بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003 على يد القوات الأمريكية واستمرت القوات الأمريكية في العراق حتى الانسحاب عام 2011، تاركة ورائها الكثير من الأسلحة التي سقطت في أيدي داعش. وبعد ذلك السيناريو مرة ثانية عند انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان وحيث سيطرة الحركة على البلاد والسلاح الذي تركته القوات الأمريكية في أفغانستان، حيث رأى الخبراء أن هذا الأمر لم يحدث صدفة. السيناريو في أفغانستان قال الكاتب السعودي خالد الزعتر، الخبير في الشؤون السياسية، إن هناك العديد من القواسم الفكرية المشتركة بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة، إلا أن العام 1996 شكل مرحلة مهمة في توثيق العلاقة بين طالبان والقاعدة عندما سعى أسامة بن لادن إلى نقل مقر تنظيم القاعدة ونشاطاتها من السودان إلى أفغانستان حيث وفرت حركة طالبان الملاذ الأمن لهذا التنظيم وهو ما جعله يوسع من نشاطاته وأعماله الإرهابية، وبلا شك فإن تنظيم داعش هو أحد مخرجات تنظيم القاعدة التي كانت استغلت مرحلة الربيع العربي لتوسيع نشاطها من العراق إلى سوريا، وبالتالي هذا ما يجعلنا نقول بأن طالبان في أفغانستان لا تختلف عن داعش في العراق وسوريا، بخاصة وأن داعش لديها قواسم مشتركة مع حركة طالبان، فلو نظرنا إلى تنظيم القاعدة نجده كان يركز على مسألة الملاذ الأمن ولم يكن لديه دوافع سياسية، ولكن داعش كما هي حركة طالبان فهي تحاول أن تصنع لها بعدًا سياسيًا عبر الانتقال من دائرة البحث عن الملاذ الأمن نحو تأسيس الدولة أو الإمارة الإسلامية وهذا ما تسعى حركة طالبان إلى العمل على تأسيسه في أفغانستان. وأضاف في تصريحات خاصة إلى "الفجر"، أن العالم اليوم يقف على أعتاب مرحلة التعددية القطبية وطوى صفحة القطب الأوحد والهيمنة الأمريكية، وبالتالي فإن أمريكا التي تراجعت لمصلحة تصعيد قوى دولية جديدة مثال الصين وروسيا، تحاول خلق مصدر تهديد للروس والصينيين، بخاصة وأن الصين لديها مخاوف من أن تؤثر أحداث أفغانستان على مسألة مسلمي الإيغور، وروسيا لديها مخاوف من أن تؤثر أحداث أفغانستان على الجمهوريات السوفيتية السابقة، ولذلك فإن الولايات المتحدة عبر تمكين طالبان في أفغانستان تحاول صناعة مصدر تهديد للروس والصينيين، فالولايات المتحدة تجد أن وجود أفغغانستان مستقرة هو خسارة كبيرة لها لأنها بذلك تدفع لتقديم أفغانستان هدية مستقرة للصينيين والروس، بخاصة وأن أفغانستان تحتل مكانة مهمة في قلب الصعود الاقتصادي الصيني وطريق الحرير، وروسيا التي تحاول أن تتمدد نحو منطقة الشرق الأوسط من مصلحتها أن تبقى دول جوارها الجمهوريات السوفيتية في حالة استقرار لا تشكل خطرا عليها. عدم الثقة بالأمريكان وأشار الزعتر، إلى أن جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في ظل هذه السياسات الانهزامية وغياب الاستراتيجية الواضحة أعتقد أنه سيكون له تأثير على مكانة الولايات المتحدة، وبخاصة على الصعيد الدولي، أيضًا ما حدث في أفغانستان يعزز من فكرة عدم الثقة بالأمريكان وهي التي برزت بشكل واضح أثناء عهد باراك أوباما عندما تخلت الولايات المتحدة عن حلفاءها اثناء مرحلة الربيع العربي وسعت لتسليم المنطقة لإيران عبر الاتفاق النووي السيء، برغم أن ترامب سعى لكبح جماح الثقة الإقليمية المتزعزعة في السياسة الأمريكية إلا أن جو بايدن جاء لينتهج سياسات أوباما وهو ما سيكون له تأثير على غياب الثقة في السياسة الأمريكية وهذا بلا شك لا يخدم الولايات المتحدة التي تصارع للحفاظ على مكانتها الدولية في عالم دولي يتسم بالتعددية القطبية. محاولة طالبان الهيمنة والسيطرة على الدولة وأكد الخبير في الشؤون السياسية، إذا استمر الوضع في أفغانستان على ما هو عليه من الانجراف نحو الهيمنة علي الدولة من قبل حركة طالبان لاشك أن ذلك سيكون له فاتورة باهظة الثمن على العالم بأكمله وليس على أفغانستان لوحدها، فحركة طالبان لديها التزامات فكرية وعائلية وثقافية مع تنظيم القاعدة، وبالتالي فإن عودة حركة طالبان إلى السيطرة على السلطة في أفغانستان لاشك ستكون له انعكاسات على إعادة إنعاش تنظيم القاعدة وهو بالتالي ما يمنحه الفرصة لإعادة بناء شبكاته الإرهابية من جديد، ويمنحها القدرة في الخروج من حالة الاحتضار إلى مرحلة القدرة على تدبير هجمات إرهابية حول العالم مرة أخرى. الوضع في العراق في حالة الانسحاب وصرح الكاتب العراقي علي البيدر، الخبير في الشؤون العراقية، أن الشارع العراقي بشكل عام متخوف من فكرة الانسحاب لأسباب يتقدمها عدم جهوزية القوات الأمنية. وأضاف الكاتب علي البيدر في تصريحات خاصة إلى "الفجر"، أن خروج الولايات المتحدة الأمريكية خلال انسحاب كامل من العراق سوف يؤدي إلى أزمات سياسية قد تؤدي إلى نتائج كارثية، إذ إن المنطقة بشكل عام ما تزال هشة أمنيا وقد أدت تجربة الانسحاب الأميركي الأولى من المدن نهاية 2011 إلى سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من مناطق شمال وشمال غرب البلاد.
مشاركة :