أعلن الصحافيون السودانيون مقاطعة أخبار الجيش «القوات المسلحة» لمدة ثلاثة أيام، احتجاجاً على اعتداء عسكريين يتبعون لهيئة الاستخبارات العسكرية على أحد الصحافيين وضربه بوحشية وإصابته في رأسه وظهره ما أدخله في غيبوبة استمرت ساعات، وأعلنوا عن حملة مستمرة للدفاع عن الحريات ووقف الانتهاكات التي يتعرض لها كثير من الصحافيين والمواطنين من عسكريين، وذلك في تظاهرة احتجاجية نظّموها أمام مجلس الصحافة والمطبوعات ومجلس الوزراء. واعتدى نحو ستة أفراد تابعين لهيئة الاستخبارات العسكرية على عضو اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحافيين علي محمد علي، الشهير بـ«علي الدالي»، وأبرحوه ضرباً أمام أحد المقرات التابعة للهيئة، قبل أن يسحلوه على الإسفلت، ما أصابه بإغماء نُقل على أثره إلى المستشفى لتلقي العلاج، بعد تدوين بلاغ لدى النيابة بالحادثة. وعلى الفور احتشد عشرات الصحافيين أمام المستشفى التي كان الصحافي علي الدالي يتلقى العلاج داخلها منذ مساء أول من أمس، وقرروا تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس الصحافة والمطبوعات المعنيّ بتنظيم مهنة الصحافة في البلاد، وندد صحافيون بالانتهاكات التي ينفّذها عسكريون ضد المدنيين، وطالبوا مجلس الصحافة الذي شارك أمينه العام حسام حيدر في الوقفة، وسط حضور عدد من المسؤولين في الحكومة المدنية، والذي تعهد بمتابعة القضية حتى ينال الجناة العقوبة المناسبة للفعل. وقال قادة التظاهرة الاحتجاجية إن الاعتداء على الصحافي ما هو إلاّ جبل جليد لسلسلة اعتداءات من القوات النظامية ضد المدنيين، وإن احتجاجهم ليس للتضامن مع زميلهم بل عدّوا الاعتداء عليه مناسبة لتنظيم حملات صحافية مستمرة تندد بالاعتداءات على المواطنين، ومناسبة لتوحيد الأجسام الصحافية في نقابة مهنية تدافع عن الصحافيين، وتحفظ حقوقهم. واستنكرت الأجسام المهنية الصحافية، الاعتداء على الصحافي، وعدّته امتداداً لما أطلقت عليه «سوءة عسكرة وتجييش الفضاء العام». وقالت في بيان مشترك إن الاعتداءات «الفظة والغاشمة» على الصحافيين والإعلاميين بلغت قمة السوء والتنكيل «عبر الاعتداء غير القانوني والعنيف على الصحافي علي الدالي وعدد من المواطنين... ما يوضح استمرار عقل الاستبداد القمعي والتنكيل بالصحافيين في السودان». ونددت وزارة الثقافة والإعلام بالاعتداء، وقالت في بيان: «تدين الوزارة هذا الاعتداء غير المقبول، والذي يعيد للأذهان ممارسات بغيضة، نجح شعبنا عبرة ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة في طي صفحتها»، وتعهدت بالعمل مع الأجهزة المعنية في الأجهزة الأمنية والشرطية ومنظومات الصحافيين والإعلاميين والعمل على منع تكرارها. من جهتها، أكدت هيئة الاستخبارات العسكرية على صفحة القوات المسلحة السودانية على الإنترنت، أنها شرعت في التحقيق في ملابسات اعتداء بعض منسوبيها على الصحافي علي الدالي إثر مشاجرة بين أحد الأفراد والمدنيين، وقالت إن التصرف لا يمثل الهيئة ولا يمثل «إلاّ القائمين به، ولا يخرج عن سياق التصرفات الفردية»، وتعهدت باتخاذ الإجراءات القانونية التي تحفظ الحقوق، وتمنع تكراره وتؤكد سيادة حكم القانون. من جهة أخرى، قالت المفوضية القومية لحقوق الإنسان في بيان أمس، إنها تابعت بانزعاج شديد الاعتداء على الصحافي، وإن حرية التعبير وحرية الصحافة من الدعامات الأساسية في أي مجتمع ديمقراطي، وإن السودان ملزم باحترام الحق في الحرية وحرية التعبير وحماية الصحافيين من أشكال الاعتداء أو التضييق، بحكم انضمامه للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وطالبت المفوضية المعنية بحقوق الإنسان بإيقاف الأشخاص المشتبه في تورطهم في الاعتداء وتقديمهم للمحاكمة، وتعزيز تدابير حماية الصحافيين، في الوقت الذي رحبت فيه بالإجراءات التي اتخذتها هيئة الاستخبارات العسكرية ضد منسوبيها وإيقافهم. وشهدت «الشرق الأوسط» مساء أول من أمس، تحقيقاً أجراه ضباط من هيئة الاستخبارات العسكرية، مع شهود الحادثة، وقال أحدهم للصحيفة إن الهدف منه معرفة وتحديد الأشخاص الذين اعتدوا على الصحافي، لاتخاذ إجراءات ضدهم وفقاً للقانون العسكري.
مشاركة :