بيروت - قال رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي، الجمعة، إن "الاعتذار عن تشكيل الحكومة ليس على أجندتي حتى الآن". وأضاف ميقاتي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "العربية" السعودية، أن "هناك عقداً وعراقيل أمام تشكيل الحكومة، وسأحاول جاهداً تذليلها من أجل الوصول إلى حكومة توقف الانهيار". وفي 26 يوليو/ تموز الماضي، كلف الرئيس ميشال عون، ميقاتي بتشكيل حكومة، خلفا لحكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020. وسبق هذا التكليف اعتذار زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، منتصف يوليو/ تموز الماضي، بعد 9 أشهر من تكليفه، جراء عدم التوافق مع عون. وفي قضية أخرى، أكد ميقاتي "أننا لن نسمح لملف السفينة الإيرانية بأن يعرض لبنان للخطر وللعقوبات". وفي 19 أغسطس/آب، قال أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، إن سفينة وقود إيرانية في طريقها إلى بلاده، مضيفاً أنه "ستتبع هذه السفينة سفن أخرى والمسألة ليست مسألة سفينة واحدة". وتصريح ميقاتي موجه لدول الخليج وخاصة السعودية غريمة إيران وذلك لتطمينها بان لبنان لن يكون تابعا للنفوذ الإيراني رغم ان كل المعطيات تشير إلى غير ذلك. وناشد ميقاتي جامعة الدول العربية بمساعدة لبنان وعدم التخلي عنه، وأكد "نحن بحاجة لكل دولة عربية ولكل عربي، وفي حال نجحت بتشكيل حكومة سأثبت دور لبنان في الوسط العربي". وحذر مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان اليوم الجمعة من أن لبنان يتجه صوب انهيار شامل إذا لم يتم اتخاذ خطوات لمعالجة الأزمة التي تسبب فيها الانهيار المالي. وتفاقم الانهيار المالي الذي بدأ في 2019 ليصل لمستويات جديدة هذا الشهر وأدى لنقص في الوقود أصاب بالشلل خدمات أساسية ووقعت على إثره أحداث أمنية عديدة بسبب محاولات الحصول على البنزين. كما طالب المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم عسكرييه بالصمود في وجه أزمة تعصف بالبلاد قال إنها قد تطول، محذرا من الفوضى التي ستقع إذا سقطت الدولة. وتعد هذه من أقوى تحذيرات المسؤولين اللبنانيين على الإطلاق بشأن فداحة الموقف. وأججت الأزمة قلقا دوليا إزاء الوضع في لبنان الذي جمع شتاته بعد حرب أهلية دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990 ولا تزال تعصف به انقسامات طائفية وحزبية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا أمس الخميس كل الزعماء اللبنانيين "لتشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة بشكل عاجل"، وهو أمر لم يتمكنوا من تحقيقه على مدى عام فقدت خلاله العملة الوطنية أكثر من 90 في المئة من قيمتها واتسع نطاق الفقر. وحتى الأدوية الضرورية أصبح من الصعب العثور عليها. ونظم مرضى بالسرطان احتجاجا أمس الخميس بعد أن قيل لهم أن من غير الممكن تأمين أدويتهم. وقال مفتي الجمهورية الشيخ دريان في خطبة الجمعة وفقا لما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام "نخشى بعد هذا الوقت الطويل أن ينفد صبر اللبنانيين، ونقع جميعا في أتون الفوضى الشاملة، التي بدأنا نرى مظاهرها في شتى المجالات". وتابع قائلا "لا نرضى أن نكون شهود زور على ما يحصل في بلدنا، فالأمر يحتاج إلى معالجة جدية وفورية، والترقيع لا ينفع، فما جرى من انفجار مرفأ بيروت، وانفجار صهريج المازوت في عكار، والاشتباكات المتنقلة في بعض المناطق اللبنانية، سببها هذا الترقيع، فلنقلع عما نحن فيه من تخبط، وإلا فإنا ذاهبون فعلا إلى الأسوأ وإلى الانهيار الشامل". ويصف البنك الدولي الأزمة في لبنان بأنها أحد أسوأ الانهيارات المسجلة على الإطلاق. وتشمل الأسباب العميقة للأزمة فسادا حكوميا مستمرا منذ عقود وطريقة غير مستدامة لتمويل الدولة. ويقول المانحون الأجانب إنهم سيقدمون مساعدات للبنان فور تشكيل حكومة تشرع في إجراء إصلاحات تعالج الأسباب الجذرية وراء الانهيار. ولم يتفق ميشال عون بعد مع نجيب ميقاتي على تشكيل حكومة تحل محل حكومة تصريف الأعمال التي استقالت بعد انفجار مرفأ بيروت العام الماضي. وخيم على العملية الصعبة أصلا اليوم الجمعة خلاف بين عون ومجموعة من رؤساء الوزارة السابقين من بينهم ميقاتي وسعد الحريري بشأن تحقيق في ملابسات انفجار المرفأ. وعارض سياسيون سنة تحركات المحقق العدلي لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قائلين إن الخطوة غير مبررة وموجهة إلى منصب رئيس الوزراء، الذي يشغله مسلم سني بموجب النظام الطائفي اللبناني. ووصف عون الاتهام بأنه مؤسف. وتم تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة بعد تخلي الحريري عن المحاولات التي استمرت تسعة أشهر لتحقيق هذا الهدف قائلا وقتها إنه لم يتمكن من الاتفاق مع عون الذي اتهمه بأنه يسعى لأن يكون له سلطة حق نقض فعليه على قرارات الحكومة. وينفي عون ذلك، وهو حليف لجماعة حزب الله اللبنانية، وألقى بالمسؤولية بدوره على الحريري. وحث المفتي، الذي يدعم بشكل عام السياسيين السنة، عون على محاولة انقاذ ما بقي من ولايته. وقال "أتوجه بنصيحة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حاول أن تنقذ ما تبقى من عهدك، وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنم.. إلى قعر جهنم كما بشرتنا". وفي نشرة توجيهية لعسكريي الأمن العام قال المدير العام للأمن العام "يمر لبنان في حالة انعدام وزن سياسي واقتصادي، وحتى أمني وعسكري جراء الانهيار الكبير الذي ضرب الدولة وقوض مؤسساتها وأنهك مواطنيها". وأشار اللواء إبراهيم إلى تأثير الأزمة على عسكريي الأمن العام وأضاف "التأزّم الذي يمر به لبنان قد يطول، واجبكم الصمود والوقوف سدّا منيعا حماية لوطنكم وأهلكم وشعبكم، لأنه متى سقطت الدولة فستقع على الجميع بلا استثناء، والكل سيُصبح في عين الفوضى وعلى خط التوترات". وأشار أيضا إلى تأثر مختلف الأجهزة الأمنية والبلاد ككل بالأزمة وقال "لقد أقسمتم على الخدمة والتضحية، كونوا أوفياء لقسمكم أمام الله ووطنكم، ثابروا على أداء واجبكم، تحلوا بالمناقبية العسكرية في تطبيق القوانين والتعليمات لرفع مناعة الدولة في وجه الظروف الصعبة التي يعاني منها جميع اللبنانيين، مدنيين وعسكريين".
مشاركة :