دخلت عمليات إجلاء الأجانب والأفغان من أفغانستان، مرحلتها الأخيرة في مطار كابول، عشية الانسحاب الأميركي الكامل المرتقب وسط خشية من وقوع هجوم جديد. يأتي ذلك فيما نفذت الولايات المتحدة، أمس، في كابول ضربة «دفاعية» لطائرة من دون طيار استهدفت آلية مفخخة بهدف «القضاء على تهديد وشيك» للمطار مصدره تنظيم «داعش-ولاية خراسان»، حسبما أفاد البنتاجون. وقال بيل أوربان، متحدثاً باسم القيادة المركزية: «إن القوات الأميركية شنت ضربة جوية دفاعية بوساطة طائرة من دون طيار من خارج أفغانستان استهدفت آلية في كابول، وقضت على تهديد وشيك لتنظيم داعش-ولاية خراسان ضد مطار حامد كرزاي الدولي». وأضاف: «نحن واثقون بأننا ضربنا الهدف». وتابع: «نتأكد من احتمال سقوط ضحايا مدنيين»، موضحاً أن لا مؤشرات حتى هذه الساعة على حصول هذا الأمر. وأوضح أوربان أن انفجارات ثانوية مصدرها الآلية أظهرت وجود كمية كبيرة من المواد المتفجرة، مؤكداً أننا نبقى يقظين بإزاء تهديدات مقبلة محتملة. وكان الرئيس جو بايدن حذر من هجوم «محتمل جداً» بعد هجوم الخميس قرب مطار كابول، والذي تبناه تنظيم «داعش»، وخلف أكثر من مئة قتيل بينهم 13 جندياً أميركياً. ورداً على ذلك، شنت واشنطن ضربة بوساطة طائرة من دون طيار في أفغانستان، أسفرت عن مقتل عنصرين في التنظيم المتطرف وإصابة ثالث، محذرة من أن هذه الضربة لن تكون «الأخيرة». من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، أن 300 مواطن أميركي لا يزالون في أفغانستان بانتظار إجلائهم، قبل أيام من حلول الموعد النهائي الذي حددته واشنطن لإنهاء عمليات الإجلاء. وقال بلينكن لشبكة «إيه بي سي»: «نعمل بشكل نشط خلال هذه الساعات والأيام لإخراج هؤلاء الأشخاص». وتم إجلاء نحو 114 ألفاً و400 شخص من أفغانستان، بينهم نحو 5500 مواطن أميركي عبر جسر جوي ضخم منذ الرابع عشر من أغسطس، أي عشية سيطرة «طالبان» على كابول. وأوضح جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن لشبكة «فوكس» أن من اختاروا البقاء «لن يعلقوا في أفغانستان»، من دون أن يحدد عدد هؤلاء. وقال: «سنتأكد من وجود آلية لإخراجهم من البلاد إذا أرادوا العودة مستقبلاً»، مؤكداً أن «لطالبان تعهدات في هذا الصدد». وتراجعت وتيرة عمليات الإجلاء في الأيام الأخيرة، في وقت أعلنت دول أوروبية عديدة من بينها بريطانيا وفرنسا، إنهاء عملياتها للإجلاء، مع ترقب الانسحاب الأميركي الكامل في 31 أغسطس بعد حرب عقيمة دامت عشرين عاماً ضد طالبان. وتثير هذه المدة القصيرة خشية من عدم التمكن من إجلاء قسم من الأفغان الذين يقولون إنهم مهددون من جانب «طالبان»، خصوصاً الذين كانوا يعملون مع قوات أو مدنيين أجانب خلال العقدين الأخيرين. وتحوّلت حال الفوضى في مطار كابول الذي يتجمّع حوله آلاف المرشحين للإجلاء، إلى مأساة يوم الخميس جراء حمام الدم الذي تسبب به الهجوم الانتحاري الذي نفذه تنظيم «داعش»، عدو حركة طالبان ومنفّذ اعتداءات دامية أخرى في البلاد في السنوات الأخيرة. ولا يزال مستوى التوتر مرتفعاً. فقد اعتبر بايدن أن «الوضع على الأرض يبقى بالغ الخطورة وخطر هجوم إرهابي على المطار يبقى مرتفعاً». وأضاف: «أبلغني قادتنا بهجوم محتمل جداً خلال الساعات الـ24 إلى الـ36 المقبلة». إلى ذلك، أفاد مسؤول في «طالبان» بأن الحركة أعدت فريقاً يضم خبراء فنيين ومهندسين لتولي مسؤولية المطار. وأضاف: «نحن في انتظار الإشارة الأخيرة من الأميركيين لنتولى بعدها السيطرة الكاملة على مطار كابول، إذ أن الجانبين يستهدفان تسليماً سريعاً». وتسبب انهيار الحكومة الأفغانية في فراغ إداري، أدى إلى مخاوف من أزمة اقتصادية وانتشار الجوع. وتتزايد أسعار سلع مثل الدقيق والزيت والأرز، في حين تنخفض قيمة العملة مع رفض متعاملين في باكستان قبول العملة الأفغانية. وأمر المسؤولون البنوك أمس الأول بفتح أبوابها، وفرضوا حداً على السحب بما قيمته 200 دولار أو 2000 أفغاني. بايدن يستقبل رفات العسكريين القتلى توجه الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، إلى قاعدة «دوفر» الجوية لتكريم جنود أميركيين قتلوا في الهجوم الانتحاري خلال عمليات إجلاء للمدنيين من مطار العاصمة الأفغانية كابول الأسبوع الماضي. وتسبب الهجوم الانتحاري الذي نفذه تنظيم «داعش» خارج مطار كابول، يوم الخميس الماضي، في مقتل عشرات الأفغان و13 جندياً أميركياً. ووقع الهجوم خارج بوابتين للمطار، حيث كان الآلاف محتشدين في محاولة للعثور على أي مكان على متن طائرة مغادرة، في إطار محاولات للفرار منذ استولت حركة طالبان على السلطة في 15 أغسطس. وتعهد بايدن بمعاقبة المسؤولين عن الهجوم. وقال الجيش الأميركي: إنه قتل مسلحين اثنين من التنظيم المسؤول عن الهجوم في هجوم بطائرة مسيّرة في أفغانستان. جونسون يدافع عن «الجسر الجوي» دافع رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون عن الجسر الجوي البريطاني للإجلاء من كابول، وأشاد بأداء الجنود للمهمة. وغادرت آخر طائرة حربية بريطانية كابول، في وقت متأخر أمس الأول، في ختام أسبوعين من الفوضى ساعد الجنود خلالهما في إجلاء أكثر من 15 ألف شخص من الحشود، التي تدفقت على مطار العاصمة واستماتت في محاولة الفرار. وقال جونسون: إن بريطانيا لم تكن ترغب في مغادرة أفغانستان بهذه الطريقة، بعد وجودها هناك الذي استمر قرابة 20 عاماً، لكنه قال: إن القوات المسلحة يجب أن تفخر بإنجازاتها مع ذلك. وقال جونسون في مقطع مصور على الإنترنت: «أشكر كل من قام بدور وأعتقد أن بإمكانهم أن يفخروا بما فعلوا». وقال ريتشارد دانات رئيس أركان الجيش البريطاني السابق: إن الحكومة بحاجة الآن إلى إجراء تحقيق لمعرفة لماذا لم تكن مستعدة لسقوط أفغانستان سريعا في أيدي «طالبان». وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس: إن نحو ألف شخص مؤهلون للحضور إلى بريطانيا، ومن بينهم عاملون سابقون مع البريطانيين، لن يخرجوا من أفغانستان على الأرجح.
مشاركة :