صدرت أمس دعوات إسلامية وعربية ودولية للجزائر والمغرب، لضبط النفس ووقف التصعيد واللجوء إلى الحوار، لمعالجة الخلافات بعد قرار الجزائر قطع العلاقات مع المغرب، عقب أسابيع من التوتر الذي لطالما طبع العلاقات بين البلدين الجارين. ودعت منظمة التعاون الإسلامي، أمس، الجزائر والمغرب، إلى "تغليب المصالح العليا بينهما، واعتماد لغة الحوار، لحل ما قد يطرأ من اختلاف في وجهات النظر"، في حين حث الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، على ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد. وقال مسؤول في الأمانة العامة للجامعة، إن "الأمل لايزال معقوداً على استعادة الحد الأدنى من العلاقات بين البلدين، بما يحافظ على استقرارهما ومصالحهما واستقرار المنطقة". وعبرت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن أسف المملكة لما آلت إليه الأمور، وأعربت عن الأمل في عودة العلاقات بأسرع وقت ممكن. ودعت المملكة "الأشقاء في البلدين إلى تغليب الحوار والدبلوماسية لإيجاد حلول للمسائل الخلافية، بما يسهم في فتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين، وبما يعود بالنفع على شعبيهما، ويحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، ويعزز العمل العربي المشترك". من ناحيتها، دعت باريس إلى "الحوار" من أجل "الاستقرار الإقليمي" بعد الإعلان الجزائري، في حين أكد مسؤول في الخارجية الأميركية أن "تحسين العلاقات بين الجزائر والمغرب سيمكّن البلدين من معالجة القضايا الإقليمية والثنائية بشكل أفضل مثل الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات، والتكامل التجاري". وكان المغرب أعرب عن أسفه للقرار الجزائري "أحادي الجانب غير المبرر" بقطع العلاقات معه. ووصفت وزارة الخارجية المغربية القرار بأنه "غير مبرر تماماً". وقالت الوزارة، في بيان صدر ليل أمس الأول، إن المغرب يرفض رفضاً قاطعاً "المبررات الزائفة والعبثية" وراء قرار الجزائر، مضيفةً أن "المغرب سيظل شريكاً صادقاً ومخلصاً للشعب الجزائري، وسيواصل العمل بكل حكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية سليمة وبنّاءة". بدوره، أعرب رئيس الحكومة المغربية، سعدالدين العثماني، عن أسفه "للتطور الأخير، ونتمنى أن نتجاوزه في القريب". وأضاف: "في رأيي الشخصي أن بناء الاتحاد المغاربي، وعودة العلاقات إلى طبيعتها بين الجارين قدر محتوم ضروري تمليه أولا وقبل كل شيء المصالح المشتركة، وبناء المستقبل المشترك". وأكد أن المغرب "يعتبر استقرار الجزائر وأمنها من استقرار المغرب وأمنه، واستقرار المغرب وأمنه من استقرار الجزائر وأمنها". وكان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أعلن أمس الأول أن بلاده قررت قطع العلاقات مع المغرب بسبب "أعمال عدائية" من قبل الرباط. وقال لعمامرة، في مؤتمر صحافي، إن "التحقيقات كشفت تعرض مواطنين ومسؤولين جزائريين للتجسس ببرنامج بيغاسوس الصهيوني"، وندد بـ "الانحراف الدبلوماسي المغربي في الأمم المتحدة" بدعم "ما يسمى استقلال شعب القبائل". واتهمت الجزائر جماعتَي "رشاد الإسلامية"، و"حركة الماك" بالتورط في حرائق غابات مدمرة هذا الشهر، وقالت إن "الماك" مدعومة من المغرب وإسرائيل. وكان التوتر بين الجارين تصاعد بعد اتهام الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون المغرب بـ"أفعال عدائية"، في حين ندد ملك المغرب محمد السادس في 20 الجاري، بـ"عملية عدوانية مقصودة" ضد بلاده "من طرف أعداء الوحدة الترابية"، دون أن يسميهم، في إشارة إلى "جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (بوليساريو) المسلحة التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية عن المغرب، والجزائر التي ترعاهم منذ بداية سبعينيات القرن الماضي. والحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة رسمياً منذ 16 أغسطس 1994، ولم تنفع دعوة العاهل المغربي في يوليو الماضي وفي الأول من اغسطس إلى تحسين العلاقات وإعادة فتح الحدود في تخفيف التوتر.
مشاركة :