المقاومة في الضفة الغربية.. جنين نموذجا

  • 8/29/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬الجولة‭ ‬الأخيرة‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬أيار‭/ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬تأكد‭ ‬للقاصي‭ ‬والداني‭ ‬أن‭ ‬وحدة‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬ووحدة‭ ‬الميدان‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬وفلسطين‭ ‬48،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الإنجاز‭. ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬المواجهة‭ ‬بعدئذ‭. ‬ففي‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬تواجه‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تحديا‭ ‬حقيقيا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ومخيم‭ ‬جِنين‭. ‬وهذه‭ ‬القوات‭ ‬حين‭ ‬تقتحم‭ ‬بقية‭ ‬مناطق‭ ‬الضفة،‭ ‬تُواجه‭ ‬عادة‭ ‬برشقها‭ ‬بالحجارة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشبان،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬جنين‭ ‬ومخيمها‭ ‬بالذات‭ ‬يطلقون‭ ‬الذخيرة‭ ‬الحية‭ ‬باتجاهها،‭ ‬وتندلع‭ ‬اشتباكات‭ ‬مسلحة‭. ‬وبحسب‭ ‬إحصائيات‭ ‬فلسطينية‭ ‬استشهد‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ (‬10‭) ‬شبان‭ ‬في‭ ‬جنين،‭ ‬برصاص‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭. ‬ويعرف‭ ‬مخيم‭ ‬المدينة‭ ‬بصلابته‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال،‭ ‬حيث‭ ‬خاض‭ ‬مقاوموه‭ ‬معركة‭ ‬ضارية‭ ‬مع‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/ ‬إبريل‭ ‬2002،‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬استشهاد‭ (‬52‭) ‬فلسطينيا،‭ ‬وفق‭ ‬تقرير‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬حينه،‭ ‬وتدمير‭ ‬غالبية‭ ‬مساكن‭ ‬المخيم‭. ‬وشباب‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬جنين‭ ‬هم‭ ‬جيل‭ ‬الأطفال‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬معركة‭ ‬المخيم‭ ‬في‭ ‬2002‭.‬ المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬جنين‭ ‬ومخيمها‭ ‬تشهد‭ ‬تصاعدا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬اقتحام‭ ‬للاحتلال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بدا‭ ‬واضحا‭ ‬خلال‭ ‬الشهور‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية‭. ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬المحلل‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬معاريف‮»‬‭ (‬طال‭ ‬ليف‭ ‬رام‭) ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اشتباكات‭ ‬مسلحة‭ ‬كهذه‭ ‬‮«‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬أمر‭ ‬اعتيادي‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬المخيم،‭ ‬ويوجد‭ ‬فيه‭ ‬مئات‭ ‬المسلحين‭ ‬المنظمين‭ ‬غالبا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ (‬عصابات‭) ‬محلية،‭ ‬تتماهى‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ ‬فتح‭ ‬وليس‭ ‬مع‭ ‬حماس‭ ‬والجهاد‭ ‬الإسلامي‭. ‬وهؤلاء‭ ‬الناشطون‭ ‬هم‭ ‬أسياد‭ ‬المخيم‭. ‬وكلما‭ ‬تفقد‭ ‬السلطة‭ ‬سيطرتها‭ ‬هناك،‭ ‬يرتفع‭ ‬مستوى‭ (‬العنف‭) ‬واستعداد‭ ‬المسلحين‭ ‬للقتال‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬المخيم‭ ‬لتنفيذ‭ ‬اعتقالات‮»‬‭. ‬وأضاف‭ (‬ليف‭ ‬رام‭): ‬‮«‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬يقلق‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وذلك‭ ‬تحسبا‭ ‬من‭ ‬انتقال‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬والتسبب‭ ‬بإعادة‭ ‬تصعيد‭ ‬التوتر‭ ‬الأمني،‭ ‬مثلما‭ ‬حصل‭ ‬خلال‭ ‬العدوان‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬جهته،‭ ‬ينقل‭ ‬المحلل‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ (‬عاموس‭ ‬هرئيل‭) ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭: ‬‮«‬التنظيمات‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬المخيم‭ ‬لا‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬هرمية‭ ‬منظمة‭ ‬وعلاقة‭ ‬أيديولوجية،‭ ‬وإنما‭ ‬تجمع‭ ‬ناشطين‭ ‬مسلحين‭ ‬من‭ ‬تيارات‭ ‬مختلفة‭. ‬ورُصدت‭ ‬محاولات‭ ‬كثيرة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬المخيم‭ ‬من‭ (‬غزوات‭) ‬عسكرية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أجهزة‭ ‬أمن‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬السلطة‭ ‬لم‭ ‬تجرؤ‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬أفراد‭ ‬شرطة‭ ‬مسلحين‭ ‬للعمل‭ ‬داخل‭ ‬المخيم،‭ ‬تحسبا‭ ‬من‭ ‬استهدافهم‭. ‬والوضع‭ ‬في‭ ‬جنين‭ ‬تصاعد‭ ‬مؤخرا،‭ ‬وعلى‭ ‬الأرجح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬ضعف‭ ‬سيطرة‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‮»‬‭.‬ أيضا،‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭ ‬تدفع‭ ‬لتحول‭ ‬مدينة‭ ‬جنين‭ ‬ومخيمها‭ ‬خاصة،‭ ‬لساحة‭ ‬مسلحة‭ ‬مواجهة‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬عامل‭ ‬الاحتلال‭ ‬نفسه‭ ‬واستمرار‭ ‬اقتحاماته‭ ‬لمحافظة‭ ‬جنين‭ ‬ومخيمها‭ ‬تحديدا‭ ‬واعتقال‭ ‬النشطاء،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الإحباط‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬الشارع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لغياب‭ ‬أي‭ ‬أفق‭ ‬سياسي،‭ ‬ناهيكم‭ ‬عن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المتدهورة‭ ‬وسياسات‭ ‬التهويد‭ ‬في‭ ‬القدس،‭ ‬والبناء‭ ‬الاستعماري‭/ ‬الاستيطاني‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مقارفات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وكلها‭ ‬مؤشرات‭ ‬دافعة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الانفجار‭. ‬وبعبارات‭ ‬أخرى،‭ ‬الاشتباكات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬جنين‭ ‬ومخيمها‭ ‬مع‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬حالة‭ ‬حتمية‭ ‬للنضال‭ ‬الفلسطيني‭. ‬ففي‭ ‬أي‭ ‬صراع،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬حلول،‭ ‬إما‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬مقاومة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬يهيمن‭ ‬عليها‭ ‬اليمين‭ ‬المتزمت،‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬يصبح‭ ‬بمثابة‭ ‬وصفة‭ ‬حتمية‭ ‬للمقاومة‭.‬

مشاركة :