الصهيونية..العنصرية المقبولة!

  • 10/22/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تظهر العنصرية في كثير من الحالات كفعل مستهجن بين البشر، لكن في حالات ليست بالقليلة، يمكن أن تتحول لفعل أو تصرف مقبول، بل ومرحباً به، إذا ما كانت مدعمة «بتنشئة اجتماعية» قادرة على عزل رذيلة العنصرية، عن ضمير الجماعة التي تُمارسها، وتصويرها كتصرف حسن. يمكننا تصويب النظر الى الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، كمثال حي على هذه الفكرة. فالاحتلال لم يفتأ عن ممارسة أشد أنواع العنصرية في حق الشعب العربي الفلسطيني، من خلال سياسة مُمنهجة، لا تُمارسها فقط الحكومة بوصفها سلطة «اغتصاب»، ولكن يشارك فيها المستوطنون. إن هذا الحقد المشاهد على الشاشات، والذي يتجلى في سياسة الإعدام الميداني للأطفال والنساء بدم بارد، ليس نتاجا لحالة طبيعية، إنما نتيجة لتربية سياسية، نجحت خلال فترة تشييد الكيان الغاصب، في تحويل فكرة «الجماعة المظلومة» إلى ترسانة من مشاعر الكراهية، ساهمت في إنتاج عنصرية «مقبولة» اجتماعياً ضد الفلسطينيين. لا شك لدينا بأن الصهيونية إيديولوجية عنصرية في تكوينها، وهي قائمة على فكرة «شعب الله المختار»، الذي يحظى بنظرة وتعامل خاص من الرب، وإن هذه «الفرادة» التي يتمتع بها الإسرائيلي جعلت منه فرداً، أو جماعةً مميزةً عن بقية خلق الله. وعليه، فإن الآخرين من خارج هذه الجماعة، لا يجب أن يحظوا باحترام وتقدير يساوي بين الصهيوني وبين غيره من الناس، وقد زاد من تنامي هذا الشعور، وربما أضفى عليه ما يشبه «الشرعية»، تلك الظروف التي مر بها يهود أوروبا إبان المحرقة النازية. إن عقلية الضحية التي رعتها الذاكرة الجماعية للصهيونية، نجحت بشكل كبير في إغلاق مسامات العقل عن التفكير النقدي داخل المجتمع الإسرائيلي. فعقلية «المظلومية» متوجسة ودفاعية بطبيعتها، ما بالك إذا كان الصراع مع عدو تاريخي. دائماً ما تخلق هذه المشاعر المتولدة عن فكرة المظلومية بنية تحتية مناسبة لجميع أنواع الانتهاكات الانسانية، وهذا بالضبط ما تنبه له البرفسور الإسرائيلي دانيئل بارطال بعد دراسة معمقة لنفسية المجتمع الإسرائيلي، صدرت له عام 2007م، وأثارت ضجة في أوساط الكيان الصهيوني. اكتشف بارطال أن العقلية «المضطهدة» تبني أسواراً مُحكمة على الذات الجماعية، فلا تسمح باختراق السردية التاريخية لمظلوميتها، فتعطي بذلك حصانة للذات عن الزلل، وعصمة من الخطأ، في مقابل رمي كل موبقات الكون على الآخرين، الذين لا يملكون بطبيعة الحال السمات والفضائل الإنسانية، التي يملكها الفرد اليهودي حصراً. موشي كتساف رئيس دولة إسرائيل في السياق ذاته يقول التالي: «هناك فجوة واسعة بيننا وبين أعدائنا ليس فقط في المقدرة، وإنما في الأخلاق والثقافة وقدسية الحياة». إن مشاعر المظلومية تغتال العقل. فالعنصرية ليست سمة بيولوجية في الإنسان، لكن الفرد ابن بار لجماعته، فالتنشئة الاجتماعية قد تخلق منه شخصاً عنصرياً، إذا ما هُيئت له البيئة المحفزة.

مشاركة :