الرباط – اعرب المغرب الثلاثاء عن أسفه لقرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية، رافضا المبررات "الزائفة والعبثية" للقرار الذي لم يكن مفاجئا للرباط بعد اشهر من التصعيد ضد المملكة. وأعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الثلاثاء عن القطيعة الدبلوماسية مع المغرب بسبب ما وصفها بـ"الاعمال العدائية" ولكن من دون ان يقدم ما يثبت هذه المزاعم التي تأتي بعد أقل من شهر على دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس الى تحسين العلاقات مع الجزائر الى اعلى المستويات. وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية المغربية مساء الثلاثاء ان "المغرب إذ يعرب عن أسفه لهذا القرار غير المبرر تماما ولكنه متوقع، بالنظر الى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الاخيرة، وكذا تأثيره على الشعب الجزائري ، فإنه يرفض بشكل قاطع المبررات الزائفة بل العبثية التي انبنى عليها". واضاف البيان ان المملكة "ستظل شريكا موثوقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل بكل حكمة ومسؤولية، من أجل تطوير علاقات مغاربية سليمة وبناءة". وتكاثرت الاتهامات التي وجهها لعمامرة الى المغرب خلال مؤتمر صحافي اعلن فيه عن قطع العلاقات مع الرباط، من مزاعم تورط المغرب في الحرائق الى اتهامه بشن حملات اعلامية الى ادعاءات التجسس. ولكن وزير الخارجية الجزائري لم يقدم دليلا واحدا على صحة ادعاءاته ضد المغرب، ولا عما سماه "حالة العداء" المغربية ضد الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا في 1962. وتقدم المغرب بمبادرات عديدة لتحسين العلاقات مع جارته الشرقية التي يسودها التوتر منذ عقود. وكان اخرها دعوة الملك محمد السادس نهاية يوليو/تموز الى الارتقاء بالعلاقات مع الجزائر الى مستوى "التوأمة المتكاملة". وسبق للمغرب أن قطع علاقاته مع الجزائر سنة 1976 بعد اعتراف الجزائر بقيام ما تسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" التي تقودها جبهة بوليساريو الانفصالية. ولم تُستأنف العلاقات إلا في 1988 بعد وساطة سعودية. والنزاع حول الصحراء المغربية سبب رئيسي في توتر علاقات الجارين منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة بوليساريو التي تطالب بانفصال الاقليم الذي يعتبره المغرب جزءاً لا يتجزأ من أرضه ويعرض منحه حكماً ذاتياً تحت سيادته. الجزائر - يبدو ان الحكومة الجزائرية خبرت التصعيد الشامل ضد المغرب باتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية رغم البوادر الحسنة التي ابدتها السلطات المغربية لتعزيز العلاقات وانهاء التوتر على قاعدة حسن الجوار. وقد أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الثلاثاء، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بذريعة"الاعمال العدائية" للمملكة. وقال لعمامرة في مؤتمر صحافي "قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية ابتداء من اليوم (الثلاثاء)". وفي معرض تقديم الأسباب التي أدت الى هذا القرار قال وزير الخارجية الجزائري "ثبُت تاريخيا أن المملكة المغربية لم تتوقف يوما عن الأعمال الدنية والعدائية ضد الجزائر" ساردا الأحداث منذ حرب 1963 إلى ملف برنامج بيغاسوس الإسرائيلي. وحاول الوزير الجزائري تحميل قيادة المملكة مسؤولية " تعاقب الأزمات التي تزايدت خطورتها" معتبرا أن "هذا التصرف المغربي يجرّ إلى الخلاف والمواجهة بدل التكامل في المنطقة" المغاربية في وقت يرى فيه مطلعون ان الجزائر وترت الأجواء في المنطقة لدعمها غير المشروط لجبهة البوليساريو الانفصالية. وكانت الجزائر قرّرت الأربعاء "إعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد، وهو ما أعاد لعمامرة التذكير به في وقت نفت فيه أوساط مغربية هذه الاتهامات مذكرين بالطلب الذي قدمته الرباط للمساعدة في إطفاء الحرائق. كما قرر مجلس الأمن الذي ترأسه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون "تكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية". وأطلق لعمامرة تهما ضد المغرب بالتعاون مع منظمتين يصنفهما إرهابيتين في اشارة الى الماك ورشاد وبمحاولة فرض مراقب ممثل عن إسرائيل في الاتحاد الإفريقي لكن هذه التهم الممجوجة والمكررة يراها كثيرون أنها جزء من حملة لتبرير سياسة التصعيد. ويرى مراقبون ان الخطوة التي اتخذتها الجزائر ستزيد من عزلتها على المستوى الاقليمي والدولي خاصة وان الحكومة الجزائرية لا تزال غير واعية بحجم التغيرات في المنطقة وبنجاح الرباط في تحقيق مكاسب دبلوماسية فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية. وتسعى الحكومة الجزائرية الى تصدير ازماتها الداخلية الى الخارج مع تصاعد الخلافات مع المعارضة التي دعت الى النزول للشارع للتغيير. ورغم ان العاهل المغربي دعا الجزائر الشهر الجاري إلى الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى "التوأمة المتكاملة" عبر حوار من غير شروط، متحدثا عن مسؤولية سياسية وأخلاقية يتحملها قادة البلدين اذا استمر إغلاق الحدود لكن يبدو ان السلطات الجزائرية خيرت التصعيد عوض الحوار. ووجه الملك محمد السادس دعوات عديدة الى جارة المغرب الشرقية إلى طي صفحة الخلافات وإطلاق حوار كما قدمت الرباط العديد من المبادرات لإثبات حسن النية على غرار تجديد عقد نقل الغاز الجزائري الى اوروبا لكن يبدو ان الحكومة الجزائرية تعمل على تازيم الأوضاع وهو ما ستكون له تبعات سلبية على الشعبين المغربي والجزائري.
مشاركة :