الخرطوم – أعلن صحافيون سودانيون مقاطعة أخبار القوات المسلحة لمدة ثلاثة أيام، ونفذوا وقفة احتجاجية الثلاثاء أمام مجلس الصحافة والمطبوعات الصحافية في الخرطوم، احتجاجا على الاعتداء بالضرب على الصحافي علي الدالي. وتعرض الدالي وهو عضو اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحافيين، لحادثة اعتداء من قبل عناصر تتبع لقوة نظامية في الخرطوم، ما استدعى نقله إلى المستشفى على وجه السرعة. ووصفت اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحافيين حادثة الاعتداء بـ”البربرية”، ورجحت أن وراءها أفرادا تابعين لهيئة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني. ورفض الصحافيون في خمس هيئات ومنظمات مهنية صحافية في بيان مشترك ”الاعتداءات على الصحافيين والإعلاميين، والتي بلغت قمة السوء والتنكيل، عبر الاعتداء غير القانوني والعنيف الذي أقدم عليه أفراد من منسوبي الاستخبارات العسكرية ضد الصحافي الدالي وعدد من المواطنين”. وقالوا إنه سيتم تسليم مذكرة لمجلس الصحافة تتضمن العديد من المطالب لحماية الصحافيين وضمان عدم إفلات المعتدين من العسكريين من العقاب خاصة بعد تكرر ظاهرة الاعتداءات على الإعلاميين، ومقاطعة أخبار القوات المسلحة السودانية وكافة أنشطتها وفعالياتها لمدة ثلاثة أيام تبدأ من تاريخ الوقفة. وأعلنت وزارة الثقافة والإعلام السودانية أنها تابعت تفاصيل حادثة الاعتداء على الدالي، وأكدت في بيان أنها ستعمل وبالتعاون مع مختلف الأطراف المعنية في الأجهزة الأمنية والشرطية ومنظومات الصحافيين والإعلاميين على منع تكرارها مستقبلا وبما يتماشى مع متطلبات الانتقال الديمقراطي وحماية الحريات الفردية والجماعية وحقوق المواطن السوداني وسيادة حكم القانون. وأضافت الوزارة أنها تعمل عبر برنامج الإصلاح القانوني والتشريعي على إعداد قانون خاص بحماية الصحافيين وبما يمنع تكرار مثل هذه الممارسات وفي إطار توقيع السودان في التاسع من ديسمبر 2020 على “التزامات لاهاي لتعزيز حماية الصحافيين”. حرية وسائل الإعلام تعد أهم مكونات التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي في السودان واحتل السودان المرتبة 159 من مجمل 180 دولة في العالم، في مؤشر حرية الصحافة لعام 2020، وفقا لتقويم منظمة “مراسلون بلا حدود” المستقلة المعنية بحريات الصحافة وحماية الصحافيين، متقدما 16 مرتبة عن موقعه العام الماضي، إذ جاء هذا التحسن بعد عام من الإطاحة بنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، حيث كانت أجهزة الأمن أساس الرقابة التابعة لذلك النظام. وكان رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك قد أعلن عن قطيعة كاملة مع ممارسات النظام البائد بشأن التعاطي مع الصحافيين. وأقر حمدوك في رسالة مطولة للصحافيين والمدونين، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، في الثالث من مايو الماضي، بوجود تحديات كبرى تواجه الصحافة حاليا، لكنه عبّر عن ثقته الكبيرة في إمكانية تجاوز هذا الوضع، استنادا لما للصحافة السودانية من إرث قديم وكبير. ويخوض الإعلام السوداني معركة الحريات في مواجهة التحديات الداخلية التي تواجهها البلاد عقب تولي الحكومة الانتقالية. وبينما تنشغل وسائل الإعلام بالتمهيد للانتقال الديمقراطي بالبحث والتنقيب عن حقوقها، التي يمكن أن تساهم في ترسيخ إقامة نظام ديمقراطي تعددي وهو أحد الأهداف الرئيسية التي فجرت الثورة الشعبية، فإن الحكومة الانتقالية التي تولت مقاليد الحكم في هذه المرحلة مازالت تضع اللبنات للدفع بعملية التحول الديمقراطي بمنح حرية التعبير لوسائل الإعلام. وتعد حرية وسائل الإعلام أهم مكونات التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي في السودان. إذ يتوقف إسهام ودور وسائل الإعلام في عملية التحول الديمقراطي على شكل ووظائف تلك الوسائل في المجتمع وحجم الحريات التي تتمتع بها داخل البناء الاجتماعي.
مشاركة :