كابول – خطت الولايات المتحدة خطوة استثنائية في اعتمادها العمل في المنطقة الدبلوماسية الرمادية، إذ اجتمع مدير وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) وليام بيرنز مع زعيم حركة طالبان عبدالغني برادر في كابول الاثنين الماضي. وقال مسؤول أميركي ومصدر على اطلاع بأنشطة الحكومة الأميركية لرويترز الثلاثاء إن الرئيس الأميركي جو بايدن أرسل بيرنز ليجتمع مع برادر في كابول، وذلك في أعلى مستويات اللقاءات الرسمية بين الجانبين منذ سيطرة الحركة المتشددة على العاصمة الأفغانية. وأوردت صحيفة واشنطن بوست نبأ ذلك الاجتماع نقلا عن مسؤولين أميركيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم. وامتنع البيت الأبيض وممثل لوكالة المخابرات المركزية عن التعليق. وقال متحدث باسم طالبان إنه ليس على علم بأن برادر التقى مدير المخابرات الأميركية. وتكون إدارة الرئيس بايدن قد حسمت مستوى التواصل مع طالبان وحصره في المرحلة الراهنة بمدير المخابرات، لتبتعد عن أزمة محتملة مع كبار جنرالات وزارة الدفاع الذين يعتبرون أنفسهم وجنودهم قد تحملوا القسط الأكبر من حمل حرب العشرين عاما، ولتستثني من التواصل الدبلوماسيين المتهمين بأن “ميوعتهم” في التعاطي مع طالبان -خصوصا في مفاوضات الدوحة- أدت إلى تسليم أفغانستان بلا شروط إلى حكم طالبان. ويواجه الدبلوماسي المخضرم زلماي خليل زاد المبعوث الخاص للشأن الأفغاني اتهامات متعددة أبرزها أنه لم يدر المفاوضات مع طالبان برعاية قطرية إدارة سليمة واستبعد الحكومة الأفغانية تماما، وهو الأمر الذي عجل بانهيار حكومة الرئيس أشرف غني فور تحديد موعد رحيل القوات الأميركية وتسارع خطوات انسحاب القوات الغربية من البلاد. لكن مراقبين يعتبرون أن الولايات المتحدة تدير علاقتها مع طالبان بحذر وأنها أسندت المهمة إلى المخابرات لكي لا تلزم نفسها بأي تفاصيل في أيّ مفاوضات رسمية، وأن “المنطقة الرمادية تناسبها أكثر في هذه المرحلة”. ولن تشذ الولايات المتحدة عن مسار صارت الدول تعتمده في تعاملها مع القضايا الشائكة في عالم مرتبك سياسيا يصعب تحديد المواقف فيه، وتحول فيه دور أجهزة المخابرات من جمع المعلومات إلى تنفيذ سياسات القيادات بعيدا عن أضواء الدبلوماسية أو الفعل العسكري المباشر. Thumbnail ولجأت دول شرق أوسطية -مثل تركيا ومصر- إلى دبلوماسية المنطقة الرمادية كحل وسط، سواء في تعاملها مع الأعداء أو في علاقتها مع الأصدقاء أو على مستوى العلاقات في ما بينها؛ فجزء كبير من ملفات النشاط التركي الخارجية بيد حقان فيدان رئيس المخابرات التركية، ويسند الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قضايا شائكة -مثل غزة وليبيا- إلى رئيس المخابرات عباس كامل. وقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن ملف العلاقة بين تركيا ومصر بأيدي فيدان وكامل. وجاء الاجتماع بين بيرنز وبرادر بينما تجلي إدارة بايدن المواطنين الأميركيين وحلفاء آخرين وسط فوضى في مطار كابول قبل حلول الموعد النهائي لعمليات الانسحاب في الحادي والثلاثين من أغسطس. وقال بايدن الأسبوع الماضي إن القوات الأميركية قد تبقى في أفغانستان بعد الموعد النهائي لكي تجلي الأميركيين. لكن ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان قال الثلاثاء إن الحركة لم توافق على تمديد مهلة الإجلاء وإنها ترغب في استكمال كل عمليات إجلاء الأجانب بحلول الحادي والثلاثين من أغسطس.
مشاركة :