذلك قال كازوهيكو سايتو كبير المحللين لدى فوجيتومي سيكيوريتيز لـ"رويترز" "نتوقع المزيد من التعديلات هذا الأسبوع، لكن معنويات السوق ستظل تشاؤمية على الأرجح مع تزايد المخاوف بشأن وتيرة أبطأ للطلب على الوقود في مختلف أرجاء العالم". وبينما تفرض الجائحة ضغوطا على الطلب على الوقود، يزداد المعروض باطراد. وقالت شركة الخدمات بيكر هيوز إن الإنتاج الأمريكي ارتفع إلى 11.4 مليون برميل يوميا في الأسبوع الأخير، وإن شركات الطاقة أضافت حفارات نفطية للأسبوع الثالث على التوالي. لكن تراجع الدولار قدم بعض الدعم ما جعل النفط الخام أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى. وسجل مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه مقابل ست عملات 93.349 بانخفاض طفيف من 93.734 وهو أعلى مستوى له في أكثر من تسعة أشهر الذي بلغه الجمعة. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 66.13 دولار للبرميل الجمعة الماضي مقابل 66.08 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات متتالية، كما أن السلة خسرت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 70.9 دولار للبرميل.
مشاركة :