رحم الله الشيخ ثنيان بن فهد الثنيان

  • 8/25/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لو كان يَخْلُد بالفضائل فاضل وصلت لك الآجال بالآجالِ فحينما يتوارى عن الوجود علم بارز من الأعلام، ورمز من وجوه المجتمع عن الدنيا، وساكنيها من علماء وأدباء ورجالات أعمال خيار مخلصين، فإن ساعات الأنس يقلّ سرورها لدى مجتمعهم، ومحيطهم الأسري، وعارفيهم لفقدهم وغيابهم الغياب الأبدي، ولاسيما من كان لهم دور إيجابي في الحياة، وإلمامًا بمعرفة من حولهم من المواطنين، والرغبة في دفع عجلة التطور حضاريًا للحاجة الملحة، ولمواكبة ركب التقدم والنمو في ميادين الحياة السعيدة التي ينعم بها الكثير من الشعوب الأخرى، معتمدة على الله، ثم على سواعد رجالها المخلصين المتفانين في حب بلادهم، كأمثال الشيخ الأخ الكريم ثنيان بن فهد الثنيان الذي انتقل إلى رحمة الله فجر يوم الأحد 15/12/1442هـ مأسوفًا على فراقه، وأديت الصلاة عليه في جامع الملك خالد عصرًا، حيث اكتظ المسجد بجموع غفيرة من المصلين رجالا ونساءً من أسرته، ومن معارفه ومحبيه من أمراء وأصدقاء وغيرهم، ثم حمل جثمانه الطاهر إلى مقبرة العمارية حيث أودع وووري في ثراها هناك في أجواء حزن وأسى تُبودلت في التعازي، ومواساة ابنه البار الشاب الأديب فهد (أبو ثنيان) داعين المولى له بالرحمة والمغفرة، وإنزال السكينة عليه وعلى وأسرته وأحفاده.. ومحبيه، وطيب الإقامة له في مضجعه إلى أن يأذن الله بنهوض جميع الخلائق ليوم الحساب: مُجاورا قَوماً لا تَزاوُرَ بَينَهُم ومن زارهم في دارهم زار هُمدا وإن يك ثنيان مضى لسبيله فما مات من يبقى له مثل فهد وقد خيم الحزن على ذاك القصر الرحب وصدر صاحبه أرحب، مقصد الزوار والأضياف؛ فيقابلون بالترحيب والإكرام، فهو بمنزلة الصوالين الأدبية والثقافية بل والاجتماعية معًا، يؤمه الكثير من الأدباء والوجهاء ورجال العلم، فيدور في تلك الجلسات بين الحضور أحاديث شيّقة ومتنوعة، وعن تاريخ الرياض قديمًا، وعن أحيائه ومحلاته المتعددة متواضعة البناء -آنذاك- حتى صارت الآن من كبريات مدن العالم تمددًا، وذلك بفضل الله وإنعامه على هذه البلاد المملكة العربية السعودية بالنهوض الشامل في المدن والأرياف وأنحاء البلاد عامة..، في ظل حكومتنا الرشيدة الحبيبة إلى قلوبنا، وفقهم الله إلى ما فيه الخير والبركة للوطن وأهله، ومعلوم أن أبا فهد الشيخ ثنيان قد شارك في تأسيس ورئاسة بعض الشركات الحيوية كشركة الكهرباء والجبس والغاز، وعاش في الرياض منذ فجر حياته ولديه مخزون كبير في ذاكرته القوية عمن سكنها قديمًا حتى عصرنا الحاضر، وقد متعه المولى بالصحة التامة وقوة الذاكرة حتى بلغ الهنيدة أو قاربها، ولقد أجاد الشاعر القائل: إذا طال عمرُ المرءِ في غير آفةٍ أفادت له الأيامُ في كرّها عقلا وكنتُ أزوره مرارًا مع بعض الإخوة، وأحيانًا مع الزميل الحبيب الأديب الراحل عبدالله بن حمد الحقيل -رحمهما الله- فيؤنسنا بأحاديثه الشيقة، وبعض القصص المفيدة، ويكون في استقبالنا ابنه الأديب اللطيف فهد -متعه المولى بالصحة وصلاح العقب-، وكان أبو فهد محبًا للبذل في أوجه البر والإحسان للفقراء والمحتاجين، كما أن شفاعته لبعض من يؤمه لا ترد لدى ولاة الأمر إذا أمكن تحقيقها وقبولها..، ولله در قول طَرفَة بن العبد الحاث على فعل الخير والاحسان: لَعَمرُكَ ما الأَيامُ إِلّا مُعارَةٌ فَما اِسطَعتَ مِن مَعروفِها فَتَزَوَّدِ كما أنه محبوب لدى الملوك والأمراء لمكانته العالية في نفوسهم، يشرفونه في قصره بزيارات ودية وأحيانًا للاطمئنان على صحته، وقد زاره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في مرضه، الذي لا يفوته يومُ فيه أجر وسعادة للمريض وأسرته، وهذا لا يستغرب على مقامه الكريم -متعه الله بالصحة والعافية-: وَأَحْسَنُ أَخْلاَقِ الفَتَى وَأَجَلُّهَا تَوَاضُعُهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ رَفِيعُ وكان الشيخ أبو فهد يفضل استقبال زواره ومحبيه في مزرعته الكبيرة في العمارية، ولاسيما في مواسم الربيع واعتدال الأجواء لقربها من مدينة الرياض، حيث يحلو فيها السمر ليلا -رحمه الله-، وبعد ما رحل مأسوفًا على غيابه وبعده عن أسرته ومحبيه، وكأني بمن يمر الآن محاذيًا ذاك المكان الذي ألفوه ملتقى الأضياف والأصدقاء لاويًا عنقه نحوه متحسرًا على غياب صاحبه، وقد خلت من شخصه داره مستحضرًا معنى هذا البيت: وَوَحْشَتُهُ، حَتّى كأنْ لَمْ يُقِمْ بِهِ أنيسٌ، وَلمْ تَحْسُنْ لعَينٍ مَنَاظِرُهْ فالأمل أن تستمر ساعات وليالي الأنس بلقاء الأحبة والأضياف هناك باستقبال نجله الحبيب الكريم الأديب فهد (أبو ثنيان) مرددًا هذا البيت لابن المعتز: فَأَحي ذِكرَك بِالإِحسانِ تُودِعُهُ تَجمع بِذَلِكَ في الدُنيا حَياتانِ غفر الله للفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ابنه فهد وإخوته وعقيلته ومحبيه وكافة أسرته الصبر والسلوان. ** **

مشاركة :